وسط موسم رمضاني مليء بالدراما التلفزيونية، قدّمت أسرة «وقصص أخرى» (تأليف مروان الشعار ــ إخراج جلال الشعار) عرضها في مسرح «دوار الشمس»، لتكون دعوة للخروج من المنزل في أمسيات رمضان. بذلك، يوسّع المسرح مساحته في المشهد الترفيهي الفني الرمضاني الذي ينحصر عادة في الدراما التلفزيونية.تعرض المسرحية قصصاً عدة تعبّر عن ثيمات مختلفة داخل المجتمع بطريقة نقدية تارة، أو تدعو إلى الحلّ طوراً. تتألف الحكاية من لوحات كوميدية عدة، منفصلة عن بعضها، تراوح الموضوعات بين الحديث عن الزواج وصعوباته نظراً إلى العقبات الاجتماعية والاقتصادية السائدة اليوم، وبين مناقشة البطالة وأثرها على الشباب وأصحاب الأسر المسيطر عليهم من قبل شبح الدين، وبين عرض قضية المرأة ودورها في المجتمع، والفساد المؤسساتي الذي قد يبتلع المواطن الصالح، مختتماً بعلاقات الحب وعقباتها، مبيناً أن نجاحها يمكن أن يكون في الأحلام فقط.
طرح النص هذه الموضوعات ككليشيهات لا تحمل أبعاداً أو مستويات أعمق مما تبدو عليها، فحُصرت مشكلة الزواج بثنائية الفقر والغنى، ومشكلة البطالة بشخصية رجل مهمل ترك زوجته وهي تلد في مستشفى لكي يشرب القهوة ويشكو مشكلاته لصديقه، وسُطحت قضية المرأة بنقاش شاب مع صبية عن دور المرأة والطريقة التي يجب أن تُطالب بحقها بعيداً عن الإيديولوجيا، ليبدو الرجل هو الواعي الذي يشرح للمرأة دورها وحقوقها. لم يقدم النص وحدة نصيّة ما بين القصص التي طرحها، فبدأ بأغنية عن الحب وانتهى بمشهد عن تعقيد علاقات الحب اختُتم بأغنية البداية ذاتها، فبدت باقي القصص والموضوعات مبتورة لا تؤدي إلى أي ذروة أو هدف.
اعتمد الإخراج على أداء الممثلين الذي كان مضحكاً في أحيان، ومبالغاً فيه في أحيان أخرى. كما اعتمد على كسر الإيهام سواءً عن طريق صوت الراوي أو اختراق الممثلين لصالة الجمهور أو تعليق أحد الممثلين على المشهد. لم يساعد هذا الأسلوب في إعطاء الحكاية مستويات مختلفة، بل كان مقتصراً على إثراء عناصر الإضحاك في العرض ليس إلّا.
الملفت في العرض كانت السينوغرافيا، فقد قُسمت الخشبة إلى فضاءات عدة، انتقل بينها الممثلون حسب القصة التي تروى، حملت معها جمالية وبساطة، فأثرى الديكور اللوحات على الصعيد الفني، مع غياب القصة القوية والإخراج المتقن.
الحب هو رسالة العرض، الحب الذي يمكن أن يصبح هجيناً وسط ضغوط يومية على جميع الصعد الحياتية. هذه الهجانة التي أحدثت في أنفسنا ذوباناً وفراغاً زادت غربتنا في هذا العالم الذي يسعى جاهداً أن يبقينا في غربة ووحدة لا تنتهي. الحب الذي يمكن إنقاذه ببعض التنازلات والوعي لما أحدثته مفرزات المجتمع من تشوّهات في ذواتنا. الحب الذي يمكن أن يكون بأبهى صورة في أحلامنا فقط. لكن هذه الموضوعة المهمة لم تُرفد بصناعة فنية تزيد من أهميته، أو تحدث أثراً حقيقياً عند المتلقّي يتجاوز الإضحاك الذي كاد يكون بلا معنى.

* «وقصص أخرى»: س: 20:30 مساء اليوم ــــــ «مسرح دوار الشمس» (الطيونة ــ بيروت). للاستعلام: 01/381290