اعتاد المخرج ومؤسس «بيت سرمدى» زاهر قيس، الاستناد إلى حكايات الناس، لنسج أعماله. هكذا، بنى «الجسد الذي أسكن فيه» (في 21 و 23 الحالي) كما بنيت المسرحية السابقة «رهائن». كأنه أسلوب، بات يعتمده قيس، ليس لإخراج مسرحياته فقط، وإنما لتنشيط الحركة الثقافية والمسرحية، خارج العاصمة. أقيمت مسرحية The Body I Live In بعد إجراء مقابلات مع 30 شخصاً. لا توقيع واحداً على كتابة العرض، وإنما هو حصيلة عمل جماعي، يستند إلى قصص أشخاص، مروا بتجارب نفسية صعبة، انعكست على أجسادهم. يندرج العرض ضمن إطار العروض الحركية، التي لا تتخللها أي نصوص محكية، إلّا أن كلّ حركة، تعبّر عن جوهر حكايات الأشخاص. علاوة على ذلك، يذكر المخرج أن الأبحاث التي أجريت مع الأشخاص كانت تحت إشراف معالجين نفسيين.
يؤدي زاهر قيس العرض بمفرده على خشبة المسرح بالترافق مع الموسيقى الحيّة. تعبّر الحركة الجسدية عن كلّ ما يتلقاه العقل، ويترجمه. يشير قيس، في هذا الإطار، إلى أنّ هذه الحركات الجسدية، هي نتيجة تخزينه للقصص التي رويت أمامه من قبل الأشخاص، بكل ما تحمله من لحظات مفرحة أو محزنة.
الفضاء المسرحي في «بيت سرمدى» كناية عن ثياب فقط. عندما يدخل الجمهور قاعة المسرح، يجد على الخشبة ثياباً دون أجساد أصحابها. تصبح السينوغرافيا، شيئاً فشيئاً، جزءاً أساسياً في المسار الدرامي للعرض، إذ يتقمّص المؤدي تباعاً هذه الشخصيات.
يقول زاهر قيس «إن الحديث عن المشكلات والتخبطات النفسية، يُعدّ من القضايا الحساسة في هذه المنطقة. ما زالت المجتمعات العربية، من ضمنها المجتمع اللبناني، تعتبر أن المعاناة من أي مشكلة نفسية، أمر غير طبيعي، ما يثير قلق المجتمع من جهة، وقلق الشخص من نفسه من جهة أخرى». لذلك، تطرح هذه المسرحية مواضيع اجتماعية نراها يومياً ولا نعي أهميتها. كذلك، لا يطرح العرض أي حلول، وإنما يعرض الموضوعات المختلفة، لتحفيز المتلقي على إيجاد الحلول المناسبة.
تذكرة العروض عبارة عن شراء «مرطبان مونة»


يعتقد زاهر قيس أن كل من سيشاهد هذا العمل، سيفكر بشكل دائم في الأشخاص المحيطين به، وسيدرك أهمية مبادلتهم بالدعم المعنوي، بالإضافة إلى أهمية التواصل معهم. سيكون هذا الانطباع الأول. أمّا الانطباع الثاني، فهو تحفيز الناس على الحديث عن المشكلات النفسية بكل شفافية، لأنها من الأمور الطبيعية التي يعيشها الإنسان خلال مسار حياته.
وأخيراً، يحرص «بيت سرمدى» في الشوف، على أن يحقق اللامركزية الثقافية، وينشّط الحركة المسرحية، في القرى والهوامش. لذلك، يقدم عرض The Body I Live In ضمن هذا الإطار. لذلك، ستكون تذكرة العروض عبارة عن شراء «مرطبان مونة»، لدعم واستدامة الزراعة والثقافة في «بيت سرمدى».

* The Body I Live In: غداً (س:18:30 و19:30) والأحد 23 تشرين الأول (س: 19:30) ــــ «بيت سرمدى» (بتلون ـــ الشوف). للاستعلام: 70/554687