Strong>تظهر أكثر من إشارة إلى أنّ الاقتصاد العالمي، وتحديداً مراكزه الصناعيّة، يبدي القليل من التحسّن. وبحسب منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإنّ التعافي بدأ يُرصد في بعض بلدان مجموعة الـ«G7»، فيما اقتصاد الولايات المتّحدة، الأكبر عالمياً، يتحسّن نسبياً في بعض المؤشّرات كالبطالة والتجارة، وكلّ ذلك ينعكس إيجاباً في الأسواقالتعافي الاقتصادي العالمي بالمعنى الفعلي، أي عكس أنماط انكماش الاقتصادات الصناعيّة، ليس ممكناً إلا في العام المقبل، وفقاً للتوقّعات المتفائلة. لكن في خضمّ أزمة الركود العالمي، تبدو إشارات التحسّن الصغرى حيويّة لتوقّع انفراج في الأفق.
وفي مركز النظام، الولايات المتّحدة، التي تعيش ركوداً منذ 15 شهراً، يظهر انتعاش في بعض القطاعات يؤدّي إلى استقرار نسبي في البورصات وتعافٍ تدريجي في ثقة المستثمرين والمستهلكين، وخصوصاً في ظلّ خطط الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الاقتصاديّة والماليّة، وتلك التي يصوغها الاحتياطي الفدرالي.
فقد سجّل نموّ عدد العاطلين من العمل في أكبر اقتصاد في العالم تراجعاً في الأسبوع الماضي. وحتّى إن كان المعدّل العام للبطالة لا يزال عند 8.5 في المئة مع توقّع وصوله إلى 10 في المئة بنهاية العام الجاري، إلّا أنّ هذا التطوّر يفيد بأنّ نمط التدهور في سوق العمل وفي عمليّات إلغاء الوظائف قد تحسّن نسبياً. فعمليّات الطرد، إلى جانب تأثيرها على المؤشّرات الماكرو اقتصاديّة من حيث الإنتاج والطلب، تؤثّر أيضاً على ثقة المستهلكين الذين يفضّلون في أوقات الأزمات عدم الإنفاق والاحتفاظ بالأموال إلى مراحل يتوقّعونها أسوأ، ما يغذّي موجة التشاؤم ويزيد من انكماش الطلب الاستهلاكي الذي يمثّل ثلثي النشاط الاستهلاكي في الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، نقلت وكالة «Associated Press» عن المستشار الاقتصادي الأوّل للرئيس الأميركي باراك أوباما قوله: «أعتقد أنّنا يمكن أن نثق بأنّ الشعور بتدهور الاقتصاد (بصورة دراماتيكية) وهو الشعور الذي كان سائداً منذ الخريف الماضي، سينتهي خلال الأشهر القليلة المقبلة»، لكن من دون الإشارة إلى متى يمكن رصد انتعاش حقيقي في الناتج المحلّي الإجمالي، وهو أمر قد يحدث خلال الربع الأخير من العام الجاري، بحسب بعض التوقّعات.
لكن في ما يتعلّق بالبطالة، تظهر تجارب مراحل الركود السابقة التي مرّت بها الولايات المتّحدة أنّ معدّلها ينحو للارتفاع بعض انتهاء مرحلة الأزمة، ليعود وينخفض تدريجاً مع تأثير عودة الثقة وارتفاع الإنتاج والطلب.
ورغم الالتباس المتعلّق بالتوظيف، يمكن رصد مؤشّرات أخرى على التحسّن النسبي. فالعديد من شركات التجزئة تتوقّع انتعاش المبيعات خلال الشهر الجاري، بعدما شهد هذا القطاع تدهوراً حقيقياً في الربع الأخير من العام الماضي. فتلك الفترة كانت فترة أعياد، ورغم ذلك، تقلّص فيها الاقتصاد بنسبة 6.5 في المئة على أساس سنوي.
كذلك فإنّ توقّعات المصرف الأميركي «Wells Fargo» في شأن أرباحه أراحت المستثمرين في الأسواق الماليّة، التي تشهد منذ فترة تحقيق أرباح ملموسة، وخصوصاً بعد قمّة مجموعة الدول العشرين الكبرى التي أعلن فيها عن رزم تحفيز جديدة للاقتصاد العالمي. وارتفع مؤشّر «Dow Jones» بنحو 250 نقطة.
ومن جهة أخرى، يبدو أنّ انخفاض العجز التجاري الأميركي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 9 سنوات سيكون له وقع على الاقتصاد الوطني، وإن كان ذلك يمثّل أخباراً سيّئة للبلدان الأخرى، وتحديداً تلك التي تعتمد اقتصاداتها على الصادرات، مثل الصين وألمانيا واليابان (ما يتزامن مع تداعيات نزعة الحمائيّة التي تتضمّنها خطّة التحفيز الأميركيّة التي تبلغ قيمتها 787 مليار دولار).
فقد تراجع العجز في شباط الماضي بنسبة 28.3 في المئة، وبلغ 26 مليار دولار. ونسبة الانخفاض تلك هي الأعلى المسجّلة خلال 12 عاماً وفقاً لما تنقله وكالة «France Press». وعموماً، فإنّ عودة الصادرات إلى الانتعاش في وجه الواردات تعدّ مؤشّراً جيداً على متانة الطلب على السلع الأميركيّة، وبالتالي على حركة التوظيف في المدى المتوسّط.
وتتزامن تلك المؤشّرات الأميركيّة مع إعلان منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أنّ مؤشّرات هشّة للانتعاش الاقتصادي بدأت تظهر في بلدان مجموعة السبع العظمة (G7). وتلك المؤشّرات تبدو واضحة في بلدان مثل فرنسا وإيطاليا وبعض البلدان الأصغر في المجموعة.
وبقيت المنظّمة حذرة في رؤيتها، إذ حذّرت من تنامي النقاش الدولي في ما إذا كانت إشارات إيجابيّة تظهر في عمليّة مواجهة الأزمة الاقتصاديّة العالميّة. وتقول إنّ مؤشّرها القياسي «CLI» لا يزال يرسم صورة «ضعيفة» عن الاقتصادات الصناعيّة التي تعنى بشؤونها.
وفيما يرى بعض المحلّلين أنّ الانتعاش واقعي في نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل، إلّا أنّ آخرين يعتقدون أنّ ذلك غير منطقي، وسيستمرّ هذا النقاش على ما يبدو حتّى الفصل الأخير من العام الجاري.
(الأخبار)


تأكيد التوقّعات

يرى رئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه أنّ النهوض الاقتصادي العالمي سيحصل «خلال» عام 2010 بعد عام 2009 «السيئ للغاية». وقال رئيس المؤسّسة التي تعنى بالشؤون النقديّة لبلدان منطقة اليورو الـ16 في مقابلة بثّها تلفزيون «TV5 Monde Europe»: «أؤكّد ما قلته على الدوام، والذي أكّدته على ما أعتقد المؤسسات الوطنية والدولية. أي إن النهوض سيحصل خلال عام 2010»، مشدّداً على أنّ «كلّ شيء يتوقف علينا» وأنّ «خطط النهوض المقرّرة غير كافية»، وآخرها كانت الجهود المشتركة التي أقرّت في قمّة مجموعة العشرين في لندن.