حلب | في ليلة واحدة، فقدَ محمد علي الكرجة عائلته بأكملها، بعدما سوّت الهزة الأرضية التي ضربت مدينة حلب، فجر أمس، المبنى الذي يقطنه في حيّ الكلاسة الشعبي بالأرض. يروي الشابّ العشريني، لـ«الأخبار»، تفاصيل الواقعة التي بدت كلمح البصر، قائلاً: «هرع سكّان المبنى فوراً إلى الشارع، كغيرهم من أبناء الحيّ، عند الشعور بهزة أرضية، لكن عند التأكّد من أن الهزة انتهت، صعدوا إلى المبنى، لكنّ هزة ثانية أقوى فأجاتهم، فسقط البناء بأكمله»، مضيفاً إن «فرق الإنقاذ لا تزال تزيل الأنقاض»، آملاً في تمكّنها من «الإبقاء على بعض من أفراد عائلته».حال هذا الشاب تنطبق على عائلات حلبية كثيرة فقدت أحبّتها في الزلزال الذي دفع الناس إلى الخروج إلى الشوارع بأعداد كبيرة - على رغم الجوّ العاصف والماطر، والمثلج أحياناً -، خوفاً من سقوط الأبنية فوق رؤوسهم، وخاصة أن مدينة حلب، كغيرها من المدن السورية، غير مجهّزة لمواجهة كوارث طبيعية كهذه. وتتحدث عائشة مرعي، وهي أمّ لثلاثة أولاد كانوا موجودين معها منذ الفجر في شارع بارون القريب من ساحة سعد الجابري، والذي انهار فيه مبنى كامل متسبّباً بسقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، كيف تصدّع بيتها القريب من المبنى المنهار، وهو ما ردعها عن العودة إليه خوفاً من سقوطه في حال حصول هزة إضافية بالقوة نفسها، وهو ما فعله معظم الحلبيين الذين بقوا في الشوارع، وخاصة بعد توالي الهزات الارتدادية.

خطّة مواجهة
بعد مضيّ عدّة ساعات على الزلزال، بدأ يتكشّف حجم المأساة التي أصابت مدينة حلب، حيث بلغ عدد الضحايا، حتى ظهر أمس، بحسب مصدر في الطبابة الشرعية، تحدّث إلى «الأخبار»، ما يقارب الـ 130 قتيلاً، بينما تجاوز عدد الجرحى الـ 300. على أن هذه الحصيلة بقيت مرشّحة للارتفاع، في ظلّ استمرار عمليات إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين في الأبنية المنهارة التي فاق عددها الأربعين، أغلبها في مناطق السكن العشوائية، مع تواصل سماع أصوات سيارات الإسعاف في شوارع المدينة، واكتظاظ المشافي بالجرحى واستمرار توافدهم من المناطق المتضرّرة.
بعد مضيّ عدّة ساعات على الزلزال، بدأ يتكشّف حجم المأساة التي أصابت مدينة حلب


وكانت محافظة حلب قد شكّلت غرفة عمليات خاصة فوراً، مستنفِرةً الجهات كافةً من الدفاع المدني والمشافي والإطفاء، وسط توقّعات بأن تزيد الكارثة من وضْع حلب سوءاً. ويؤكد رئيس مجلس المدينة، معد مدلجي، لـ«الأخبار»، استنفار كلّ المؤسسات العامة للتقليل من حجم الكارثة، ومحاولة إنقاذ الناجين، مضيفاً أنه جرى وضع كلّ الآليات اللازمة، بمؤازرة من القطاع الخاص والجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية الإغاثية الموجودة في المدينة. كذلك، أشار مدلجي إلى تأمين قرابة 200 مركز لإيواء عشرات الضحايا ممّن فقدوا بيوتهم، مع تأمين الوجبات الغذائية والمواد الإغاثية من حرامات وفرش وسلل طعام وغيرها، داعياً المواطنين إلى الإبلاغ عن أيّ حالة تصدّع في الأبنية من أجل اتّخاذ الاحتياطات، ومنع سقوطها في حال تكرار الهزات الأرضية.