تفاؤل كبير يحكم قطاع الطاقة البديلة. فمن صناعة السيّارات إلى توفير الكهرباء للمنازل، تسعى الشركات والحكومات إلى خفض الاعتماد على المصادر التقليديّة كالمشتقّات النفطيّة لمصلحة المصادر المتجدّدة، لأسباب اقتصاديّة وبيئيّة عديدة. أحدث المشاريع العملاقة كلفته 400 مليار يورو يستغلّ شمس أفريقيا لتوفير 20% من حاجات أوروبا الكهربائيّة
حسن شقراني
تتطلّع شركة «SunPower» الأميركيّة، التي تعدّ من بين الروّاد عالمياً في صناعة تكنولوجيا الطاقة الشمسيّة، (PhotoVoltaic Power Technology) إلى تطوير أعمالها في المرحلة المقبلة التي ستشهد فورة في قطاع الطاقة البديلة. فجميع المحفّزات جاهزة: الضغوط البيئيّة، خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، تنويع مصادر الطاقة (وهنا تدخل الإحداثيّات السياسيّة والجيوستراتيجيّة).
وفي مؤتمرات عقدت بداية الشهر الجاري، أعرب المسؤولون التنفيذيّون في الشركة عن ثقتهم بأفق صناعتهم، وذلك فيما يترقّبون ومنافسيهم في هذا القطاع المستقبلي بدء إجراءات إدارة الرئيس باراك أوباما التحفيزيّة للطاقة البديلة.
فخطّة التحفيز الاقتصادي التي أعدّتها الإدراة ومرّرها الكونغرس في شباط الماضي تقدّم مساعدات إلى شركات الطاقة الشمسيّة تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار، شرط أن تبدأ تلك الشركات ببناء منشآتها الطاقويّة قبل نهاية العام المقبل. ولهذا يحكم التوتّر تلك الشركات التي تتنافس للحصول على حقوق الأراضي اللازمة من مكتب إدارة الأراضي، وهي هيئة فدراليّة تسيطر على 256 مليون هكتار، ووضعت «فيتو» على منح حقّ استغلال الأراضي لحوالى 200 مشروع طاقة شمسيّة.
هذه المنافسة الإيجابيّة في الولايات المتّحدة، نظراً إلى أنّ مبدأ هذا القطاع الطاقوي لا يفترض حرق الوقود وتلويث البيئة... تقابلها منافسات في شتّى أنحاء العالم مع توجّه العديد من الشركات الخاصّة و«الرساميل العامّة» إلى الاستثمار في هذا القطاع المغري. وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة «مصدر» التابعة لحكومة أبو ظبي نيّتها استثمار 15 مليار دولار في الطاقة البديلة بحلول عام 2015. كذلك تتوقّع الجهات الرسميّة الإيطاليّة تخطّي الاستثمارات في الطاقة البديلة 58 مليار دولار. ويسعى المطوّرون في أونتاريو الكنديّة إلى استخدام الطاقة الشمسيّة لإنتاج 10900 ميغاواط من الكهرباء عوضاً عن استخدام الفحم بحلول عام 2014.
أمثلة كثيرة بعضها تعترضه عقبات، ولكن هناك دائماً حلول لكي تسير عجلة التطوّر. ففيما تمثّل الأرض حجر عثرة أساساً لشركات الطاقة الشمسيّة في الولايات المتّحدة، يبدو أنّ أوروبا وجدت البديل في ظلّ سيطرة غيومها على معظم أيّام السنة.
فقد كشفت صحيفة «Sueddeutsche Zeitung» الألمانيّة أمس، أنّ حوالى 20 شركة ألمانيّة تنوي الاجتماع في 13 تمّوز المقبل من أجل إنشاء كونسورتيوم يجذب تمويلاً لتنفيذ المشروع ـــــ الحلم، «Desertec» الذي يهدف إلى توليد الكهرباء لأوروبا عبر الطاقة الشمسيّة في أفريقيا الشماليّة.
ومن بين الشركات المشاركة «Siemens» و«Deutsche Bank» و«E.ON»، أمّا القيادة فهي لشركة إعادة التأمين الألمانيّة «Munich RE».
ويقضي المشروع، الذي سيوفّر لأوروبا 15 في المئة من احتياجاتها الطاقويّة، بإنشاء أوّل محطّة طاقة بقدرة 2 جيغاوات في تونس، تلك المحطّة ستكون موصولة بإيطاليا عبر كابلات طاقويّة، وسيتطلّب إنشاؤها ثلاث سنوات حالما تُمنح الرخص الرسميّة. كما أنّ نسخته الموسّعة تقضي بإنشاء محطّات طاقة شمسيّة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط بطاقة تبلغ 100 جيغاوات. وهذا المشروع قد ينجز في عام 2050، وستبلغ كلفة التوصيل مع وسط أوروبا حوالى 400 مليار يورو.
ووفقاً لمركز الفضاء الألماني، فإنّ شمال أفريقيا سيصبح قادراً على توليد الطاقة لأوروبا بحلول عام 2025. وبحلول عام 2050، فإنّ 20 في المئة من الطاقة التي تحتاج إليها أوروبا قد تتوافر من شمال أفريقيا.
وتنقل الصحيفة التي تتخذ من ميونيخ مقراً لها عن «Munich RE» قولها إنّها تودّ في الاجتماع المرتقب إطلاق «مبادرة تتحوّل إلى خطّة حقيقيّة في غضون ثلاث سنوات».
وفيما يثير هذا الاستعجال بعض الحشريّة، أفادت «رويترز» بأنّ الشركة الألمانيّة تواجه دعوات بمليارات الدولارات لتغطية أضرار متعلّقة بالتغيّر المناخي خلال السنوات المقبلة.
وهكذا تكون الشركة قد جذبت الاستثمارات واستخدمت أراضي وشمساً غير مستغلّة في أفريقيا الفقيرة عبر توظيف الأموال في قطاع طاقوي مستقبلي. وهناك شروط طبعاً، فالبلدان التي ستُوقّع معها العقود في القارّة السوداء يجب أن تكون مستقرّة سياسياً. وإذا لم تكن كذلك، يمكن فرض الاستقرار!
فالأموال كثيرة والمسألة تتعلّق بأراضي الغير، لا كما في الولايات المتّحدة حيث الأراضي كثيرة لكنّ العقبات تتعلّق بحقوق الأراضي. وهي أراض قيّمة بالفعل، فإذا استغلّت تلك الموجودة في الغرب فقط، تستطيع توليد كهرباء من الشمس والرياح تعادل ثلاثة أضعاف الكميّة المنتجة حالياً!


طاقة معدومة

من المتوقّع أن تكشف الصين قريباً عن سعر مدعوم لإنتاج الطاقة الشمسيّة، وفقاً لما نقلته صحيفة «South China Morning Post» عن مصادر رسميّة أخيراً. وستُدفع الإعانات عبر صندوق الطاقة المتجدّدة الذي سيُدعم عبر ضرائب تفرض على مستهلكي الطاقة طبقاً لمستوى الاستهلاك. وهذا الصندوق سيُستخدم لدعم برامج طاقة بديلة أخرى مثل طاقة الرياح. ومن المعروف أنّ السلطات الصينيّة تسير على خط رفيع لناحية تأمين التوازن بين حاجات السكان المتزايدة والحفاظ على المصادر والموارد الأوّليّة وبينها المياه.