تحوّلت «فايسبوك» من شركة ناشئة تشهد أسهمها ارتفاعاً مطّرداً بعد المرور على دخولها البورصة عشر سنوات، إلى مجموعة تبهت صورتها وتتدهور شعبيتها، لكنها لا تزال ضرورة لا غنى عنها في عالم التواصل الاجتماعي، وتعتزم البقاء كذلك في عالم «ميتافيرس».
تقول كارولينا ميلانيسي، من شركة «كرييتف ستراتيجيز»، إنّ «فايسبوك اعتُبر في بداياته وسيلة عصرية تتيح للأشخاص أن يتواصلوا، وكان زاكربرغ لا يزال يُعتبر قيادياً شاباً».

وتُضيف أنّ صورة زاكربرغ «باتت مرتبطة اليوم بالإعلان وبمفهوم التلاعب السياسي»، مشيرةً إلى أن «فايسبوك أصبح يُعتبر شركة نهمة للبيانات».

ومع أن تراجع نموّ الشركة يبعث على القلق، إذ خسرت أسهم «فايسبوك» التي اعتمدت تسمية «ميتا» نصف قيمتها منذ مطلع أيلول، لا يقلّ عدد مستخدمي الشبكة النشطين عن 2.94 مليار شخص شهرياً، ولا يزال يشهد زيادةً.

ويُشير الخبير المستقل، ديفيد بتشري، إلى أنّ «فايسبوك يحتفظ بميزة تنافسية بفضل عدد المستخدمين»، مضيفاً أن إدارة الشركة «ركّزت دوماً على استقطاب أكبر عدد ممكن من المستخدمين».

ويؤكّد مؤسِّس وكالة التسويق، «سوشلي إن»، المتخصّصة في وسائل التواصل الاجتماعي، كيث كاكاديا، أن «المعلنين الصغار (...) قد يعتقدون أن استخدام فايسبوك يشهد انخفاضاً وأنّ أحداً لم يعد يتصفّحه، لكنّ هذا الانطباع غير صحيح».

إلى ذلك، تضرر «فايسبوك» جرّاء تحديث نظام التشغيل «آي أو أس» الخاص بأجهزة «آيفون»، العام الفائت، إذ حال هذا التحديث دون تمكّنه من جمع جزء من بيانات مستخدمي هذه الهواتف، لكنّ هذا الإجراء لم يؤثّر سلباً على أهمية الشبكة بالنسبة إلى المعلنين.

ويقول كاكاديا: «ما يحدث فعلياً هو أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، بدؤوا يتخلّون عن فايسبوك» لكنّهم ناشطون في الغالب عبر منصّات أخرى من بينها «إنستغرام» المملوكة لـ«ميتا»، و«يشكّلون تالياً جزءاً من استراتيجية فايسبوك».

وقبل «فايسبوك»، حاولت منصّات كثيرة أن تختبر عالم التواصل الاجتماعي، من «فرندستر» وصولاً إلى «ماي سبايس»، لكن أياً منها لم يحقق نجاحاً مستداماً، لأنها لم تستطع مواكبة التطوّر السريع في القطاع ولم تشرف بما يكفي على المحتوى المنشور فيها.

ومنذ تلك المرحلة، أُطلق عدد كبير من منصّات التواصل الاجتماعي، لكن غالبيتها أصبحت حالياً متخصصة في فئة محددة.

أما بالنسبة إلى الشبكات المملوكة لجهات محافظة، والتي تشهد تكاثراً كبيراً منذ 2016، ومن بينها «بارلر» و«غيتر» و«تروث سوشل» الحديثة التابعة لدونالد ترامب، «فلم تصل إلى الحجم الذي يجعل منها شبكات لا غنى عنها».

وتقول كارولينا ميلانيسي «لا أعتقد أن المنافسين أخطأوا، بل ببساطة أصبح فايسبوك بهذا الحجم ووصل إلى هذه الأهمية في الوقت المناسب».

ويطمح «فايسبوك» الذي لا يزال في طليعة الشبكات الاجتماعية، إلى أن يبقى كذلك في عالم «ميتافيرس» الافتراضي الموازي، الذي يراهن زاكربرغ عليه لدرجة أنه غيّر اسم مجموعته إلى «ميتا بلاتفورمز».

وتعتزم «ميتا» تخصيص ما لا يقلّ عن عشرة مليارات دولار سنوياً، لإنشاء نسختها الخاصة من «ميتافيرس» وتنظيمها، لتفرض نفسها على أنّها المرجع في العالم الافتراضي.

وترى كارولينا ميلانيسي أن الهدف هو أن تكون الشركة سبّاقة في عالم «ميتافيرس»، أي «تلك التي ستضع القواعد وتفرضها».