strong>نموّ اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سينخفض بنسبة 50 في المئة عام 2009 مقارنة بالعام الماضي، بحسب التوقّعات الأحدث لصندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من أنّ المنطقة ستخالف النمط المسجّل في معظم البلدان حول العالم فإنّ ثلاثة اقتصادات من بين بلدانها النفطيّة الأغنى ستتقلّص وبينها السعوديّة
خفض صندوق النقد الدولي توقّعاته المتعلّقة بنسبة النموّ الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (Mena Region) التي تضمّ 22 بلداً، بينها لبنان، إلى 2.6 في المئة خلال العام الجاري، بعدما كانت تلك النسبة قد بلغت 5.6 في المئة خلال العام الماضي، ولن يعود النموّ الثابت إلّا عام 2010 مع توقّع تسجيل نسبة 3.6 في المئة.
أمّا بالنسة إلى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فإنّ نسبة نموّها ستتراجع إلى 2.5 في المئة خلال العام الجاري، انخفاضاً من 6 في المئة مسجّلة عام 2008.
وهذه النسب المتواضعة تعكس تأثيرات الأزمة الاقتصاديّة العالميّة على بلدان المنطقة المتوزّعة على مجموعتين، الأولى تضمّ البلدان النفطيّة وتحديداً بلدان مجلس التعاون الخليجي، والثانية تحوي البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوّعاً.
والتأثيرات تظهر من جهة على البلدان النفطيّة التي تراجعت عائداتها دراماتيكيّاً بسبب الانهيار الذي أصاب أسعار النفط وتنفيس فقاعات النموّ التي عاشتها خلال العقد الماضي، ومن جهة أخرى على بلدان أخرى مثل المغرب ومصر وباكستان التي تعدّ هشّة في وجه الأزمة التي تضرب التجارة الدوليّة والسياحة.
وبحسب مدير الصندوق في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مسعود أحمد، فإنّ «المنطقة ستتأثّر (بالأزمة الاقتصاديّة العالميّة) مثل سائر البلدان إنّما بقدر أقلّ»، وهذا يعود أساساً إلى أنّ «البلدان النفطيّة ستستخدم احتياطاتها لحماية اقتصاداتها ولهذا الأمر تؤثر على باقي بلدان المنطقة».
ولكن الصورة السوداويّة في المنطقة تظهر خصوصاً في منطقة الخليج العربي التي تمثّل بلدانها (السعوديّة، الكويت، الإمارات، البحرين، عمان، قطر) محرّك إنتاج النفط عالمياً، فهي تحتوي 65 في المئة من الاحتياطات العالميّة من الوقود الأحفوري و45 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي.
ونسبة نموّ اقتصادات تلك المنطقة كانت مرجّحة عند 3.5 في المئة، أمّا الآن، فإنّ الصندوق لا يتوقّع نموّاً بأكثر من 1.3 في المئة، مع التحذير من أنّ اقتصادات السعوديّة والإمارات والكويت ستشهد انكماشاً (تقلّصاً اقتصادياً) بنسبة 0.9 في المئة و0.6 في المئة و1.1 في المئة على التوالي، ما يُظهر أنّ الكويت، المنتج الرابع للنفط عالمياً، سيكون الأكثر تأثّراً بالأزمة الماليّة الاقتصاديّة العالميّة التي أدّت إلى تفاقم الأزمة السياسيّة فيه.
والبلدان الخليجيّة التي عاشت خلال السنوات الماضية فورة حقيقيّة على الصعيد التنموي التي تعكسها المشاريع الكبرى، ستقيّد سياساتها الماليّة والاقتصاديّة حالياً موجة الركود الطويلة وتراجع أسعار النفط، ولذا عليها، بحسب التقرير الذي نشره الصندوق أمس، «تحسين الرقابة على الأسواق الماليّة ودعم النشاط الاقتصادي، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الاستدامة في السياسة الماليّة».
ولكن هذه الطموحات تبدو صعبة التحقّق، وخصوصاً أنّ معظم تلك البلدان تعتبر في موازناتها أنّ سعر برميل النفط هو عند 40 دولاراً، وتسجّل عجوزات كبيرة قد تصل إلى 30 مليار دولار في السعوديّة. كذلك هناك خطورة كبرى على صعيد النموّ الاقتصادي نوعياً، فالقطاعات غير النفطيّة في الاقتصاد الإماراتي على سبيل المثال يُتوقّع أن تنمو بنسبة 0.8 في المئة فقط خلال العام الجاري انخفاضاً من 8.6 في المئة خلال العام الماضي. وبدائرة أوسع، فإنّ الاقتصاد غير النفطي في بلدان الخليج سينمو بنسبة 3.2 في المئة فقط، ما يمثّل أقلّ من نصف النسبة المسجّلة في العام الماضي.
وعموماً، ونظراً للخصوصيّات الماكرو اقتصاديّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يجب أن تركّز بلدانها، بحسب مسعود أحمد، على السياسات الأساسيّة الآتية:
أوّلاً، الحفاظ على أو زيادة المبالغ المخصّصة للإنفاق العام حيث أمكن ذلك. ففي البلدان التي لا يمثّل فيها الدين العام عبئاً ثقيلاً يجب أن يحدث ذلك، وهنا يمكن ذكر جميع البلدان المصدّرة للنفط وسوريا والمغرب وتونس.
ثانياً، تقوية الأنظمة الماليّة: على البلدان أن تراقب جيّداً أداء أنظمتها المصرفيّة، وأن تطبّق حيث أمكن اختبارات صمود لبنوكها للتأكّد من حسن رسلمتها ومن مدى ضرورة إجراء زيادة في الرساميل، ومعالجة أوضاع المؤسّسات الماليّة المتعثّرة.
ثالثاً، سياسات نقديّة مرنة مع تراجع معدّلات التضخّم، وذلك لإفساح المجال أمام بعض الحكومات لتطبيق سياسات لدعم الاستثمار والنموّ.
رابعاً، تقوية شبكات الأمان الاجتماعي. فهذه الأوقات الاقتصاديّة الصعبة تحتّم على الحكومات تخصيص موارد إضافيّة وتطوير السياسات التي تحمي الفقراء والفئات المهمّشة في المجتمع.
(الأخبار)


بلدان غير نفطيّة

يتوقّع تقرير صندوق النقد الدولي أن تنخفض نسبة النموّ في البلدان المستوردة للنفط في المنطقة (أفغانستان، جيبوتي، مصر، الأردن، لبنان، موريتانيا، المغرب، باكستان، سوريا، تونس) إلى 3.2 في المئة مقارنة بـ6.2 في المئة خلال العام الماضي. فرغم أنّ هذه البلدان احتوت نسبياً تداعيات الأزمة العالميّة بسبب تراجع أسعار النفط والارتباط الضعيف مع الأسواق الماليّة العالميّة، فإنّ التباطؤ الذي يشهده شركاؤها التجاريّون الأساسيّون يؤثّر على صادراتها والاستثمارات الخارجيّة المباشرة وعائدات السياحة والمغتربين.