يأتي «أنا كتير طبيعي» (50.د) الذي انطلق أمس على خشبة «مسرح زقاق»، كتجربة أولى للمخرج اللبناني أنيس ناصر الدين (17 عاماً) بعد تقديمه، للمرة الأولى، كعرض قيد التحضير، أواخر العام الماضي. يتناول المخرج الشاب موضوعات متعددة، يسائل من خلالها الطبيعة البشرية ومفهومها ضمن إطار الكوميديا السوداء. يتناول العرض قصة شاب يبلغ 16 عاماً، صار جينيّاً في عمر الخمسين، لكن مظهره بقي على حاله. يسرد مراحل حياته، في فترات الطفولة، والدراسة، والعائلة، والبيت. «الحياة جعلته شريراً. فهو لم يولد كذلك، لكنه بدأ ينشر الفوضى، بسبب الآخرين، وبات مساره معدياً، يصل إلى حد أذيّة الآخرين». «إنه شخصية مريضة»، يقول أنيس ناصر الدين، «لكن الحياة حتّمت عليه هذا السلوك». يجسّد العرض هذه الأفكار والدوافع، ضمن لوحات، تمزج قساوة المواقف في الحياة، ضمن قالب كوميدي ساخر، بهدف إظهار التناقضات فيها. على مستوى الشكل المسرحي، كل أغراض السينوغرافيا، وضعت لخدمة هدف محدد. إذ يتنوع الديكور، بين كنبة، طاولة طعام، مكتب دراسة، تجسد مراحل معينة من حياة الشخوص، وتحوم في فضاءات الشخصية الأساسية. يرافق الممثلين (رين عثمان، رنيم شمص، رواد كنج، وأنيس ناصر الدين)، الموسيقيّان شربل سويد وحمزة أبو صالح. تتعدى وظيفتهما، الأداء الموسيقي، ليكونا جزءاً فعالاً من العرض، بينما تحمل الإضاءة جمالية فنية، تتبدل، وتتوهّج مع صعود الأحداث. يقول مخرج العرض إن الممثلين أعطوا كل ما لديهم من قدرات، وبذلوا مجهوداً كبيراً، في سبيل إنجاح العرض، خصوصاً «أن الأداء التمثيلي يأتي بعيداً عن الخطابية والمباشرة في الطرح». مرَّ النص بمراحل متعددة، بدءاً من الكتابة التي بدأت قبل حوالى سنتين، والإخراج الذي تطور خلال الأشهر الماضية، وفريق التمثيل الذي تبدل تباعاً. سنتان مرّتا من عمر المخرج الشاب، نضجت خلالها مفاهيم متعددة، وتبدلت أحوال مختلفة. كانت النتيجة الإصرار على إقامة المسرحية، رغم كل التحديات والتبدلات. يقول أنيس إنه اشتغل على العرض في فترة عمرية حساسة، أي المراهقة، حين تتبدل وتتحول أفكار كثيرة، خصوصاً بين الـ 15 والـ 17. يعلّق: «كبرت بطريقة أسرع، وعاشت معي المسرحية لمدة سنتين». عن هدف العرض، يؤكد مخرج «أنا كتير طبيعي» إنّه ليس موجهاً فقط لرواد المسرح ومحبي النصوص الكلاسيكية العالمية، بل يطمح إلى استدراج كل من ليس لديه اطلاع على الفن المسرحي، إلى مقاعد الجمهور. لذلك، عمد أنيس إلى استخدام الكوميديا السوداء، التي تبدو محبّبة، وقريبة، وتصل إلى الجميع من دون استثناء. «استطعنا من خلال هذا العرض، أن ننتج مسرحية، تتوجه إلى الكل». يبقى الأهم، بحسب المخرج، أن الجمهور، الناضج عمرياً، سيتسنّى له، الإطلاع على وجهة نظر الناشئات والناشئين اليوم، وكل ما يدور في فكرهم وعقلهم، من هواجس، وأفكار، وإبداعات، قد تزيد التنوّع في المشهد المسرحي العام. لذلك، يمكن القول إن العرض يأتي من وجهة نظر الناشئين وإبداعاتهم، وهو ما يستدعي التعرّف إلى وجهة نظر هذه الفئة العمرية، والموضوعات التي تشغلها. علماً أنّ «أنا كتير طبيعي» قد تم دعمه من فرقة «زقاق» المسرحية، وبرنامجها Generation Z، وهو برنامج إرشاديّ، يشرف عليه أعضاء الفرقة، ويتوجه إلى الفنانات والفنّانين الذين تُراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة، ولديهم مشروع مسرحيّ يرغبون في تطويره. خلال فترة البرنامج، يخضع الشباب لجلسات عمل في بناء القدرات، ويتلقّون منحة ماديّة لدعم مشروعهم. وقد قُدِّم «أنا كتير طبيعي» بداية ضمن منحة هذا البرنامج، وتم تطويره ليقدم اليوم، بصيغته النهائية، موقّعاً باسم المخرج الشاب.

* «أنا كتير طبيعي»: س:20:30 مساء اليوم وغداً ـــ «مسرح زقاق» (الكرنتينا ـ بيروت) ــ للاستعلام: 70/691808