«من الرائد طوم الى غرفة التحكم: أنا أخطو من خلال الباب، وأطوف بطريقة غريبة، والنجوم تبدو مختلفة جداً اليوم»دايفيد بوي- من أغنية Space Oddity

قد تحتمل حقيقة صعود أميركا إلى سطح القمر النقاش بين مؤكد ومشكك، لكن مما لا شك فيه أن المغني البريطاني دايفيد بوي كان أول من صعد الى الفضاء بطريقته الخاصة عام 1969 قبل 9 أيام من وصول «أبولو 11» إلى الفضاء وعليها 3 رواد فضاء. في السادس من الشهر الجاري تحول إيلون ماسك الى شخصية الرائد طوم من أغنية Space Oddity للراحل دايفيد بوي. حتى هو نفسه لم يكن متيقناً من أن إطلاق الصاروخ سينجح، إذ قال عندما رآه يحلّق: «تباً، ذلك الشيء قد حلّق فعلاً!».

أكثر من مئة ألف متفرج افترشوا سواحل فلوريدا لرصد انطلاق صاروخ Falcon Heavy، ومعهم رائد الفضاء باز ألدرين الذي شاهد عملية الانطلاق من نفس المنصة التي طار منها نحو القمر عام 1969. يعد صاروخ «فالكون الثقيل» أكبر صاروخ حتى الآن، بأكبر حمولة يمكن لصاروخ مداري أن ينطلق بها وهي 63800 كيلوغرام وبطول 23 طابقاً. وضع الصاروخ خارج منشأة space X في مركز كينيدي للطيران الفضائي في فلوريدا.
بدأت القصة عام 2011 بإعلان إيلون ماسك عن توجهه لإنشاء صاروخ قوي سيجهز عام 2013، إلّا أن الواقع لم يكن بهذه البساطة فتأخر المشروع الى عام 2014 ثم الى 2016 بعدها أتت حادثة انفجار أحد صواريخ space X -وهي الشركة التي أسسها ماسك بهدف جعل العيش على كواكب أخرى أمراً متاحاً للناس- لتزيد الطين بلة فوضع المشروع في الانتظار حتى عام 2017 وغرد يومها ماسك أن صاروخ «فالكون الثقيل» سيكون جاهزاً في تشرين الثاني ليعود ويتأخر حتى شباط 2018. يقول إيلون ماسك إنه «تبيّن أن صنع «فالكون الثقيل» كان أصعب مما كان متوقعاً وقد كنا سذجاً في عملية التخطيط الأولى للصاروخ».
تعتمد المرحلة الأولى لعمل الصاروخ على ثلاثة صواريخ معززة من نوع «فالكون 9» الخاصة بـ space X والتي يمكن إعادة استعمالها، مع 27 محركاً، تشتعل بشكل متناغم لتنتج 5 ملايين رطل من الدفع عند الإقلاع. اثنان من هذه الصواريخ حطّا على الأرض أما الثالث وهو الصاروخ المركزي فقد سقط في البحر بسرعة 480 كم في الساعة ليتحطم وتتناثر أجزاؤه رغم أن إيلون ماسك قال في مؤتمر صحافي إنه لم يكن هناك من خطط لإعادة استعماله.
أفرغ «فالكون الثقيل» حمولته في الفضاء وهي عبارة عن سيارة «رودستر» من شركة تسلا يملكها إيلون ماسك يجلس في مقعد السائق فيها دمية ترتدي بذلة رائد فضاء أسماها ماسك «Starman» تيمّناً بأغنية starman لدايفيد بوي التي تقول «هناك نجم ينتظر في السماء يود أن يأتي ويلتقي بنا»، هكذا طافت السيارة في الفضاء في مشهد خيالي يظهر السيارة ورائد الفضاء أمام الأرض في صور رائعة نشرها ماسك.

أفرغ «فالكون الثقيل» حمولته في الفضاء وهي عبارة عن سيارة «رودستر» من شركة تسلا



كان على «فالكون الثقيل» أن يفرغ الحمولة لتبقى في مدار كوكب المريخ إلا أن الصاروخ قذف الحمولة أبعد مما كان مخططاً، ورغم أن وجود سيارة «الرودستر» في الفضاء خطف الأنظار إلا أن هناك حمولة أخرى كشف عنها مؤخراً وهي موجودة داخل السيارة ومصممة بطريقة تتيح لها البقاء لملايين السنين حتى في البيئات القاتلة مثل الفضاء، اسمها أرك (Arch) وهي أداة صغيرة لحفظ المعلومات أشبه بنسخة مصغرة عن القرص المدمج الذي نعرفه مصنوعة من كريستال الكوارتز وبحجم عملة نقدية تحتوي على ثلاثية مؤسسة اسحق اسيموف، وتصل قدرة التخزين على تلك الأقراص الى 360 تيرابايت من البيانات ما يعادل 7000 قرص blu ray.

ماذا بعد «فالكون الثقيل»؟

تريد space X بعد نجاح إطلاق «فالكون الثقيل» والمصنوع جزئياً من صاروخ «فالكون 9» المجرب والذي أصبح بالإمكان الاعتماد عليه، أن تصنع صاروخ «فالكون الكبير» ولكن حتى تلك اللحظة ستبدأ space X بصنع صاروخ يكون وسطياً بين «فالكون 9» و»فالكون الثقيل» لتصل في النهاية الى «فالكون الكبير».
الإطلاق الثاني لـ»فالكون الثقيل» سيكون بين 3 الى 6 أشهر حسب قول ماسك إذ أن صنعه سهل نسبياً فهو يعتمد على صاروخي «فالكون 9» للدفع اللذين يمكن استرجاعهما بسهولة، أما الصاروخ المحوري يعتمد محرك «فالكون 9» ولكن الباقي، ما يسمى بالـmainframe، يجب أن يصنع من جديد لكل رحلة، لذا ستعتمد كمية إطلاق «فالكون الثقيل» على قدرة space X على إنتاج الـmainframe حيث أنه المتغير الوحيد عن صاروخ «فالكون 9».

صاروخ «فالكون الكبير»

يبدو طموح إيلون ماسك لـ«فالكون الثقيل» قليلاً مقارنة بما يعده لـ«فالكون الكبير»: صاروخ دفع عملاق بمكوك كبير اسمه دراغون يقوم برحلات حول القمر أو المريخ مع المئات من سكان الأرض. بالإضافة إلى ذلك لمح ماسك الى أنه يمكن استعمال صاروخ فالكون الكبير للسفر داخل كوكب الأرض وبسرعة قياسية مقارنة بالطائرات الحالية.
صحيح أن هذه الخطط يمكن أن تتغير كلها بعد سنوات منها بسبب الفشل أو بسبب نقص التمويل بالإضافة الى ما بات يعرف عن إيلون ماسك بتمديد المواعيد النهائية للتسليم. إلا أن السفر عبر الفضاء أصبح أقرب من أي وقت مضى خصوصاً بعد دخول القطاع الخاص لهذا المجال وربما بعد عشر سنوات من الآن سيصعد البشر داخل سفن فضائية للقيام برحلات حول الكواكب المحيطة بنا.

■ للإطلاع على فيديو السيارة في الفضاء:






■ للإطلاع على عملية إطلاق الصاروخ:






* للمشاركة في صفحة تكنولوجيا التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]