strong>أبقت منظّمة البلدان المصدّرة للنفط على إنتاجها ثابتاً في اجتماعها في فيينا أمس، مراهنةً على إمكان انتعاش سعر الوقود الأحفوري في النصف الثاني من العام الجاري، مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي. فـ«أوبك» تريد سعر البرميل بين 75 دولاراً و80 دولاراً، وتحتاج إلى احترام حصص الإنتاج، لأنّ «النور بدأ يظهر في نهاية النفق»، والمطلوب هو توافق الأعضاء
سوق النفط لا تزال تشهد فائضاً في المعروض، ونحو 130 مليون برميل من الخام والمنتجات النفطيّة مخزّنة في سفن في البحر، بحسب الأمين العام لـ«أوبك» عبد الله البدري. والولايات المتّحدة وحدها راكمت مخزوناً حجمه 370 مليون برميل، مع تراجع أسعار النفط من نحو 150 دولاراً في الصيف الماضي إلى ما بين 30 دولاراً و40 دولاراً في بدايات العام الجاري.
ولكن رغم هذا الواقع ارتأت منظّمة الدول المصدّرة للنفط عدم خفض إنتاجها. السبب هو أنّ الأسعار أظهرت بعض التحسّن في الفترة الأخيرة، مسجّلة أعلى مستوى في ستّة أشهر، حيث تجاوز سعر البرميل 63 دولاراً. كما أن المنظّمة وعلى رأسها السعوديّة، لم تعد ترى أنّ عليها أن تدعم عمليّة تعافي الاقتصاد العالمي من أقسى ركود يعيشه منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، عبر أسعار متدنّية.
فعشيّة اجتماع «أوبك» شدّد وزير النفط السعودي، علي النعيمي، الذي أعرب عن «السعادة» بالقرار، على أنّ الاقتصاد العالمي بدأ يتعافى، وأصبح قادراً على تحمّل سعر للبرميل بين 75 دولاراً و80 دولاراً، في تصريحات تعكس تمنّيات الملك السعوديّ، عبد الله بن عبد العزيز قبل ثلاثة أيّام، وأعضاء آخرين في المنظّمة.
الكارتيل النفطي الذي ينتج نحو 40 في المئة من نفط العالم، قال في نهاية اجتماعه أمس، إنّه «قرّر الإبقاء على مستويات الإنتاج ثابتة للوقت الحالي»، وشدّد أعضاؤه على «التزامهم الثابت» بكوتات الإنتاج في إطار الجهود المبذولة لكبح العرض، ومواجهة الخلل في توازن الأسواق.
فاحترام الحصص أساسي للتأثير على السوق، ولكن الالتزام بنسبة 100 في المئة غير محال. ففيما بلغ الالتزام في نيسان الماضي 80 في المئة انخفاضاً من 85 في المئة في الشهر السابق، فإنّ أيّ زيادة بالالتزام بنسبة 10 في المئة ستؤدّي على الأرجح إلى صدمة أسعار. إذ إنّه حتّى الآن لا تزال المنظّمة تضخّ 800 ألف برميل زيادة على السقف المحدّد بـ25 مليون برميل. وإلغاء إمداد السوق بـ400 ألف برميل يومياً سيكون له وقع قويّ على العرض وعلى سلوك المستثمرين.
وبحسب وزير النفط القطري عبد الله العطيّة، الذي نقلته تصريحاته بعد الاجتماع وكالة «رويترز»، فإنّ «مستوى الالتزام جيد، وسنواصل دعمنا لهذا المستوى».
ويبدو أنّ قرار «أوبك» نابع من اقتناعها بأنّ الاقتصاد العالمي، وعلى رأسه الاقتصاد الأميركي الأكبر، بدأ يتحسّن بالفعل، ولكن قلّة من المحلّلين يتوقّعون وصول الأسعار إلى 80 دولاراً في نهاية العام الجاري. وخصوصاً مع استمرار التوقّعات السلبيّة.
فالأمم المتّحدة رجّحت في تحديث توقّعاتها الذي نشرته أمس، أن ينكمش الاقتصاد الكوني بنسبة 2.3 في المئة خلال العام الجاري، فيما يقول صندوق النقد الدولي إنّ النسبة ستكون 1.3 في المئة، على أن يُسجِّل العام المقبل نمواً إيجابياً نسبته 1.9 في المئة.
ولكن بحسب دراسة إحصائيّة أجرتها مؤسّسة «National Association for Business Economics» في الولايات المتّحدة ونشرتها أوّل من أمس، يتوقّع 74 في المئة من المحلّلين الذين استُطلعت آراؤهم أنّ ينتهي الركود الذي بدأ عام 2007، بحلول الفصل الثالث من العام الجاري. ما يعني بدء انتعاش الطلب في أكبر بلد مستهلك للوقود الأحفوري في العالم.
وقد دفعت التطوّرات في أسواق السلعة الاستراتيجيّة، وتحديداً في الولايات المتّحدة، إلى ارتفاع أسعار بنسبة 100 في المئة مقارنةً بالمستوى المتدنّي المسجّل في بداية عام 2009. وتلك التطوّرات سببها لجوء المستثمرين إلى النفط، مع تراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الكبرى الأخرى، إضافةً إلى انتعاش أسواق الأسهم العالميّة، ما يشير إلى بداية للتعافي الاقتصادي.
إذاً فأعضاء «أوبك»، الصقور والمعتدلون، يبنون على أنّ الاقتصاد بدأ بالتعافي، ويرون بالفعل انتعاشاً في نهاية العام الجاري، أو بدقّة أكثر «ضوءاً في نهاية النفق» وفقاً للبدري. وإذا لم يحدث ذلك الانتعاش، ويصل سعر البرميل إلى 80 دولاراً، فقد يلجأون مجدّداً إلى خفض الإنتاج، وتضييق السوق أكثر، بعدما خفضوا إمداداته بواقع 4.2 ملايين برميل يومياً منذ أيلول الماضي. وآخر خفض كان في اجتماع الجزائر في كانون الثاني. أمّا في الاجتماع الذي تلاه، فقد قرّر الكارتيل إبقاء الإنتاج ثابتاً، بعد «ضغوط أميركيّة» للمساهمة في مواجهة الركود.
وهذا التفاؤل الموجود لدى أعضاء المنظّمة «يُطمئنهم» أيضاً بشأن المبالغ الإضافيّة التي يحتاجون إليها من أجل زيادة الاستثمارات، رغم توقّعات وكالة الطاقة الدوليّة بأنّ الطلب سيتراجع بواقع 2.5 مليون برميل يومياً في العام الجاري، للمرّة الأولى منذ عام 1981.
(الأخبار)


تطوّرات إيجابيّة

فيما شدّد الأمين العام لـ«أوبك»، عبد الله البدري، في حديث لـ«رويترز»، على أنّ الطلب بدأ ينتعش في الولايات المتّحدة حيث «نشهد ارتفاعاً مهماً للغاية، ونشهد طلباً من الصين والهند ومن آسيا كلها»، قال رئيس دائرة الأبحاث في «أوبك»، حسن قبازارد، إنّ المخزونات قد تنخفض بالقيم المطلقة إلى متوسطها في 5 سنوات بحلول نهاية العام الجاري. وأوضح أنّ تلك المخزونات ستتراجع بمقدار 1.3 مليون برميل يومياً في المتوسط، متوقّعاً نموّ الطلب في الصين بما بين 3 في المئة و4 في المئة، وتطوّرات إيجابية متعلّقة بثقة المستثمرين الأميركيّين.