strong>تنمو الصناعة المصرفيّة الإسلاميّة بنمط سريع بسبب تركّز سيولة كبيرة في بلدان إسلاميّة عديدة، وتحديداً تلك المنتمية إلى مجلس التعاون الخليجي. وينتج من هذا النموّ توسّع الطلب على الصكوك (السندات الإسلاميّة) ليشمل المستثمرين الأجانب، إضافةً إلى فورة في قطاع التأمين بحسب قوانين الشريعة، أو ما يسمّى نظام «التكافل»
تأتي قمّة «Reuters» للتمويل الإسلامي المعقودة في البحرين في وقت تزداد فيه الطروحات بشأن البدائل عن النظام الماليّ الذي أنتجته العولمة وانعدام الرقابة، والذي أدّى إلى أزمة كونيّة نتجت منها أسوأ أزمة اقتصاديّة تصيب الرأسماليّة منذ الكساد العظيم. وإذا كان المشرّعون والزعماء في العالمين الصناعي والنامي يتوجّهون لإقرار رزم قوانين لتشديد الرقابة على النظام على الصعيد الوطني، وعلى صعيد المعاملات الدوليّة، فإنّ القيّمين على منظومة التمويل الإسلامي يعتدّون بالمذهب المحافظ الذي يعتمدونه بناءً على الشريعة، والذي يتغلغل إلى كل جوانب النظام المالي ليشمل قطاع التأمين من خلال نظام التكافل.
ووفقاً لما تنقله «Reuters» عن الرئيس العالمي للأعمال المصرفية الإسلاميّة في مصرف «Royal Bank of Scotland» البريطاني، نافد غورايا، فإنّ مؤسّسته ترى فرص نمو كبيرة في الاستثمار المصرفي الإسلامي، متوقّعاً أن تبقى معدّلات نمو الأصول بين 15 في المئة و20 في المئة سنوياً، وأن ترتفع مستويات الربحية. فهوامش الأرباح زادت مع تراجع تكاليف التمويل، ما يضع القطاع الإسلامي على أرضية صلبة هذا العام: «الربحية لم يلحق بها ضرر، ويمكنك أن تراها ترتفع».
ورغم ما أحدثته الأزمة الماليّة العالميّة في الأسواق الخليجيّة، الأرض الخصبة للتمويل الإسلامي (الشريعة والأموال)، يبقى الطلب قوياً على خدمات الجملة المصرفية التي تتفق مع الشريعة، فهناك دائماً «طلب لمن يستعدّون» بحسب غورايا.
وتطوّر الصيرفة الإسلاميّة بنمط أسرع من ذلك المسجّل في المصارف التجاريّة التقليديّة (التي تعتمد أسعار الفوائد لتحقيق الأرباح وتسديد المستحقّات على الودائع)، لا يُنتج نموّاً كميّاً فقط، بل هناك صعود على المستوى النوعي.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى التقرير الأخير الذي أصدرته شركة الاستشارات الماليّة «Ernest & Young». حيث يتضح أنّ مساهمات سوق التكافل العالميّة (التأمين بحسب الشريعة) بلغت 3.4 مليارات دولار أميركي في عام 2007، مقارنة بـ2.6 مليار دولار عام 2006. وتحتلّ السعوديّة المرتبة الأولى بمساهمات وصلت إلى 1.7 مليار دولار، تليها ماليزيا بـ797 مليون دولار.
واللافت هو أنّ تقديرات المؤسّسة، التي عرضها رئيس مجموعة الخدمات المالية الإسلامية لديها، سمير عبدي، تفيد أنّ «أسواق التكافل تغطي الآن جزءاً كبيراً من العالم، لكن لا يزال هناك قسم كبير وواسع من السكّان المسلمين لم يُستغلّ بعد. وقد يصل حجم السوق إلى 7.7 مليارات دولار في نهاية عام 2012».
ولا تزال هناك أسواق هامة لم تستغلّ بعد في منطقة آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فشبه القارة الهندية وإندونيسيا ومصر وتركيا هي ضمن الأسواق الإسلامية الأقل توغلاً.
وفي سبيل المقارنة، يشار إلى أنّه فيما تكلّفت شركات التأمين التقليدية والشركات التي تدعمها الحكومة في الأميركيّتين وأوروبا وآسيا خسائر تساوي حوالى 350 مليار دولار في العام الماضي، أظهرت أسواق التكافل مرونة عالية في ظل التباطؤ الاقتصادي الحالي. غير أن الربع الأخير من عام 2008 شهد انخفاضاً في عائدات أسهم شركات التكافل الرئيسية. ونتيجة لذلك، تُعنى هذه الشركات عناية متزايدة بالمخاطر المالية والاستراتيجية والتشغيلية ومخاطر الامتثال التي تواجهها اليوم.
وعموماً، تبرز أهميّة القطاع المالي الإسلامي من خلال المؤشّرات الديموغرافيّة والنتائج المحقّقة. فعدد مسلمي العالم يبلغ 1.3 مليار نسمة، وطلبهم على الخدمات الماليّة الإسلاميّة ينمو باطّراد. فيما حجم الأصول التي تلتزم الشريعة حالياً تقدّر بما بين 700 مليار دولار وتريليون دولار. من جهة أخرى، يتضح الاهتمام الخاص من جانب الأجانب بإصدار الصكوك، والتمتّع بخيرات «السيولة الإسلاميّة»، بعدما أدّى شحّ السيولة في الأسواق الدوليّة بسبب أزمة الائتمان إلى عرقلة آليّات الحصول على التمويل. وفي هذا السياق تنقل «Reuters» عن العضو المنتدب للقطاع المصرفي الإسلامي العالمي في المؤسّسة الاستثماريّة «كاليون»، سايمون إيدل، قوله إنّه «بمجرد أن تنشط السوق ستكون هناك فرصة هائلة للقطاعات الملائمة والأسماء الملائمة للاستفادة من الثروة الإسلاميّة».
ويشير إيدل بحسب الوكالة نفسها إلى أنّ قاعدة جديدة من المستثمرين تظهر في منطقة الخليج العربي، وتشمل صناديق المعاشات وشركات التأمين الإسلامي. ويقول: «سيدهشني أن ينجز الكثير من الصفقات الكبيرة هذا العام. إنّه وضع ترقّب لاتجاه السوق. لكن كل شيء يستغرق وقتاً أطول مما ظننّا».
(الأخبار)


حاجات أساسيّة

تقول «Ernest & Young» في التقرير الذي أعدّته عن نظام التكافل، إنّ الديموغرافيات الواعدة وزيادة إيرادات الأرباح، والميل إلى الاستهلاك، والمواقف الاجتماعية المتغيّرة في ما يخص مجال التأمين، تعدّ حاجات ومطالب بعيدة المدى بالنسبة إلى التكافل. وسيحتاج الجيل الشاب في أسواق التكافل الأساسيّة إلى مزيد من التغطية، في الوقت الذي يجري فيه خفض الإعانات المالية الحكومية، وتحتاج المزيد من الشركات إلى تغطية خاصة. وسيساعد الدعم والأطر التنظيمية، وتشريعات التأمين والتغطية الإلزامية، على تسهيل نموها في المدى المتوسط.