strong>المستهلكون لا يزالون متردّدين في شأن شراء سيّارات جديدة، لا لأنّ سعر الوقود مرتفع، بل لغموض نمط تطوّر الأسعار. هذا الواقع، إضافة إلى تداعيات الركود طبعاً، وإجراءات إعادة الهيكلة التي يخضع لها قطاع صناعة السيّارات... عوامل تؤدّي إلى ضيق هامش المناورة وارتفاع حدّة المخاطر بالنسبة إلى بعض الشركات وتوجّه أخرى إلى «إبداع» من نوع آخر
حذّرت شركة صناعة السيّارات «PSA Peugeot Citroen» أمس، من أنها تواجه خسارة تشغيليّة في العام الجاري تتراوح بين مليار يورو وملياري يورو. وهي خسارة قاسية للشركة الفرنسيّة العملاقة، وخصوصاً أنّ العام الماضي شهد تسجيل 343 مليون دولار بالحبر الأحمر. هذه النتائج ستسجّل بسبب «الأوضاع السائدة في السوق وعدم اليقين إضافة إلى المقاربات الحذرة في المسائل الماليّة»، فالمبيعات ستتراجع بنسبة 12 في المئة بحسب الترجيحات المعدّلة. وتلك النتائج ستؤدّي إلى جمع سيولة قيمتها 500 مليون يورو.
الأوضاع بالفعل صعبة في سوق السيّارات بالنسبة إلى المنتجين والمستهلكين على حدّ سواء. فالأوائل يعانون من تراجع المبيعات السريع الذي أصاب أعمالهم بسبب الأزمة الاقتصاديّة ـــــ الماليّة، والمشترون يفضّلون الاحتفاظ بأموالهم حالياً لاستشفاف التطوّرات المتعلّقة باستثماراتهم. فشراء سيّارة يعتمد إلى حد كبير على استهلاكها للوقود، وبما أنّ سعر الوقود الأحفوري تأرجح كثيراً في الفترة الأخيرة حيث ارتفع بسرعة ليتجاوز 72 دولاراً للبرميل، وهو أعلى معدّل مسجّل في تسعة أشهر، فإنه حالياً يحوم حول 67 دولاراً في ظلّ توقّعات بموجة ارتفاع مقبلة بسبب تحسّن مؤشّرات الاقتصاد العالمي.
هذه النقطة شدّد عليها المدير التنفيذي لشركة صناعة السيّارات الكوريّة «Hyundai» في الولايات المتّحدة، جون كرافتشيك، في حديث للـ«Associated Press» عن أفق السوق الأميركيّة، وخصوصاً أنّها لم تعد الأكبر عالمياً بعدما تجاوزتها السوق الصينيّة.
كرافتشيك قال إنّ الوضع القائم في سوق النفط يؤثّر على الراغبين بشراء سيّارة كالآتي: «يصبح الأمر عائقاً للمشترين... إذا اختاروا السيّارة الخطأ قد يفكّرون: لسنا ندري، ربّما كان يجدر بي اتخاذ خيار مختلف». هذه الحيرة تكرسها التذبذبات في السوق، وعلى سبيل المثال انخفض سعر غالون البنزين (3.7 ليترات) في الولايات المتّحدة بواقع 28 سنتاً خلال الشهرين الماضيين، وأصبح معدّل الأسعار 2.69 دولار.
لكن حتّى لو كان هذا السعر لا يزال أقلّ بكثير من المستوى القياسي الذي سجّل في الصيف الماضي والذي تجاوز 4 دولارات للغالون الواحد، إلّا أنّ الحيرة لا تزال قائمة، ومن المتوقّع أن تؤدّي موجة الانتعاش الاقتصادي التي ستلحق مرحلة الركود حتماً إلى ارتفاع الأسعار. وهذه العمليّة ستبدأ على الأرجح في النصف الثاني من العام الجاري.
وبحسب كرافتشيك فإنّ «سعر النفط» أصبح العامل الرقم 3 وراء تردّد المستهلكين في شراء سيّارة جديدة بعد عاملي ارتفاع معدّل البطالة وتوقّع صفقات أفضل من المستقبل. ففي داخل حلقة الركود تصبح التوقّعات الأساسيّة بأنّ الأسعار ستستمرّ بالانخفاض لذا لا مانع من الانتظار قليلاً.
عامل النفط يمثّل الآن هاجساً أساسياً بالنسبة إلى المستهلكين، إلّا أنّه كان منذ فترة يعدّ إحداثيّة لا يمكن عدم التنبّه إليها في صناعة السيّارات، وخصوصاً خلال السنوات الخمس الماضية. وهذا الواقع دفع القيّمين على هذه الصناعة إلى إرساء خطوط عريضة لتوجّهات صناعة سيّارات المستقبل. وهذه التوجّهات تتفرّع منها استراتيجيّتان أساسيّتان: الأولى، زيادة إنتاج السيّارات الصغيرة الموفّرة للوقود. والثانية، هي التحوّل نحو سيّارات الطاقة البديلة أو الطاقة المتجدّدة.
وفي هذا السياق أعلن المدير التنفيذي لشركة «Nissan»، كارلوس غصن، أمس، أنّ شركته تنوي إنتاج 10 آلاف سيّارة كهربائيّة في الولايات المتّحدة في إطار سعيها إلى إعادة التموضع في السوق الأميركيّة، وخصوصاً بعد انهيار عملاقي ديترويت «General Motors» و«Chrysler».
وتوضح الشركة التي تعدّ ثالث أكبر منتج سيّارات ياباني بعد «Toyota» و«Honda»، أنّها ستبني معامل التجميع ومعامل صناعة البطاريات الخاصة في منطقة سميرنا في ولاية تينيسي، وأنّ الطرح الأولي سيكون في الولايات المتّحدة واليابان العام المقبل على أن تعرض السيّارات عالمياً في العام 2012.
وفي مؤتمر صحافي بعد اللقاء السنوي مع حاملي الأسهم في يوكوهاما جنوبي طوكيو، قال غصن: «الولايات المتّحدة ستكون سوقاً مهمّة». وأضاف: «لست قلقاً في شأن إمكان بيع تلك السيّارات لأنّ هناك شهيّة للسيّارات التي لا تبعث غازات دفيئة... سيارتنا الكهربائيّة ليست ابتكاراً لسيّارة واحدة. إنّه أسلوب جديد في النظر إلى صناعتنا».
وتتحوّل «Nissan» لتكون أوّل شركة تنتج السيّارات الكهربائيّة بكميات كبيرة حول العالم، وستعرض أوّل نموذج لتلك السيّارات في اليابان في الثاني من آب المقبل.
(الأخبار)


برنامج التوفير

أعلن وزير الطاقة الأميركي، ستيفين شو، أمس، عن إجراءات لإقراض شركات صناعة السيّارات «Ford» و«Nissan» و«Tesla» أموالاً من صندوق الـ25 مليار دولار المخصّص لتطوير السيّارات الموفّرة للوقود. وطلبت أكثر من 12 شركة سيّارات قروضاً من برنامج الدعم وصلت قيمتها إلى 38 مليار دولار. وحصلت «Ford» على 5.9 مليارات دولار تستخدمها حتّى عام 2011، بهدف تطوير 13 سيّارة موفّرة للوقود. وتحصل الشركة اليابانيّة على 1.6 مليار دولار لتطوير مصنعها في تينيسي، فيما بلغت قيمة الأموال المخصّصة لـ«Tesla» 465 مليون دولار.