«ماذا يحدث عندما يجتمع 18 شاباً وشابة من مناطق وخلفيات مختلفة في بيروت وضواحيها، ليتعارفوا ويمثّلوا للمرّة الأولى على المسرح؟ استخدمت عملية فنية متفرّدة في كتابة السيناريو، مستوحاة من قصص هؤلاء الشباب. ستّون دقيقة مليئة بالمواجهات الشيّقة وحسّ الفكاهة والمواقف المضحكة والتوتّر... يعالج العمل مواضيع مهمّة: من أنا؟ ماذا تعرف عن الآخر؟ وكم هوية في الهوية اللبنانية؟ ويطرح قضايا جدلية في لبنان اليوم، أبرزها: الخوف من الآخر، المفاهيم الخاطئة، التنمّر، العزلة والعنف». هذا ما يقوله المخرج والكاتب يحيى جابر في كتيّب التعريف عن مسرحيته الجديدة «تعارفوا» التي تنطلق الليلة في «دوّار الشمس» وتستمرّ غداً الأربعاء وبعد غدٍ الخميس.تُعد المسرحية التعاون الثاني لجابر مع جمعية «مارش» بعد «هنا بيروت». وُلدت فكرة «تعارفوا» بعد أحداث الطيونة الأخيرة: «تباحثت مع الصديقة ومديرة «مارش»، ليا بارودي، وتناقشنا مطوّلاً في جلسات مكثّفة وطرحنا أسئلة حول كيفية مواصلة التعبير عن هذا المأزق، وهذه اللعنة التي تدعى الحرب الأهلية وتتكرّر وتنبعث من خط تماس فولكلوري مثل الشياح وعين الرمانة، وتلك البوسطة التي ما زال محرّكها يعمل... قرّرنا أن نستعيد أدوات الدفاع عبر الخشبة بالبحث عن مجموعة من الجيل الجديد لنتعرّف إليها وسط هذا الانهيار الكبير في مئوية لبنان الكبير». وعن اختيار الممثلين، يوضح جابر أنّه كان عشوائياً لكن ضمن شروط معيّنة: «بحثنا ضمن معايير ومواصفات طبقية واجتماعية وسياسية ونفسية، وعن مواهب في الموسيقى والتمثيل والرقص. مواهب تبحث عن فرصة للتعبير... خضع العمل لكوكتيل من الشروط والأهداف من زوايا مختلفة ومتناقضة». ثم يشرح أنّ «الجهل سمة من سمات أعمالي عن مناطق وطوائف شعوب لبنان التي لا تعرف بعضها البعض، ولا تريد أن تعرف عن سابق تصوّر وتصميم. مسرحي خشبة تعارف وتعارك».
يعتبر يحيى أنّ تجربته في مجال اكتشاف المواهب وإعداد الممثلين هي «الأغنى» و«سأتعاون معهم في عمل جديد لأتعلّم وأبتكر وأواصل قلق الإبداع ضمن الزمن والمكان اللبناني والعربي». وفي ما يتعلّق بأزمة المسرح ومَن هو الجمهور في أيامنا المعجونة بأصعب الأزمات الاقتصادية، يلفت جابر إلى أنّنا «في أقسى أزمة للمسرح هنا وفي العالم بعد جائحة كورونا وفكرة التباعد. لا جمهور لا مسرح. وفي لبنان، هناك جائحة أخرى تتمثّل في الانهيار المالي وفقدان شريحة كبرى من الجمهور الذي خسر قدرته الشرائية، فكيف بالقدرة على السهر والفرجة؟». ويختم بأنّ صنّاع المسرح باتوا أمام مأساة كوميدية: «هل لدى الناس رغبة وقدرة على الذهاب إلى المسرح... وما هي الموضوعات التي سنطرحها؟ نحن الآن في مرحلة فنية انتقالية، حيث لا إقلاع ولا هبوط من الفكرة حتى العرض».

* «تعارفوا»: اليوم وغداً الأربعاء وبعد غدٍ الخميس ــ الساعة السابعة مساءً ــ مسرح «دوّار الشمس» (الطيونة ــ بيروت).