Strong>تظهر في قطاعات عديدة في مختلف بلدان العالم تقريباً مؤشّرات انتعاش قد تهيّئ الأرضيّة لبدء عمليّة التعافي من الركود في النصف الثاني من العام الجاري. وفي قطاع العقارات حيث بدأت الأزمة الماليّة المطلقة لشرارة ذلك الركود، هناك بوادر إيجابيّة، ترصد في آليّات الأسعار والطلب، ولكن حذار 10 مخاطر، أبرزها في الشرق الأوسط «التغيّرات الديموغرافية»انطلقت الأزمة الماليّة في الولايات المتّحدة من انفجار فقاعة الرهون العقاريّة التي كانت العامل الذي أظهر خلل آليّات الرقابة والقوننة في الأسواق الماليّة. والتداعيات تحوّلت إلى اقتصاديّة لتغزو موجة الركود بلدان العالم ويتقلّص الاقتصاد الكوني بنسبة 1.3 في المئة خلال العام الجاري وفقاً للتوقّعات المعتدلة. ولكن في مدن العالم التي عاشت فورة عقاريّة، مثل دبي، ظهر أنّ الفقاعة هي بحجم تلك الأميركيّة (بحسب المعايير النسبيّة)، وسقط القطاع العقاري العالمي (إلّا في لبنان!) في مستنقع، حيث أدّى انخفاض الطلب وتراجع ثقة المستهلكين إلى تراجع الأسعار وتجميد المشاريع.
القطاع العقاري، وإن كان يشهد حالياً بعض مظاهر الانتعاش مثل سائر الجوانب الاقتصاديّة الأخرى، إلّا أنّه لا يزال عرضة لهشاشة استثنائيّة متمثّلة بعشرة عوامل، اثنان منها «جديدان»، عرضتها مؤسّسة الاستشارات الماليّة، «Ernest & Young» في تقرير أعدّته بالتعاون مع مؤسّسة «Oxford Analitica».
ويقول التقرير إنّ «حالة الترقب المستمرّة وتأثير الضغوط الائتمانية» هو أكبر خطر يواجه الشركات العقارية في عام 2009. وبحسب كبار المحللين في القطاع، ممّن شملهم الاستطلاع، جاءت المراتب العالمية العشر الأولى للمخاطر التي تواجه القطاع على الشكل التالي، مع وضع ترتيبات عام 2008 مذكورة بين قوسين:
1 - حالة الترقب المستمرة وتأثير أزمة الائتمان (جديد). 2 - التقلبات الاقتصادية والسوقية العالمية (7). 3 - التأثيرات الناجمة عن ضعف أو عدم وجود البنية التحتية كفايةً (6). 4 - التنافس العالمي لاستقطاب الكفاءات (14). 5 - التغيرات الديموغرافية (13). 6 - عدم القدرة على إدراك واغتنام فرص جديدة وغير تقليدية في الأسواق العالمية (4). 7 - عدم القدرة على تحديد الأسعار (جديد). 8 - الثورة بمعنى الدفاع عن البيئة والحفاظ على الاستدامة والمطالبة بمواجهة التغيرات المناخية (9). 9 - ضعف الاقتصاد والمخاطر التنظيميّة في الأسواق النامية (8). 10 - تكاليف الطاقة المتقلبة (جديد).
وتنقل «Ernest & Young» عن مدير خدمات الصفقات والاستشارات العقارية لديها في الشرق الأوسط، محمد دهمش، قوله «كان لأزمة الائتمان الأثر الكبير على توقعات المستثمرين والثقة في السوق، ما زاد من شدّة وطأتها، حيث ارتبط نمو قطاع العقارات القوي بممارسات إقراض ضخمة، واستثمارات عامة متصاعدة. ومع تبني المؤسسات والأفراد موقفاً حذراً الآن، تبقى السيولة هي مصدر القلق الرئيسي الذي قد يسبب في تأجيل الكثير من المشاريع، وتعريض بعضها لخطر الإلغاء».
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، ينبثق الخطر الرئيسي من ضعف الاقتصاد والمخاطر التنظيمية. وفي هذا الصدد، يضيف دهمش: «ليس من السهل دائماً تحديد وتعريف المخاطر الاقتصادية والتنظيمية في الاقتصادات الناشئة، وخصوصاً أثناء مرحلة الانكماش». ويوضح أنّ بعض هذه التحديات يشمل «الاستراتيجية الحاسمة على إدارة الأنظمة المحلية الخاصة مثل حقوق الملكية العقارية، والقوانين الضريبية (متى أمكن تطبيقها)، والتحكيم، وشروط الإقامة». ويشير إلى أنّه «من المهم أيضاً تطبيق القوانين المتعلقة بالإفلاس وحجز الرهن. كذلك لا بدّ للشركات العقارية من أن تبدي استعداداً لتقديم التزامات طويلة الأمد إذا كانت جادة في امتداد أعمالها لأي من الأسواق الناشئة».
من جهة أخرى، يلفت دهمش إلى أنّه مع التغيرات الديموغرافية، التي تعدّ عاملاً رئيسياً للقلق بالنسبة إلى المنطقة، بات هنالك أيضاً حاجة ضمنية لربط الخطط الاستراتيجية لنمو الأعمال مع ديموغرافيا السوق. وغالباً ما ينظر إلى التحليل الديموغرافي والتنبّؤ به على أنه جزء طبيعي من قطاع العقارات، لأن الديموغرافية المتغيرة هي التي ستحدد ما سيُبنى، وأين سيتمّ بناؤه وكيف سيتم تمويله.
كذلك فإنّ وجود طبقة متوسطة متضخمة، بحسب دهمش، «سيولّد حاجات ملحّة للخدمات الأساسية، بما فيها التعليم، وكذلك البنية التحتية لخدمات السياحة والترفيه، كما تؤثر في قدرة البلدان على تقديم المزيد من الاستثمارات الموجهة نحو التنمية. وما لم تتأهب الشركات العقارية الإقليمية لظهور طبقة وسطى متنامية في حاجتها إلى توفر السكن بأسعار مناسبة، فإن هذا القطاع قد يعاني إفراطاً غير متوازن في العقارات الفاخرة. ويمكن لمثل هذا السيناريو أن يطيل من عمليّة تعافي القطاع، وهو اقتراح يمكن تجنبه».
وخلص دهمش إلى أن هذا هو أفضل وقت لإعادة التقويم ووضع الملكيات العقارية تحت الطلب، فتكون الشركات بذلك مجهزة بالشكل الأمثل للاستفادة من الفرص التي ستنبثق من الأزمة.
(الأخبار)


خارج الأضواء

رغم تعدد المخاطر التي تواجهه، يبدو القطاع العقاري قادراً على تخطي الأزمة. فمع الانتهاء من المرحلة الأولى من إجراءات تصحيح السوق، نتجت بعض التغييرات الهيكلية في نماذج الأعمال النشطة. كذلك سيساعد الدعم الحكومي المتمثل بزيادة الإنفاق على البنية التحتية وضمانات إنقاذ المؤسسات المالية في استعادة الثقة ودفع القطاع للنهوض مجدداً. ولكن على المدى البعيد، هناك مخاطر خارج الأضواء تتمثّل بالآتي: 1 - التغييرات الجيوسياسية. 2- السمعة المالية. 3- عدم القدرة على تأمين بعض العقارات. 4 - المخاطر التنظيمية والامتثال للقوانين.