الحسكة | تشهد العلاقات بين حكومة إقليم كردستان العراق و«قسد»، توتّراً متصاعداً، منذ مطلع العام الجاري، بعد اتهامات الأولى للأخيرة بالتضييق على أحزاب «المجلس الوطني» الكردي - المدعومة من الإقليم -، ومنعها من عقْد مؤتمرها في مدينة القامشلي، وزيارة رئيس «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني»، بافل طالباني، إلى الحسكة، دون تنسيق مع إدارة الإقليم، وما تلاها من إسقاط مروحية تحمل قيادات من «قسد» في السليمانية، وحادثة استهداف قائدها العام، مظلوم عبدي، بالقرب من مطار السليمانية أيضاً. هذه التطورات، في مجملها، زادت من حدّة التوتّر بين الجانبَين، ولا سيما في ظلّ إصرار «الإدارة الذاتية» على عدم السماح لقيادات أحزاب «المجلس الوطني»، بالعبور من الحسكة في اتجاه الإقليم، لعقد مؤتمرها في أربيل بدلاً من القامشلي، وعدم الاستجابة لطلب قيادة الإقليم في هذا الخصوص. لهذا، جاء قرار حكومة كردستان إغلاق معبر «فيش خابور - سيمالكا» غير الشرعي مع مناطق سيطرة «قسد»"، متوقّعاً، وسط أنباء أيضاً عن ضغوط تمارسها تركيا على قيادة الإقليم لاتّخاذ مثل هذه الخطوة.وأعلنت إدارة المعبر، في بيان، الخميس الماضي، «إغلاق المعبر بشكل كامل، بما في ذلك العبور التجاري والدبلوماسي، حتى إشعار آخر»، مانحةً «مهلة لمدّة أسبوع لحاملي الإقامات الأوروبية والمرضى لتسوية أوضاعهم والبقاء في سوريا، أو المغادرة في اتّجاه العراق، أو بالعكس». وبعد أقلّ من ساعتَين على الإعلان، سرّبت وسائل إعلام كردية، مدعومة من الولايات المتحدة، معلومات عن بدء «وساطة أميركية بين الطرفَين لإعادة تشغيل المعبر من جديد». في هذا الإطار، نقل موقع «نورث برس» الكردي، عن ثلاثة مصادر، قولها إن «هناك وسيطاً أميركيّاً يبحث ملفّ المعبر مع الطرفَين السوري والعراقي»، وإن «واشنطن تبذل جهوداً حثيثة لتسهيل إجراءات العبور بين الطرفَين». وتحرص واشنطن على عدم تعطيل حركة المرور بين الجانبَين، ذلك أنها تستخدم المعبر لنقل الجنود والعتاد والأسلحة إلى مناطق سيطرة «قسد»، فضلاً عن تبديل المناوبات لجنودها وضباطها بين المنطقتَين، بالإضافة إلى استخدام المعبر لتهريب النفط والقمح السوري في اتّجاه شمال العراق ومنه إلى تركيا، عبر معبر إبراهيم الخليل. كذلك، فهي تسعى إلى الإبقاء على علاقات مقبولة بين حليفَيها الكرديَّين، وخاصّة أنّها تتوقّع مزيداً من الضغوط الروسية - التركية - الإيرانية على قواتها في سوريا خلال الفترة المقبلة، في حال نجاح الجهود في إنجاز المصالحة بين أنقرة ودمشق، واتفاق «الرباعية» على ضرورة إنهاء الوجود الأميركي في سوريا.
يُتوقّع أن يعاد فتح المعبر أمام حركة الركاب والمرضى وحاملي الإقامات الأوروبية خلال الأيام المقبلة


من جهته، كشف مصدر كردي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الأمور بين الطرفَين متوتّرة في الأساس نتيجة تراكمات وانعدام الثقة بينهما في ملفاّت سابقة، وخاصة في ما يتعلّق بعدم استجابة "حزب الاتحاد الديموقراطي"، الذي يقود "الذاتية"، لوساطة الإقليم، من أجل تشارك الإدارة بينه وبين أحزاب "المجلس الوطني"»، مشيراً إلى أن «السبب الرئيس وراء الإغلاق يعود إلى منْع الإدارة الذاتية وفداً من شخصيات عربية وكردية وسريانية، ووفد الهيئة الرئاسية لأحزاب "المجلس الوطني"، العبور إلى الإقليم والمشاركة في حفل افتتاح متحف بارزاني في قرية برزان، بعد تلقّيهم دعوة رسمية». واستبعد المصدر أن «يكون لقرار إغلاق المعبر أيّ ارتباط بالتقارب السوري - التركي، أو أن إدارة الإقليم تعمّدت إغلاقه استجابة لضغوط تركية لمحاصرة مناطق الإدارة الذاتية»، متوقعاً أن «تنجح الوساطة الأميركية بين الطرفَين»، وأن يعاد فتح المعبر أمام حركة الركاب والمرضى وحاملي الإقامات الأوروبية، خلال الأيام القليلة المقبلة.