موسكو | بدأت روسيا تتحدث عن تطبيق إجراءات اقتصادية تهدد التبادل التجاري بين البلدين، الذي يصل إلى 44 مليار دولار سنوياً. ثلاثون ملياراً من هذا المبلغ تشكل قيمة تصدير واستيراد بضائع بين البلدين، تضاف إليها مليارات من الاستثمارات المتبادلة.
علاوة على ذلك، تعتبر تركيا خامس شريك تجاري لروسيا، بحصة 4.6% من حجم التجارة الخارجية الروسية، بعد الصين وألمانيا وهولندا وإيطاليا، فيما كان من المخطط رفع مستوى التبادل التجاري ليبلغ 100 مليار دولار مع حلول عام 2023، بحسب تمنيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أفصح عنها خلال زيارته موسكو قبل شهرين. كذلك يُسجل لأنقرة عدم موافقتها على الانضمام إلى العقوبات الغربية على روسيا، طارحة نفسها شريكاً اقتصادياً واعداً لموسكو.
وبعد توصية وزارة الخارجية للمواطنين الروس بتجنّب السفر إلى تركيا، بات قطاع السياحة الذي انتفعت منه تركيا، على مدى عقود، في خطر. وفي السياق، فقد أعطت السلطات الروسية تعليماتها، بالتعاون مع اتحاد شركات السياحة، لتقديم التعويض المالي للمواطنين الممتنعين عن استعمال عقودهم السياحية التي تمّ شراؤها سابقاً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن عدد السياح الروس يعدّ الثاني، بعد الألمان الزائرين لتركيا، وقد بلغ 4.5 ملايين سائح في العام الماضي، من إجمالي 42 مليون سائح أدخلوا 32 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي.
تمثّل صادرات الطاقة القسم الأساس من حجم التبادل التجاري


ويبدو أن إسقاط طائرة الـ»سوخوي» سيلغي العديد من المشاريع المشتركة، فضلاً عن خسارة ستمنى بها شركات تركية، بخروجها من السوق الروسية. مثلاً، تشكل صادرات الطاقة القسم الأساس من حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي بلغ 18.1 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، ذلك أن روسيا تغذي تركيا بنصف احتياجاتها من الغاز. ويرجّح خبراء اقتصاديون أن يهدّد توتر العلاقات بين البلدين مصير مشاريع نقل الغاز الروسي إلى تركيا، ضمن مشروع السيل الجنوبي، الذي من المفترض أن يؤمن 63 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى أوروبا.
الأمر لن يقتصر على ما تقدم، فإعادة النظر في العلاقات الروسية ــ التركية سيناقش مصير بناء أربعة مفاعلات نووية، بقدرة إنتاجية 1200 ميغاوات، في محطة «آك كويو» الكهروذرية التركية التي تقوم شركة «روس أتوم» الروسية ببنائها. بناءً عليه، صرّح وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي أولوكايف بأن بناء المحطة الكهروذرية «أك كويو» ومشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا، عبر قاع البحر الأسود، قد يقعان تحت إجراءات الحظر الروسي على تركيا.
وفي الإطار ذاته أيضاً، طلب رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف من حكومته إعداد سلسلة إجراءات اقتصادية، في غضون أسبوعين، رداً على «العمل العدائي» لتركيا. ولمّح من دون الخوض في التفاصيل إلى إمكان تعليق مشاريع مشتركة وزيادة التعرفات الجمركية، وتقييد تحركات الطائرات التركية في المجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الإقليمية الروسية. كذلك قد يتأثر تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا.
كذلك، أعلن وزير الزراعة الروسي ألكسندر تشاكيف تشديد الرقابة على المنتجات الزراعية والغذائية المستوردة من تركيا، فيما تشير الصحافة الروسية إلى أن الجمارك تعاين بدقة جميع البضائع التي تصل من تركيا، ما يسبب تأخيراً وعراقيل.
تركيا استفادت من تجارة النفط مع «داعش»، وفق ما تشير المعطيات، وذلك من خلال شراء برميل النفط بسعر زهيد وبيعه بأسعار عالية، وهو ما يعدّ مقامرة وضعت أنقرة على حافة اندلاع نزاع مع موسكو. ورغم أن موسكو لا تسعى وراء ذلك، إلا أن للنزاعات أوجهاً كثيرة، منها اقتصادية بدأت بوادرها تلوح في الأفق.