في الأيام القليلة الماضية، كشفت وكالة «رويترز»، أن دانيال غيريكا، وهو عميل استخبارات أميركي سابق، كان قد ثبت تورّطه مع زملاء له في تشكيل وحدة قرصنة سرّية تدعى «المشروع رايفن» (Raven Project)، الذي هدف إلى التجسّس على «أعداء» دولة الإمارات مقابل المال. إنه هو نفسه رئيس قسم المعلوماتية داخل أحد أشهر شركات خدمة الـ«VPN» في العالم: شركة «ExpressVPN».
وكشفت «رويترز» عام 2019 عن «Raven Project»، الذي سلّط الضوء على الممارسة المتزايدة لعملاء الاستخبارات السابقين الذين يبيعون خدماتهم التجسسية إلى الخارج من دون أي إشراف أو مساءلة تذكر.

واعترف ثلاثة عملاء سابقين في الاستخبارات الأميركية، وهم: مارك باير، راين آدامز ودانيال غيريكا، أنهم عملوا كجواسيس إلكترونيين لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، وانتهكوا قوانين القرصنة الأميركية وحظر بيع التكنولوجيا العسكرية الحساسة.

وإضافة إلى ذلك، اعترف الرجال الثلاثة باختراق شبكات الكمبيوتر في الولايات المتحدة وتصدير أدوات اختراق إلكترونية متطورة من دون الحصول على الإذن المطلوب من الحكومة الأميركية، وذلك وفقاً لوثائق المحكمة الصادرة من محكمة اتحادية أميركية في واشنطن العاصمة، بحسب ما نشرت «رويترز».

وخلص تحقيق «رويترز» إلى أن مشروع «Raven» تجسّس على العديد من نشطاء حقوق الإنسان، بعضهم تعرّض للتعذيب لاحقاً على أيدي قوات الأمن الإماراتية.

واعترف باير وآدامز وغيريكا بنشر سلاح إلكتروني متطوّر اسمه «كارما» (KARMA)، سمح للإمارات باختراق هواتف «آيفون» من دون حاجة المستخدم إلى النقر على روابط خبيثة، وفقاً لأوراق المحكمة. وتم ذلك من دون الحصول على إذن الحكومة الأميركية المطلوب لبيع الأداة إلى الإمارات.

وأفاد موقع «تك رايدار» المتخصص، أن هؤلاء المرتزقة الرقميين، عملوا لصالح شركة «دارك ماتر» (Dark Matter)، ومقرّها الإمارات العربية المتحدة. وأن «Project Raven» استمر من عام 2016 إلى 2019.

كما قالت «رويترز» إن مشروع «Raven» استخدم «كارما» لاختراق آلاف الأهداف بما في ذلك ناشطة يمنية في مجال حقوق الإنسان حائزة على جائزة «نوبل» ومقدّم برنامج تلفزيوني في هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

وبناءً على كل ما كشف عنه، أقرّ هؤلاء المرتزقة بذنبهم أمام المحكمة في الـ14 من الشهر الجاري، وفرضت عليهم وزارة العدل الأميركية دفع أكثر من 1.6 مليون دولار كغرامة بدلاً عما قاموا به.

في الـ16 من الشهر الجاري، نشر موظف الاستخبارات السابق، إدوارد سنودن، من حسابه على «تويتر»: «إذا كنت مشتركاً لدى Express VPN، لا يجب عليك أن تبقى كذلك»، مع إعادة تغريد منشور صحافي يعمل لدى «رويترز»، الذي كشف عبر منشوره أن دانيال غيريكا يتولى منصب رئيس قسم المعلوماتية في «ExpressVPN».



ليعود صحافي «رويترز»، جوزيف مِن، بنشر تقرير جديد اليوم، يكشف فيه أن موظفي شركة «ExpressVPN» أعربوا عن استيائهم كون غيريكا يتولى منصباً كبيراً داخل شركتهم. وتم ذلك خلال مقابلة عبر الإنترنت، كان الهدف منها مناقشة أمرين: عملية بيع «ExpressVPN» إلى شركة «Kape Technologies» للأمن السيبراني الإسرائيلي والبريطاني، والتي حصلت في 13 الجاري، وبلغت قيمتها 936 مليون دولار موزّعة بين نقود وأسهم. ومناقشة مسألة تعيين غيريكا في آب الماضي والتي أضرّت بسمعة الشركة، بحسب ما كشف التقرير نقلاً عن الموظفين فيها.

إذاً في المحصلة، شركة «ExpressVPN» والتي يستخدمها كثيرون حول العالم، باتت مملوكة لشركة إسرائيلية-بريطانية، ورئيس قسم المعلوماتية لديها، هو قرصان رقمي سابق مرتزق للإمارات. وبعد ذلك كله، لا يجد المرء نفسه مضطراً للتفكير في ما قاله سنودن مرّتين!


ما هي خدمة الـ«VPN»؟
هي اختصار لـVirtual Private Network، وتؤمّن اتصال إنترنت مشفّر بين جهاز المستخدم وكل ما يتصفحه عبر الإنترنت. وتخفي هذه الخدمة عنوان IP الخاص بالمستخدم عن طريق السماح للشبكة بإعادة توجيه الإنترنت الخاص به عبر خادم في دولة أخرى. هذا يعني أنه إذا قام المستخدم بتصفح الإنترنت عبر استخدام خدمة الـ«VPN»، فإن خادم شركة الـ«VPN» يصبح مصدر بياناتك. ما يعني أن مزود خدمة الإنترنت (ISP) والأطراف الثالثة الأخرى (أجهزة الاستخبارات، قراصنة...) لا يمكنهم معرفة مواقع الويب التي زارها المستخدم أو البيانات التي أرسلها واستقبلها عبر الإنترنت. كما أن هذه الخدمة تتيح الدخول إلى مواقع ويب محجوبة من قبل الدول.