جرمانا | في «شعبة إغاثة جرمانا» لجنة تجري مقابلات لـ«الأسر المستحقة» في إحدى مدارس منطقة البلدية وسط جرمانا. أربع طاولات تجلس خلفها مجموعة من شباب «الهلال»، يمر أمامها يومياً نحو 150 أسرة مهجرة. الشرط الأهم يكمن في توافر عقد إيجار لهم أو مع أقاربهم، ولو كان المنزل «على العضم»، تنظمهم في جداول الإعانة ليأخذوا سلالهم الغذائية بمعدل مرة كل ثلاثة أشهر.
ملعب جرمانا تحول إلى مستودع لتوزيع المعونات. ألف سلة تقريباً توزع يومياً لثمانمئة أسرة، ومن لديه أكثر من سبعة أفراد يحصل على سلتين. يحمل المهجرون دفاتر العائلة، وبطاقة الحاجيات التي تحدد ما تستحق كل أسرة، بوجود رب أسرة أو من دونه، حيث تتضمن السلة مواد غذائية عدة (زيت ـ برغل ـ أرز ـ دواء ـ أغطية ـ فرش ـ معلبات ـ حليب أطفال مجفف). الناس يجلسون على المدرج الخارجي ينتظرون، بينما يتراكم في قبو الملعب جزء من مواد الإغاثة، والجزء الآخر ينتظر في سيارات «منظمة الأغذية العالمية».
ثمة العشرات ممن يرتدون بزات «الهلال الأحمر» السوري في المركز داخل الملعب.
توزع السلال، بينما يتفرغ سكان «المركز» لإيواء العائلات الطارئة، مؤقتاً، حتى يجدوا منازل تؤويهم.
«لدينا 40 ألف عائلة مهجرة، وقدرة أكبر مركز لا تتجاوز ستة آلاف عائلة، لكن نستطيع توزيع ثلاثمئة سلة خلال 20 يوم عمل في الشهر»، يقول رامي أبو صالح من شعبة إغاثة جرمانا لـ«الأخبار». ويشرح أن غالبية الأسر المهجرة تأتي من المناطق الساخنة في ريف دمشق، وبعضها من محافظات أخرى. ويضيف: «كثيراً ما يتوقف تسجيل الأسر بسبب التزايد، هناك جمعيات خيرية مساهمة، لكنها لا تكفي، وتفتقر إلى مهارة التعامل مع المهجرين وتنظيم العمل».
طبياً وإنسانياً يعمل فريق «الهلال الأحمر» تطوعياً، ولا يمكن ضبط الشجار إن حدث هنا. المهجرون يتعاملون مع فرق الإغاثة كأنهم موظفون، الأمر الذي يؤخر توزيع الإعانات. يُؤرشَف كل ما يوزع وترسل البيانات للمنظمات الداعمة لتعيد إرسال البديل. يدور بين أعضاء الفريق حديث عن سرقة بعض خزانات الماء المخصصة لمراكز الإيواء، فيشرح رائد، أحد المتطوعين، أنّه «سرق خزانا ماء أول من أمس من الملعب، كانا مخصصين لتوفير الماء لأحد مراكز إيواء النازحين في جرمانا». سرقات مشابهة يعاني منها النازحون بعد تسلمهم سلالهم.
عصام، أحد المهجرين من بيت سحم، يروي لـ«الأخبار» كيف ترك ابنه قرب سلة الإغاثة التي منحه إياها المركز في الملعب، وذهب ليتسلم بقية السلال من قبو الملعب، كونه يعيل ثلاث أسر من أقربائه، فعاد ليجد ابنه وحيداً أمام الأغطية الرمادية فقط!
الكارثة الكبرى التي ينتظرها العمل الإغاثي هي الجفاف. ويعطي مثلاً وضع الماء في محافظة السويداء التي في تناقص كبير، بحسب ما يشرح رامي أبو صالح.
ويقول «إن الماء التي في السويداء عبارة عن مستنقعات طبيعية من أمطار الشتاء، نسبة السموم فيها مرتفعة. لا يحاول الناس استخدامها للغسيل، فما بالك بالشرب. لا يوجد حلّ، حتى استخدام الكلور قد يكون مثل مضادات بكتيرية فقط، والمرحلة الثانية هي مرحلة الحصويات، وذلك يحل أزمة بسيطة، فالمادة السامة باقية». وفي جرمانا ثمة ما يشبه هذه المشكلة، إنما في السموم الكلسية. ويضيف أبو صالح: «نحتاج لمحطات تدوير (الشبة) والجهات المسؤولة رسمياً لم توافق على إحداثها في السويداء أو القنيطرة أو حتى جرمانا لإعتبارها (حسنة) خارجية مسيئة لخدمات البلد».