تنطلق الدورة الـ15 للمهرجان مساء الأحد لتمتد على ثلاثة أيام، ضمنها عرضان لمسرحية «آخر 15 ثانية» على «مسرح دوار الشمس» يتبعهما في 6 الجاري عرض «أرنب أبيض أرنب أحمر» على «مسرح مونو». عن أهداف المهرجان وتأسيسه، يقول جاد شحرور المسؤول الإعلامي في «مؤسسة سمير قصير» المنظّمة للحدث: «إيماناً منّا بأنّ بيروت مدينة ثقافية للجميع وأن كلّ مواطن له الحق في الوصول إلى أي فعالية ثقافية من دون كلفة، سيكون المهرجان في دورته الـ15 هذا العام، مفتوحاً أمام جميع اللبنانيين. نحن نتولّى دفع تكاليف العروض كافة من إقامة ومعدات. ومن شروط المهرجان أن يكون ما نقدّمه يُعرض للمرة الأولى في لبنان. سبق واستضفنا الكثير من العروض من دول متعددة. وأهمّ ما في هذه الفكرة أن يتمتّع الجميع بهذه الفعالية الثقافية في وقت لا يتمتّع كل الناس بالقدرة على دفع بطاقات من أجل حضور مهرجان، خصوصاً في ما يتعلّق بالعروض الآتية من الخارج».
مسرحية «آخر 15 ثانية» في عرضها الكندي عام 2022

أصرّ القائمون على المهرجان على إقامة الحدث في السنوات الماضية بغض النظر عن الأزمة ومرحلة الكوفيد، فنُظم عبر الإنترنت وتابع المشاهدون الحفلات خلف الشاشة. عاد المهرجان بصيغته المباشرة العام الماضي. أما اليوم، فيكتفي المنظّمون بعرض مسرحيتين، في حين كان في الماضي يقدّم ما لا يقلّ عن 3 أو 5 عروض. يقول شحرور في هذا الصدد: «مع الأزمة وضآلة المشهد الثقافي اليوم، استطعنا أن نؤمّن عرضين للمرة الأولى. الأول تكريم المخرج المسرحي اللبناني الراحل مجدي بو مطر، والثاني هو نص إيراني لنسيم سليمانبور يؤديه فؤاد يمين الذي سيستلم النص على المسرح مباشرة ويتفاعل معه أمام الجمهور».
في حزيران (يونيو) من العام الماضي، رحل المخرج والممثل مجدي بو مطر بطريقة مفاجئة عن عمر 47 عاماً. تكريماً له ولمسيرته، يخصص «ربيع بيروت» عرضين لمسرحية بو مطر «آخر 15 ثانية» في 4 و5 الجاري على مسرح «دوار الشمس». بو مجد الذي هاجر إلى كندا عام 2003 عُرف ببصمته الخاصة في عالم المسرح وميله إلى تسليط الضوء على الحكايات والشخصيات المهمّشة. كان مديراً فنياً لمهرجان «امباكت» في كندا ولفرقة «أم تي سبايس» التي يؤدي أفرادها مسرحيته ضمن المهرجان بمشاركة الممثل اللبناني بديع أبو شقرا. العمل باللغة الإنكليزية ترافقه ترجمة إلى العربية والفرنسية. يقول شحرور: «سبق أن عملنا مع بو مطر، وهو قدّم الكثير للمسرح اللبناني والعالمي، وأقل ما يمكننا أن نقدّمه له هو هذا التكريم». مسرحية «آخر 15 ثانية» مقتبسة عن مقتل المخرج المعروف مصطفى العقاد وابنته في الأردن عام 2005 على إثر أحد الانفجارات الثلاثة التي طالت فنادق العاصمة. وخلافاً لما قد يوحي به عنوان العمل، فهو لا يعيد تجسيد اللحظات الأخيرة في حياة الضحايا أو الانتحاريين قبل الانفجار، بل يتخيّل حواراً بين القاتل والعقّاد. لجأ بو مطر إلى أنواع التعبير كافة من رقص وصوت وعرض على الشاشة في العمل الذي نال إعجاب النقاد لدى عرضه. من جهة أخرى، يعتبر نص الكاتب والمسرحي نسيم سليمانبور من أكثر العروض تقديماً في العالم نظراً إلى خصوصية هذا العمل، ليس في المضمون فحسب، بل أيضاً في طريقة العرض. «أرنب أبيض أرنب أحمر» (2010) عمل عن إيران اليوم ويتحدث فيه سليمانبور عن جيله. هو كتب النص ليتواصل مع العالم في وقت كان فيه محتجزاً في بلده وممنوعاً من السفر.
يعتبر نص الكاتب نسيم سليمانبور من أكثر العروض تقديماً في العالم

لا تحتاج المسرحية إلى مخرج، وممثل مختلف يؤديها في كل مرّة، مستلماً النص على المسرح مباشرة. علماً أنّه تُرجم إلى لغات عدّة وجال مسارح العالم. القائمون على المهرجان اهتموا بترجمة النص إلى العربية، وقد وقع اختيارهم على الممثل والموسيقي اللبناني فؤاد يمّين لتأديته. استقطب هذا النص أسماء كبيرة في عالم المسرح والسينما أدوه على خشبات المسارح منهم ستيفن ريا وجون هورت ووبي غولدبرغ وحتى المخرج كين لوتش. استغرقت مدّة كتابة هذه المسرحية سبع سنوات. الفنان الإيراني حُرم من السفر ومن جوازه عندما رفض أداء الخدمة العسكرية، فتخيّل هذا النص الذي سمح له بالسفر بدون أن يغادر مكانه. وبحسب ما شرح في مقابلات عدة، بنى نصّه على كابوس راوده رأى فيه نفسه ينتحر على المسرح أمام الجمهور وأهله وأصدقائه، فكان مدخلاً وإطاراً له كي يتحدث عن أفكاره وهواجسه كشخص محتجز. أما السبب خلف منع الممثلين من الاطّلاع مسبقاً على النص، فيعزوه إلى كونه يحبّ نقاوة اللحظات الأولى في التمارين وتلك الأخطاء التي يقوم بها الممثل لدى أدائه النص للمرة الأولى.

* «آخر 15 ثانية»: 4 و5 حزيران (يونيو) ــــ مسرح «دوار الشمس»
* «أرنب أبيض أرنب أحمر»: 6 حزيران ــ «مسرح مونو» ــ beirutspringfestival.org