strong>هل تتحوّل الخلافات بين «Google»، مدعوماً من واشنطن، والصين لتهدّد «جهود» معالجة الاقتصاد العالمي؟ السؤال تضخيمي للواقع إلّا أنّه يعكس «الضيق» الذي نتج من «التضييق» على عملاق الإنترنت في البلد الشيوعي لعدم التزامه بالقواعد الأخلاقيّة التي تحدّدها بكين. تضييق ارتفعت وتيرته أمس، في ظلّ امتعاض أميركيّّ من برنامج «السدّ الأخضر»
العلاقات بين الولايات المتّحدة والصين شهدت أيّاماً عسليّة خلال الفترة الأخيرة مع زيارة وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايثنر إلى البلد الشيوعي، وطمأنة المسؤولين في بكين إلى التزام بلاده بتعّهداتها في ما يخص قيمة الاستثمارات النقديّة والماليّة الصينيّة، وعلى رأسها سندات الخزينة الأميركيّة التي تقارب قيمتها تريليون دولار.
وأعربت الصين من جهتها أيضاً عن ثقتها بالوزير، الذي ثارت تناقضات كثيرة بشأن أدائه ومواقفه في بداية ولاية إدارة الرئيس باراك أوباما. هذا التطوّر متّن العلاقات الاقتصادية السياسية بين البلدين، وخصوصاً أنّ كليهما يريد التكاتف في مواجهة موجة الركود العالمي.
ولكن في عالم المال والأعمال وامتداداته السياسيّة (مجموعة الشركات والمصالح الماليّة تمثّل النظام القائم وهو العولمة الرأسماليّة) تبقى الثغر موجودة لتكون من وقت إلى آخر حجر عثرة أمام عمليّة تطوير العلاقات الثنائيّة، ونقلها إلى مستوى أرفع.
يوم أمس ظهر أنّ خلافاً، يمتدّ منذ فترة، تطوّر بين الجانبين. فالسلطات الصينيّة رفعت مستوى اتهاماتها لعملاق الإنترنت الأميركي، صاحب محرّك البحث الإلكتروني الأكثر استخداماً، «Google Inc». وقالت وزارة الخارجيّة في البلد الآسيوي إنّ النسخة الإنكليزيّة من الشركة الأميركيّة تسهم في نشر الصور الإباحيّة ومخالفة القوانين الأخلاقيّة التي تحكم المجتمع الصيني.
وهذا الاتهام يأتي بعد 24 ساعة من إيقاف محرّكات البحث وبعض الخدمات الأخرى لـ«Google» في البلاد، وفقاً لما نقلته «رويترز».
وكانت وكالة «شينخوا» الصينيّة قد أفادت الجمعة الماضي أنّ مسؤولين حكوميّين صينيّين اجتمعوا مع ممثّلين عن الأعمال الصينيّة لـ«Google» وحذّروهم من أنّ شركتهم ستعاقَب إذا لم تسحب المواد الإباحيّة «المهينة» من النسخة الصينيّة للموقع الإلكترونيّ لـ«Google».
وردّت الشركة على تلك المطالب والتهديدات ببيان شدّدت فيه على أنّها تبذل جهوداً عظيمة من أجل تنظيف عمليّاتها الإلكترونيّة في الصين. وقالت: «كنا نعمل باستمرار للتعاطي مع المحتوى الإباحي والمواد التي تؤذي الأطفال».
وخلال الفترة الأخيرة بذلت السلطات الصينيّة جهوداً كبيرة للحدّ من ولوج الصينيّين بشكل كامل إلى شبكة الإنترنت، إلّا أنّ ذلك أغضب متصفّحي الشبكة الكونيّة الذين يعدّون بالملايين في البلد الآسيوي، ولكن على الرغم من أنّ بكين تقول إنّ ممارستها في هذا السياق هي بهدف «الحماية الأخلاقيّة»، أفادت التقارير الإعلاميّة الرسميّة أنّ هناك جانباً سياسيّاً، وخصوصاً غداة الذكرى العشرين لمجزرة ساحة تيانانمين، التي قضى فيها الآلاف دفاعاً عن الديموقراطيّة.
ونقلت صحيفة «The Legal Daily» أنّ 10 آلاف متطوّع جنّدتهم بكين، يبحثون في الشبكة عن «المواد المؤذية» التي تتضمّن أيضاً «تهديداً للأمن القومي» و«إضعاف هيبة الدولة» و«زعزعة الأمن الاجتماعي».
كذلك فإنّ رفع مستوى المواجهة مع «Google» يتزامن مع فرض السلطات الصينيّة على تجارة الحواسيب بيع فقط الكومبيوتر الشخصي المزوّد ببرنامج يسمّى «Green Dam» (السدّ الأخضر) لتصفية البرامج. وهو مخصّص أساساً بحسب الجانب الصيني لحماية الأطفال من الصور غير القانونيّة، وسيطبّق قانونه نهائياً عند حلول بداية الشهر المقبل.
وفي رسالة إلى الحكومة الصينيّة قال وزير التجارة الأميركي غاري لوك والممثّل التجاري للولايات المتحدة، رون كيركلور، إنّ «الصين تضع الشركات في موقع هش عبر طلبها منها، دون إشارة رسميّة فعلاً، تزويد جهاز الكمبيوتر ببرنامج يتّضح أنّ له تداعيات رقابيّة واسعة النطاق ويثير قضايا أمنيّة». فالخبراء يتحدّثون عن أنّ «السدّ الأخضر»، الذي تصنعه شركة «Jinhui» الصينيّة يجعل جهاز الكمبيوتر هشاً أمام هجمات القراصنة الإلكترونيّين.
وكان المهندسون الإلكترونيّون قد كشفوا أنّهم توصلوا إلى حلّ لهذه المشكلة الأسبوع الماضي، ولكن أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ميتشيغن في الولايات المتّحدة، أليكس هالديرمين، شدّد على أنّ النسخة المعدّلة من البرنامج يشوبها الخلل نفسه، الذي كان موجوداً في النسخة الأساسيّة.
وإلى حين تحديد التسويات الإلكترونيّة، يبدو أنّ الإجراءات الصينيّة في ما يتعلّق بالعالم الافتراضي والحواسيب عموماً ستؤدّي على مستوى أوسع إلى تغيير في استراتيجيّات شركات البرامج والإنترنت العالميّة، كذلك ستؤدّي إلى احتقان مطالب مستخدمي الإنترنت، الذين يطالبون طبعاً بالحريّة في بلاد أصبحت تقريباً منفتحة كلياً على العولمة.
(الأخبار)


نصرأميركي

تمثّّل قرصنة الممتلكات الفكريّة قضيّة خلافيّة أخرى بين الولايات المتّحدة والصين نظراً إلى أنّ الأولى أرست أسس فكرة حماية المنتجات من موسيقى وبرامج وأفلام، فيما البلد الثاني هو أب عمليّة نشر تلك المنتجات، وجعلِها متاحةً للجميع. وفي هذا السياق يبدو أنّ واشنطن حقّقت نصراً في ما يتعلّق بالعوائق الصينيّة أمام استيراد تلك المنتجات. عوائق تؤدّي إلى ارتفاع الطلب على أقراص الـ«CD» و«DVD» والكتب المقرصنة. ولكن القرار اتُّخذ في كنف منظّمة التجارة العالميّة، وينتظر حكماً خلال الأشهر المقبلة حسبما نقلت «رويترز» عن مصادر مطّلعة.