strong>فيما يُتوقّع أن يسجّل الاقتصاد القطري نسبة نموّ أفضل من منطقته الخليجيّة (وحتّى في العالم أجمع) لن تمرّ تداعيات الأزمة الماليّة الماليّة مرور الكرام عليه. ويبرز ذلك في مؤشّر تفاؤل الأعمال الذي أصدرته شركة «Dun & Bradstreet» للربع الثاني من العام الجاري. فالشركات تتبع سياسات حذرة في ما يتعلّق بالإنتاج والتوظيف
في ظل تفاقم الركود الاقتصادي العالمي والهبوط الحاد في أسعار النفط، أظهرت النشرة الخاصّة بمؤشّر «Dun & Bradstreet» للتفاؤل بشأن الأعمال للربع الثاني من عام 2009، تراجع التفاؤل بالاقتصاد القطري الذي يعدّ المصدّر الأوّل للغاز المسال في العالم. وصيغ التقرير بالاشتراك مع «هيئة مركز قطر للمال» و«بنك الخليج التجاري» (الخليجي)، وبني على استطلاع أُجري في آذار الماضي. وعلّق عليه الرئيس التنفيذي للشركة في جنوب آسيا والشرق الأوسط، راجيش مرشنداني، قائلاً: «من المتوقع أن تنخفض مستويات الطلب في الاقتصاد القطري ما سيؤثر في أرباح الشركات في جميع القطاعات وعلى الأرجح أنّ معظم الشركات ستسير بحذر، وخصوصاً لناحية الاحتفاظ بمستويات معيّنة من المخزون واستخدام موظفين جدد وذلك على ضوء الانخفاض في الطلب عموماً».
ومن جهته، قال الرئيس التنفيذي بالوكالة روبين ماكول، إنّ الحكومة «رفعت مستوى الدعم المالي وقد انعكست التدابير الأخيرة التي اتخذتها لمساعدة القطاعين المصرفي والمالي انعكاساً إيجابيّاً على الاقتصاد، مما أسهم في تعزيز السيولة في النظام المالي». وأضاف إنّه «يمكننا أن نستخلص نقطتين إيجابيتين من نتائج مؤشر التفاؤل. الأولى هي أن التضخّم سيستمر في الانخفاض، والنقطة الثانية أن معظم الشركات تتوقع أن يستعيد الاقتصاد العالمي عافيته بحلول عام 2010».
وخلصت الدراسة إلى بقاء الضغوط على الأسعار على حالها، حيث انخفض مؤشر أسعار البيع إلى سالب 18 في مقابل 8 في الربع الماضي. ومن المتوقع أن يشهد قطاع البناء والإنشاء والعقارات هدوءاً كبيراً، حيث يتوقّع 39 في المئة ممّن شملهم الاستطلاع انخفاضاً في أسعار البيع، فيما 46 في المئة لا يرون أي تغيير على هذا الصعيد.
كما أنّ 54 في المئة من الشركات تتوقع استقرار كلفة رأس المال في الربع الثاني من العام، بفضل التدابير التي اتخذتها الحكومة لخفض معدلات الفائدة، بهدف الحدّ من تداعيات الأزمة المالية العالمية. غير أنّ توافر التمويل لا يزال يمثّل مشكلة رئيسية بالنسبة إلى مجتمع المال والأعمال القطري، حيث أعرب 40 في المئة من رجال الأعمال المستطلعة آراؤهم عن مخاوفهم في هذا الصدد.
ولكن رغم تلك التداعيات، يرى الرئيس التنفيذي والمدير العام لهيئة مركز قطر للمال، ستيوارت بيرس، أنّ «مواصلة الأنشطة الاستثماريّة في قطر خير دليل على صلابة الاقتصاد». ويشير إلى أنّ التقرير يوضح صوابيّة قرار الحكومة في «اتخاذ التدابير الرامية إلى دعم القطاع المصرفي المحلي لضمان عدم تقويض قدرته على الإقراض. ومن الناحية الإيجابية، فإن عدد الشركات التي أعربت عن اهتمامها بالعمل داخل قطر أو انطلاقاً منها من خلال مركز قطر للمال لم ينخفض خلال العام الماضي على الرغم من الهزّات التي ألمّت بعالم الاقتصاد».
وبالعودة إلى التوقّعات بشأن التأثيرات المحتملة للأزمة المالية العالمية على المؤسسات والشركات، فقد رجّح 44 في المئة من الشركات التي شملتها الدراسة والعاملة خارج قطاع المحروقات، أن يبدأ الاقتصاد العالمي باستعادة عافيته في العام المقبل مقابل 29 في المئة من الشركات التي بدت أكثر تفاؤلاً متوقّعةً أن تتحلحل الأوضاع خلال العام الجاري، فيما شكّك 27 في المئة في تسجيل أي نمو في الاقتصاد العالمي.
أمّا في ما يتعلّق بقطاع المحروقات الذي يعدّ درّة الاقتصادات الخليجيّة عموماً، فقد برزت بعض علامات الانتعاش فيه، حيث ارتفع مؤشر التفاؤل بأسعار البيع من أدنى مستوياته في الربع الماضي والبالغة سالب 54 ليصل إلى سالب 7 في الربع الثاني من العام، إلّا أنّ 57 في المئة من الشركات العاملة في قطاع المحروقات توقعت انخفاضاً في أسعار النفط، بينما أشار 43 في المئة إلى أن التأخير المحتمل في المشاريع سيكون من أبرز التحدّيات التي سيواجهها القطاع في الربع الثاني.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الدوحة تعوّل أساساً على مصادرها من الغاز الطبيعي من أجل تحفيز نموّها خلال السنوات المقبلة. فقد افتتح أمير البلاد حمد بن خليفة آل ثاني خلال الأسبوع الجاري مرفقاً جديداً لتصدير الغاز المسال في منطقة رأس لفّان، في إطار مشروع تطوير ضخم يهدف إلى مضاعفة إنتاج البلاد من الغاز المسال إلى 77 مليون طن سنوياً خلال العقد المقبل.
فعلى الرغم من أنّ الطلب عالمياً يتراجع على هذا المورد الطاقوي فإنّه يعدّ حيوياً في المستقبل للقضاء على أيّ تأثير ينتج من الأزمة الماليّة ويعيد ثقة الشركات المهزوزة.
(الأخبار)


مؤشرات التفاؤل

تُستخدم مؤشرات التفاؤل في شأن الأعمال على نطاق واسع بهدف تحديد وفهم توقعات النمو لدى مجتمع الأعمال وتجاوبها مع التطوّرات الجارية التي يشهدها الاقتصاد. ويقوم مؤشر التفاؤل في قطر، الذي يصدر فصلياً، على استطلاعات شاملة تُجرى في أوساط مجتمع الأعمال القطري، وهي إحدى أكثر الوسائل فعالية في رصد توقعات الشركات والمؤسسات في قطر بشأن اتجاهات الاقتصاد القطري. وسيصدر العدد المقبل من مؤشر التفاؤل بخصوص الأعمال في تمّوز المقبل. وتعدّ المؤشّرَ مؤسّسة الاستشارات الماليّة والاقتصاديّة الأميركيّة «Dan & Bradstreet».