فيما كان باراك أوباما يعتزم تخصيص يومي الاثنين والثلاثاء لعرض خطته القاضية بشن ضربات عسكرية «عقابية» ضد النظام السوري والمضي بإقناع النواب والشيوخ والرأي العام بقراره، وجد الرئيس الأميركي نفسه بصدد التعليق على مبادرة دبلوماسية روسية مفاجئة تقضي بفرض رقابة دولية على ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية وتدميرها. مبادرة قال فيها بعض الصحافيين الأميركيين أمس إنها كانت «هفوة حمقاء» تفوّه بها جون كيري أثناء مؤتمره الصحافي في لندن. «لم يكن يتوقّع كيري أن يؤخذ كلامه على محمل الجد من قبل الروس» قال بعض المعلّقين الصحافيين أمس فيما كشفت بعض مصادر الخارجية الأميركية أن «لافروف تحدّث مع كيري هاتفياً قبل عقد المؤتمر الصحافي في لندن».
لكن تلك المصادر لم توضح إذا كان كيري قال للافروف إنه يعتزم الإشارة الى المبادرة في المؤتمر الصحافي.
وفي سلسلة مقابلات تلفزيونية أجراها أوباما، أعلن أن الاقتراح الروسي القاضي بوضع ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية تحت إشراف دولي يجنّبها الضربات العسكرية، قد يشكّل «اختراقاً كبيراً»، لكنه حذّر من أنه «لم يصرف النظر عن الحلّ العسكري». وشدّد في كافّة إطلالاته التلفزيونية على أن الخطة الروسية التي وافقت عليها سوريا جاءت نتيجة موقف الولايات المتحدة التي أظهرت جدّية تهديدها باستخدام القوة العسكرية.
وقال أوباما، لشبكة «إن بي سي»، «اعتقد أن ما نراه الآن هو أن تهديداً جدياً من الولايات المتحدة بشن ضربة عسكرية وبدعم محتمل من عدد من دول العالم، جعلهم يتوقفون قليلا للتفكير ويدرسون ما اذا كان يتحتم عليهم الاقدام على هذه الخطوة». وتابع «اذا فعلوا ذلك، فقد يشكل الامر اختراقا هامّاً. لكن علينا التشكيك لأن هذا ليس الاسلوب الذي رأيناهم يتصرفون بموجبه خلال السنتين الماضيتين».
وحرص الرئيس الاميركي في مقابلاته التلفزيونية الستّ على الاشارة الى أنه «بحث المسألة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة مجموعة العشرين الاسبوع الماضي في سان بطرسبورغ». وقال أوباما، لشبكة «فوكس نيوز»، «اذا كان بوسعنا بذل هذه الجهود الدبلوماسية والخروج بآلية قابلة للتطبيق من أجل التعامل مع الاسلحة الكيميائية في سوريا، فسنؤيد ذلك تماما».
وتأكيداً لكلام أوباما، أعلن المتحدث باسم الكرملين أمس أن الرئيسين الروسي والاميركي «بحثا مسألة الإشراف الدولي على الاسلحة الكيميائية السورية أثناء لقائهما على انفراد في قمة مجموعة العشرين الاسبوع الماضي». ورفض ديميتري بيسكوف أن يوضح من كان وراء هذه الفكرة، وقال «لا ننشر مضمون المحادثات».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن الاقتراح الذي طرحه ليس «مبادرة روسية بالكامل». وشرح «لقد انبثقت من اتصالات أجريناها مع نظرائنا الاميركيين، من تصريحات جون كيري بالامس الذي عرض إمكانية تجنّب توجيه ضربات».
وفي ما يتعلق بتصويت الكونغرس على القرار المرفوع من البيت الأبيض، أعلن السناتور هاري ريد أنه تمّ إرجاء التصويت الاولي الذي كان مقررا أمس في مجلس الشيوخ، وذلك إثر الاقتراح الروسي حول الترسانة الكيميائية السورية وبانتظار الكلمة التي سيوجهها أوباما الى الأميركيين. وقال زعيم الديموقراطيين «لا أرى أننا في حاجة» الى التصويت سريعاً، مضيفا «علينا أن نمنح الرئيس فرصة التحدث الى جميع اعضاء مجلس الشيوخ المئة والى 300 مليون أميركي قبل أن نقوم بذلك».
من جهته، قال أوباما إنه «غير واثق من الحصول على دعم النواب والشيوخ في شأن استخدام القوة العسكرية في سوريا»، وأضاف «أنا واثق بأن أعضاء الكونغرس سيتعاملون مع هذه المسألة بجدية كبيرة وسيبحثونها عن كثب». وأردف «لن أتكهّن أنكم ستشهدون سلسلة من عمليات التصويت هذا الاسبوع».
وأعلن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أمس أنه سيصوّت «ضد القرار» المعروض على المجلس. وقال ماكونيل، في بيان، «من الواضح أنه لا يوجد خطر جسيم يهدد الأمن القومي (الأميركي)» في ما يتعلق بسوريا. وأضاف أن هناك «الكثير من الأسئلة تبقى بلا إجابات بشأن الاستراتيجية الأميركية في سوريا» وأن الضربة المقترحة قد تكون «مجرد تجربة» في حين أن الاقتراح الروسي بتسليم الأسلحة الكيميائية السورية «جدير بالبحث».
واستكمالاً لتداعيات الاقتراح الروسي ــ الأميركي، قال عضو مجلس النواب الاميركي جين غرين إن كبير موظفي البيت الابيض دينيس مكدونف أبلغ الاعضاء الديمقراطيين في المجلس أمس أن «الدبلوماسية تتقدّم على العمل العسكري بخصوص سوريا الآن، ولها الأولولية عليه».
وأشار غرين الى أنه يتلقى رسائل الكترونية من النواب يقولون فيها إنهم «يريدون حلاً دبلوماسياً»، وأضاف «وهذا ما يحصل الآن». وتابع «سنعود الآن لمناقشة أمورنا العادية مثل سقف الدين وغيرها من القضايا المطروحة للنقاش والتصويت في الكونغرس».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)