آخر تحديث 4:20PM بتوقيت بيروت | خاص بالموقعبول الأشقر
مرّ شهر على توزيع الشريط المثير في غواتيمالا، الذي يبدأ به المحامي دافيد روزنبرغ بـ «إذا رأيتم هذا الشريط، يكون الرئيس ألفارو كولوم قد نجح في اغتيالي». وبدأت تظهر الخيوط الأولى التي تربط القضية بصراع السلطة والمصالح في البلد الوحيد في أميركا اللاتينية (مع بوليفيا)، حيث يمثل الهنود، الأكثرية المطلقة من السكان، بينما يستمرّ التحقيق الذي تقوم به مؤسّسة تابعة للأمم المتحدة.

وتذكيراً بما حدث، ففي العاشر من أيار الماضي، اغتيل روزنبرغ، ما أدّى إلى توزيع الشريط الذي سجله روزنبرغ قبل تصفيته. وأتى هذا الاغتيال بعد شهر من اغتيال رجل الأعمال خليل موسى وابنته، الذي كان روزنبرغ محاميه وعشيق ابنته.

وأثار توزيع الشريط، صدمة كبيرة في المجتمع، وولّد أزمة ضخمة لم تنته ذيولها بعد. وقد نُظِّمَت تظاهرات صاخبة في العاصمة غواتيمالا سيتي، أدت إلى انقسامات عميقة في المجتمع بين فريقين، أحدهما يطالب باستقالة الرئيس، والآخر يندّد بـ «مؤامرة على النظام الديموقراطي».

آخر المعلومات كشفتها أخيراً صحيفة «لا خورنادا» المكسيكية اليسارية: صديقا المحامي المقتول هما من سجّل الشريط ووزّعه على الإعلام، وهما ينتميان إلى أوساط الميليشيات «الباراميليتاريس» واليمين المتطرف الذي حكم غواتيمالا من دون انقطاع خلال العقود الأخيرة. وقد انتقلت بعض أطراف هذا التيار إلى صفوف الجريمة المنظمة مع انتهاء النزاع المسلح في غواتيمالا قبل 12 عاماً.

وتلقّت هذه الأوساط نبأ انتخاب اشتراكي ديموقراطي مثل ألفارو كولوم لرئاسة الجمهورية، باعتباره «كارثة شيوعية»، إذ إنّ رصيده السياسي هو في المناطق الريفية وبين الهنود، على عكس السياسيين التقليديين المتجذّرين في العاصمة، معقل اليمين التقليدي. أضف إلى ذلك، أن كولوم جعل بعض المصارف العامة تؤمّن قروضاً للمناطق وللمشاريع المنتجة، فضلاً عن أنه يحاول ـــــ عبثاً حتى الآن ـــــ إجراء إصلاح ضرائبي. وقد عيّن كولوم زوجته، مسؤولة عن متابعة البرامج الاجتماعية في المناطق الريفية، ما حوّلها إلى «رمز» لكل ما يكرهه اليمين، وخصوصاً أنها تنوي الترشّح في الانتخابات المقبلة لخلافة زوجها.

وأوضح تقرير «لاخورنادا» أن الرجلين أقنعا «صديقهما» المحامي، بأن حياته مهدّدة، وأن أفضل وسيلة لتحاشي الأسوأ، تكمن في تسجيل هذا الشريط. وبعد قيامه بالمطلوب، أي باتهام الرئيس وزوجته ومعاونيه المباشرين والمصرف العام الموصوف بـ «وكر الفساد»، جرت تصفيته. وإثر «الصدمة القوية»، انطلقت حملة عاطفية تطالب بـ «إقالة المجرم» أو على الأقل بـ «انسحابه من الرئاسة حتى نهاية التحقيقات». ووفق الصحيفة نفسها، فشل «انقلاب اليمين المتطرف»، رغم أنه ألحق أضراراً بالغة بالديموقراطية وبمؤسساتها، لأن الرئيس رفض الاستقالة وأخذ يجنّد قواعده في المناطق، ولم يدخل نائب الرئيس في اللعبة الجهنمية.

أمّا العنصران اللذان سمحا بأن يجري التحقيق من دون تعطيل اللعبة الديموقراطية، فهما، من جهة، قرار جمعية رجال الأعمال التي كان يترأّسها خليل موسى، والتي حصرت مطلبها بـ «تحقيق العدالة» لا بـ «إقالة الرئيس»، ومن جهة أخرى، تدخّل السفارة الأميركية سريعاً لمصلحة الرئيس، ما ساعد على حسم وقوف منظمة الدول الأميركية إلى جانب الشرعية. على هذه القاعدة، صار من الممكن تسليم التحقيق لمؤسسة تابعة للأمم المتحدة، والحصول على دعم مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركية «أف بي آي»، في محاولة لتحييد القضائي عن السياسي.