في شباط الماضي، توقعت مؤسسة الدراسات والأبحاث «غارتنر» شحن ثلاثة ملايين طائرة من دون طيار (Drones) لأغراض شخصية وتجارية هذه السنة. فيما تتوقع إدارة الطيران الفيدرالية أنه، بحلول عام 2020، سيكون هناك 7 ملايين طائرة من دون طيار صغيرة تحتل المجال الجوي الأميركي. إذاً، مستقبل هذه الطائرات إلى ازدهار سريع، وسط توقعات بأن تصل عائدات السوق العالمية للطائرات من دون طيار إلى 6 مليارات دولار بحلول نهاية 2017 و11.2 مليار دولار بحلول 2020، وفق «غارتنر».
لذلك، لا بد من إيجاد حلول لمشاكل عدة تواجه هذه الطائرات الصغيرة، أبرزها تشتت حركة الصورة motion blur عند التقاط الصور في ظروف غير مناسبة، مثل التصوير حين تكون السماء غائمة، الصور الفائقة الطيفية وصور الرؤية الليلية. هذه التطبيقات وغيرها تحتاج إلى وقت تعريض طويل long exposure time خلال التقاط الصورة، أي دخول كمية كافية من الضوء إلى حساس الكاميرا، وهذا الأمر يعطي في ظل اهتزاز الكاميرا أثناء تحليق الطائرة صورة غير واضحة، وبالتالي لا يمكن الاستفادة منها لمعالجتها في خوارزميات أكثر تعقيداً. في هذه الظروف تحديداً (عاصفة قوية أو حريق ضخم على سبيل المثال) قد يحتاج الخبراء إلى الاستفادة القصوى من الطائرات من دون طيار لالتقاط صور ومعالجتها بهدف اتخاذ قرارات سريعة.
لا تملك هذه الطائرات القدرة على الطيران بشروط دقيقة بما فيه الكفاية من الاستقرار، وهو أمر غير مناسب لأنواع معينة من المهمات، وخصوصاً أن استخداماتها كثيرة ومتنوعة: من التصوير الفوتوغرافي المحترف ورسم الخرائط، الرصد والمراقبة في الوقت الحقيقي، المساحة التصويرية والبحث والإنقاذ والاستجابة البصرية في الوقت الحقيقي لحالات الطوارئ... لذلك، كيف يمكننا معالجة هذه المشكلة إذا كنا بحاجة إلى القيام بمعالجة الصور؟

يقدّم البحث خوارزمية تجميع أوتوماتيكي في الوقت الحقيقي لتنتج صورة مركبة نهائية واضحة


هذا السؤال طرحه وأجاب عنه المهندس أحمد عودة، طالب الدكتوراه في جامعة باريس 13، في رسالته المدعومة من المعهد الوطني للمعلومات الجغرافية والغابات IGN ــــ فرع أنظمة تكنولوجيا المعلومات.
سيناقش ابن الـ 27 عاماً القادم من بلدة الخضر في بعلبك رسالته نهاية هذه السنة لشرح كيف تمكّن من حلّ مشكلة تشتت الصور الملتقطة في ظروف صعبة من الطائرات من دون طيار عن طريق التقاط صور عدة في وقت تعريض قصير short exposure time، واستخدام خوارزمية معالجة الصور لإنتاج صورة مجمّعة بما يعادل وقت تعريض طويل، وبالتالي إعطاء صورة واضحة. يقدّم البحث خوارزمية تجميع أوتوماتيكي في الوقت الحقيقي (real time) لتنتج صورة مركبة نهائية واضحة ذات مساحة تصويرية نوعية معادلة لصورة ذات وقت تعريض طويل. تقوم الخوارزمية بالتقاط صور عدة في وقت تعريض قصير، ومن ثم مطابقة الصور بالاعتماد على تقنية feature-based image registration. يشرح عودة الخوارزمية المطوّرة بشكل مبسّط: يتم التقاط 10 صور متتالية بمعدل أطر حساس الكاميرا في وقت تعريض قصير، ومن ثم تقوم الخوارزميات بإيجاد الحركة الموجودة بين الصور من خلال أجهزة الاستشعار الموجودة في الكاميرا (وحدة القياس بالقصور الذاتي) التي تعطي معلومات عن حركة الكاميرا بشكل متواز مع كل صورة ملتقطة. للحصول على المعلومات الصحيحة لإعادة تجميع الصور، فإن الطريقة المقترحة تقدّر بدقة التحول الرياضي بين الصورة الأولى والصور اللاحقة. عندما نحصل على العلاقة بين الصور الملتقطة، يتم جمعها بصورة واحدة تعادل بدقتها صورة مأخوذة في وقت تعريض طويل.
تم تطبيق الخوارزمية على كاميرا خفيفة الوزن طوّرها المعهد الوطني للمعلومات الجغرافية في فرنسا، والتي تحوي جهاز استشعار وحدة القياس بالقصور الذاتي IMU وشريحة FPGA القادرة على القيام بعمليات حسابية عالية وسريعة. فالتقدم المتزايد في مجال الإلكترونيات الرقمية، وخاصة الهندسة القائمة على الدوائر المتكاملة مثل FPGA، توفر فرصة عظيمة لموازاة عمليات الحساب المعروفة مسبقاً، وبالتالي تسمح بتنفيذ الخوارزميات المعقدة في الوقت الحقيقي ولا سيما معالجة الصور العالية الدقة (20 MP) التي تتطلب كمية كبيرة من البيانات وقدرة حاسوبية عالية.
ولأنه يجب أن تحصل المعالجة في الوقت الحقيقي، تم زرع جزءين من الخوارزمية في شريحة FPGA، في حين أن الأجزاء الباقية تعالجها وحدة معالجة مركزية ذات نواتين ليصبح الوقت الذي تستغرقه المعالجة 0.4 ثانية فقط بعدما كان 18 ثانية، وبالتالي بات بالإمكان معالجة الصور في الجو مباشرةً.
سيصار إلى استعمال هذه الخوارزمية في مشروع كاميرا جديدة فائقة الطيفية يعمل على تصميمها المعهد الوطني للمعلومات الجغرافية والغابات. كذلك يمكن استعمال هذه الخوارزمية في تطبيقات أخرى، مثل تكوين صورة ذات مدى ديناميكي عالٍ (HDR)، تثبيت صورة الفيديو وتحسين جودة وحدة استشعار الحركة IMU.

* للمشاركة في صفحة تكنولوجيا التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]