يتركُ الصمت فراغاً صوتيّاً عادةً، إلا أنه يظهر مرئيّاً في صور الورود البريّة المنتشرة في إحدى مناطق الكورة في لبنان. الورود تشيخ أيضاً كما الجسد البشري، فتنكمش، وتمدّد خيوطاً بيضاء رقيقةً بين أغصانها كما يكشط الجلد عن اللحم واللحم عن العظم في الفراغات ما بين أصابع اليد لدى الكهول. تبزغ الورود وتستدير أعضاؤها، ويخرج لسان من فم أخرى، فيما يتدفّق بعضها كإشعاع ساخن. تكاد هذه النباتات لا تُرى في مناطق بريّة شاسعة ومتشابكة. كائنات حيّة متنافرة، تتطلّب بحثاً يشبه الإصغاء لضآلتها، ولحاجتها إلى فضاء مقلّ لكي تنبت وتستقيم أو تتمدّد أفقيّاً. يُخلّف اللونان الأسود والأبيض على الصور تأثيراً تجريدياً يقترب من الهلوسة، فيفصل الورود عن ظاهرها الحرفيّ. ما نراه ليس وردة تماماً. قد نستعير من لوحات جورجيا أوكيف السؤال إيّاه عمّا إذا كانت تلك التي نراها وروداً أم أعضاء أنثويّة، أو أن ضوء الكاميرا يسقط على الوردة كإصبع ينقر على أجساد عارضات المصوّرة فرانشيسكا وودمان. هكذا تعالج الفنانة اللبنانية دزوفيغ أرنيليان نباتاتها: تمدّ إصبعاً إلى الوردة لكي تقطف الضوء، ولكي تنتزع النباتات عن معناها الوحيد، مُظهّرة الهشاشة على ورود تشقّ الفضاء البرّي كندوب فجّة.(نص: روان عز الدين)

(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)


(دزوفيغ أرنيليان - من مجموعة «ورود» الفوتوغرافيّة - 2022)