strong>تخطّط شركات النفط الوطنية وشركات النفط العالمية لتنفيذ استثمارات بأكثر من 375 مليار خلال فترة الركود، رغم استمرار المخاوف المتعلقة بالطلب. وهي بذلك تضمن استمرار التدفّق المستقبلي لموردها، وبالتالي استمرار الأرباح، فيما غياب الاستثمارات يعني ارتفاع الأسعار. واللافت هو أنّ ذلك الارتفاع يحذّر منه المنتجون والمستهلكون على حدّ سواء!
في تقريرها المعنون «الاستثمار استعداداً لمرحلة الانتعاش المقبلة»، تشير مؤسّسة الاستشارات الماليّة، «Ernest & Young»، إلى أنّ شركات النفط الوطنية الكبرى بصدد استثمار 275 مليار دولار في عام 2009 لتطوير أعمالها التجارية داخل موطنها وخارجه. وستمثّل الاستثمارات المقبلة من تلك الشركات في آسيا وأميركا الجنوبية نحو 70 في المئة من المجموع الكلّي. أمّا بحلول عام 2015، فستبلغ قيمة استثمارات شركات النفط الوطنية في قطاعي النفط والغاز نحو 600 مليار دولار، ومن جهتها، تلتزم الشركات العالميّة الكبرى بتنفيذ استثمارات ضخمة تقدر بنحو 100 مليار دولار في مجالي النفط والغاز خلال العام الجاري.
واللافت هو أنّ الشركات تقوم بهذه الخطوة في ظلّ تراجع العائدات بسبب الركود العالمي، بعد عام من تسجيل الأرباح القياسيّة مع وصول سعر برميل الوقود الأحفوري إلى نحو 150 دولار. ورغم الارتفاع الأخير الذي أوصل السعر إلى أعلى مستوى له خلال 7 أشهر، «الأسعار قد تهوي مجدّداً» بحسب مدير قسم الأبحاث في منظمة «أوبك»، حسن قبازرد، الذي تحدّث على هامش مؤتمر عن الطاقة عُقد في أبو ظبي أمس.
رئيس خدمات استشارات الصفقات الخاصة بعمليات النفط والغاز لدى «Ernest & Young»، آندي بروغان، الذي أعدّ التقرير لفت إلى أنّ «شركات النفط الوطنية والشركات العالمية تواصل إظهار نزعة حقيقية نحو المضي قدماً في تنفيذ خطط نفقات رأس المال الرئيسية هذا العام، وللفترة الحالية على الأقل». ويقول إنّ عام 2008 «كان قياسياً بالنسبة إلى استثمارات رأس المال من جانب هذا القطاع، ويبدو أن عام 2009 سيكون عاماً قياسياً كذلك. كما أن الشركات متيقّظة لمسألة أن تجد نفسها في وضع يوجب عليها مواكبة الاستثمار عندما يتحقق الانتعاش الاقتصادي».
ورغم التقديرات الحالية لوكالة الطاقة الدوليّة في ما يتعلق بالطلب على النفط، لا تزال هناك حاجة ملحّة إلى الاستثمار في مشاريع تعزيز القدرة الإنتاجية لتعويض هبوط الإنتاج بسبب استنزاف الحقول الطبيعية، بحسب بروغان».
ويمضي التقرير شارحاً كيف أنّ شركات النفط والغاز الغنية بحجم مخزونها الاحتياطي والمملوكة للدولة أصبحت أقل قدرة على تمويل المشاريع من فائض التدفقات النقدية، وذلك بسبب التباطؤ الاقتصادي والهبوط الحاد في أسعار النفط، إضافةً إلى عزوف المستثمرين عن المخاطر.
ويقول إنّ بعض شركات النفط الوطنية يسعى حالياً إلى خفض الأكلاف، فيما عمدت بعض البلدان مثل إندونيسيا إلى تنفيذ برامج تحفيزية لدعم اقتصاد هذا القطاع. كما يقوم الكثير من أصحاب الثروات الاحتياطية بتقليص طموحاتهم في التوسع نحو الخارج، بهدف إعطاء أولوية للمشاريع الداخلية. غير أنّه لا تزال هناك التزامات تمويلية ضخمة تُبذل من أجل مشاريع النفط والغاز في الصين والبرازيل.
وبحسب بروغمان «عندما كان الحصول على رأس المال سهلاً بالنسبة إلى شركات النفط الوطنية، كانت في وضع يمكّنها من إملاء شروطها على شركائها من شركات النفط العالمية»، غير أنّ التقلّبات في الأسواق المالية «ستمنح شركات النفط العالمية، التي تمتلك ما يكفي من السيولة، القدرة على تزويد الشركاء المحتملين ليس فقط بالخبرات التكنولوجية والعملية، ولكن أيضاً بإمكان الحصول على رأس المال المطلوب».
ويشير التقرير إلى أنّه من المتوقّع أن تصبح البرازيل منتجاً رئيسياً للنفط بعد اكتشاف آبار نفطيّة، تكوّنت دون تشكّل طبقة رواسب ملحيّة. والشركة المسؤولة هي «Petrobas» وتخطّط لاستثمار 28 مليار دولار في آبار النفط تلك كجزء من خطة عمل عام 2013، التي تقدر بـ 174 مليار دولار، وسيجري تخصيص نحو 90 في المئة من إجمالي استثمارات الشركة لمشاريعها في البرازيل.
وبحسب «Ernest & Young» تمثل استثمارات «Petrobas» لعام 2009 حوالى 38 في المئة من إنفاقات شركات النفط الوطنية في أميركا الجنوبية المخطط التي تقدر بـ 91 مليار دولار، بينما من المتوقع أن تبلغ استثمارات الشركات النفطية الآسيوية مجتمعة أكثر من 98 مليار دولار، يعود نصفها تقريباً (42 مليار دولار) إلى شركة النفط الوطنية الصينية.
وعند إجراء مقارنة، يتضح أنّ مجموع نفقات رأسمال شركات النفط الوطنية في أفريقيا ورابطة الدول المستقلة والشرق الأوسط ليس سوى جزء بسيط مقارنةً بنفقات نظيراتها في آسيا وأميركا الجنوبية مجتمعة. وقد خلص التقرير إلى أن شركات النفط الوطنية في أفريقيا أعلنت عن استثمارات بقيمة 21 مليار دولار هذا العام، مقارنةً بمبلغ 36 مليار دولار لرابطة الدول المستقلة و29 مليار دولار للشرق الأوسط.
(الأخبار)


فرص مناسبة

يرى رئيس الخدمات الخاصة بالنفط والغاز في «Ernest & Young» في الشرق الأوسط، دون بينتر، أنّه «رغم ما تظهره المصادر المعلنة، وهو أن استثمارات هذا العام لشركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط أقل من مستوى تلك التي تقوم بها شركات النفط الوطنية في آسيا وجنوب أميركا، فإن السيولة لا تزال متوافرة ما دامت هناك استثمارات مناسبة». ويشير إلى أنّ دول مجلس التعاون الخليجي «تقوّم حالياً الخيارات الاستثمارية المتاحة المتماهية مع طموحاتها لناحية تحقيق العائدات. ولا تزال هذه الدول تبحث عن الفرص الاستثمارية في منطقتها وفي العالم».