strong>بعد طول انتظار وحساسيّات، خشي من تحوّلها إلى سياسيّة، قرّر زعماء مجلس التعاون الخليجي الذين اجتمعوا في الرياض، أمس، أن يكون مقرّ المصرف المركزي الخليجي في السعوديّة، صاحبة أكبر اقتصاد عربي. قرار ينهي حالة البلبلة التي كانت أحد العوائق الأساسيّة أمام العملة الخليجيّة التي لا يزال ممكناً تحقيقها في عام 2010 بحسب قطر
...وأخيراً وافق قادة البلدان الخليجيّة المنضوية تحت لواء مجلس التعاون الخليجي، على مركز المصرف المركزي الخليجي الذي سيتولّي صياغة السياسة النقديّة للمجموعة النفطيّة بعد إصدار عملتها الموحّدة. السعوديّة، البلد الأقدر اقتصادياً في الوطن العربي والمصدّر الأوّل للنفط عالمياً والبلد العربي الوحيد في مجموعة الدول العشرين الكبرى، حظيت بالشرف، بعد منافسة شرسة، وتحديداً من الإمارات العربيّة المتّحدة، التي حلّت ثانية بعد المملكة في استطلاع لآراء الخبراء حول حظوظ البلدان الخليجيّة في هذا السياق، نشرت نتائجه «رويترز» منذ يومين.
وفي نهاية اجتماع طويل استضافته الرياض، أمس، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد الرحمن العطيّة، عن التطوّر. إلا أنّه لفت إلى أنّه «لم يتمّ بعد تحديد جدول زمني لإطلاق الوحدة النقديّة». فالمصرف سيستضيف المجلس النقدي الخليجي، الذي قال المجلس إنّ مهمّته ستكون تحديد موعد نهائي جديد لإصدار العملة.
فالهدف الأساسي من إنشاء هذا الصرح الخليجي هو التأكيد على النوايا بإطلاق العملة الخليجيّة التي بدأ الحديث عنها في عام 1982 لأنّ العوائق كانت قد ازدادت أمامها لسببين أساسيّن: الأوّل هو قرار سلطنة عمان في عام 2006 الانسحاب من الوحدة على اعتبار أنّها غير مفيدة لاقتصادها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ السلطنة ليست عضواً في مجموعة الدول المصدّرة للنفط مثل باقي بلدان المجلس (السعوديّة، الإمارات، قطر، الكويت والبحرين).
أمّا السبب الثاني فهو قيام الكويت عام 2007 بفكّ ربط دينارها بالدولار، مخالفة العرف النقدي الذي تتبعه سائر بلدان المجلس، ومخلّة باتفاق بالإبقاء على الربط حتى استكمال الوحدة النقدية.
وتلك العوائق دفعت المحلّلين والجهات الرسميّة الخليجيّة إلى استبعاد إمكان تحقيق الوحدة النقديّة في عام 2010 كما كان متصوّراً. غير أنّ قطر أكّدت أمس، على لسان وزير اقتصادها وماليّتها، يوسف كمال، أنّ الدول الخليجيّة تستطيع الوفاء بالموعد المحدد إذا تمت تسوية الخلافات المتعلّقة بمواضيع تقنيّة مثل معايير العجز المالي والتضخّم. وقال كمال، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء القطريّة، إنّه يجب الاتفاق على «مؤشرات كثيرة. لكن في حال تحسّن الظروف، فإنّ من المؤمل أن يكون عام 2010 هو العام المحدد لإطلاق العملة».
وعلى أيّ حال، فإنّ الزعماء الذين وافقوا على بروتوكول الوحدة النقديّة خلال القمّة التي عقدوها في 31 كانون الأوّل الماضي، تجاوزوا أمس العقبة الأساسيّة أمام الوحدة، حتّى إن كان اجتماهم في الرياض ناقصاً، حيث غاب عنه الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد آل نهيان، والملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، والسلطان العماني، قابوس بن سعيد.
ومثّل الاجتماع عن الإمارات، حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، في ظلّ تحليلات كثيرة تشير إلى مدى أفضليّة إمارته لاستقبال المصرف، بسبب انفتاحها والصفات التي اكتسبتها في المنطقة: مركز للأعمال والتجارة، فيما يؤخذ على السعوديّة إجراءاتها الصعبة المتعلّقة بالأعمال وتعقيداتها المنبثقة من قوانين الشريعة.
وتبرز أهميّة الوحدة النقديّة الخليجيّة في هذه الأوقات نظراً إلى تداعيات الأزمة الماليّة العالميّة على بلدانها التي تعتمد على النفط في عائداتها ومشاريعها الاستثماريّة والتنمويّة. فسعر الوقود الأحفوري تراجع بنسبة كبيرة منذ وصوله إلى مستواه القياسي في الصيف الماضي.
ومن بين نتائج التداعيات، تراجع معدّلات النموّ في المنطقة تراجعاً متفاوتاً، وتحديداً في السعوديّة والكويت والإمارات. كذلك فإنّ موازنات البلدان الخليجيّة ستسجّل بمعظمها عجوزات. وفي هذا السياق، رأى الاقتصادي في المؤسسة الماليّة «HSBC Holdings»، سايمون ويليامز، في حديث لموقع «BI Middle East»، أنّ العجز السعودي في العام المالي الجاري قد يصل إلى 30 مليار دولار، أي أكثر بـ77 في المئة من العجز الذي كانت الحكومة تتوقّعه في كانون الثاني الماضي.
فالسعوديّة ملتزمة ببرنامج إنفاق عام تبلغ قيمته 400 مليار دولار، يمتدّ على خمس سنوات، يهدف إلى تحسين أوضاع البنية التحتيّة وخلق الوظائف وتحفيز النموّ. واللافت هو أنّ الأصول الأجنبيّة تراجعت بواقع 11.7 مليار دولار في آذار الماضي إلى 410.8 مليارات دولار.
وعموماً، فإنّ الأوضاع الضيّقة التي تعيشها بلدان الخليج ربّما تنعكس في العام المقبل عندما تبدأ عمليّة تعافي الاقتصاد العالمي، وفقاً للتقارير المختلفة، وتبقى معرفة كيف ستؤثّر العملة الموحّدة على الجهود في إطار تنويع الاقتصادات، بعيداً عن القطاع النفطي وتوحيد الجهود على الصعيد الاقتصادي عموماً.
(الأخبار)


أزمة نفطيّة

رأت مؤسّسة الاستشارات الماليّة الدوليّة، «Standard & Poor’s»، في تقرير نشرته أمس، أنّ السعوديّة والبحرين هما على قائمة البلدان الأكثر هشاشة في حال حصول أزمة نفطيّة وانخفاض دراماتيكي في سعر الوقود الأحفوري. والمراتب الخمس الأولى، إلّا واحدة لنيجيريا، شغلتها بلدان عربيّة خليجيّة، وهي إضافة إلى المذكورتين، الكويت والإمارات العربيّة المتّحدة. وفي المقابل، فإنّ البلدان النفطيّة الأقلّ هشاشة هي: النروج، الكاميرون والمكسيك. واللافت هو أنّ التقرير لم يذكر المعايير التي اتبعها لقياس مستوى الهشاشة.