strong>«النظام المالي العالمي لا يزال يرزح تحت ضغوط كثيرة» والخسائر التي ستسجّل فيه سترتفع إلى 4.1 تريليونات دولار. خلاصة جديدة توصّل إليها صندوق النقد الدولي في «تقرير الاستقرار المالي العالمي»، ويفترض أنّ عودة رسملة المصارف إلى مستويات تسعينيّات القرن الماضي تحتاج إلى 275 مليار دولار في الولايات المتّحدة و600 مليار دولار في أوروبا
لا تزال الثقة بالنظام المصرفي العالمي غير مكتملة رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها الحكومات في المراكز الصناعيّة للعولمة، وتحديداً الولايات المتّحدة، حيث انطلقت الأزمة في صيف عام 2007. وحالة عدم اليقين تؤدّي إلى ارتفاع حدّة التشاؤم في ما يتعلّق بتقدير الخسائر الكليّة التي ستنتج من أزمة الائتمان. فصندوق النقد الدولي رفع تقديراته للخسائر التي سيتكلّفها النظام المالي العالمي (المصارف والمؤسّسات الماليّة المختلفة) إلى 4.1 تريليونات دولار. وقال في تقرير الاستقرار المالي العالمي (Global Financial Stability Report) إنّ المؤسّسات الماليّة ستضطرّ إلى شطب ديون وأوراق ماليّة أُصدرت (وستُصدَر) في الولايات المتّحدة بين عامَي 2007 و2010 قيمتها 2.7 تريليون دولار.
والرقم الجديد الذي يطرحه الصندوق أكبر بنحو 86 في المئة من الرقم الذي تضمّنه التقرير السابق، الذي صدر في كانون الثاني الماضي. فحينها كان حجم الخسارة المرجّحة 2.2 تريليون دولار، ولكنّها لم تكن تتضمّن الأرقام من اليابان وأوروبا. فالخسائر التي ستنتج من القارّة العجوز تقدّر بـ1.193 تريليون دولار، وتلك من البلد الآسيوي مقوّمة عند 149 مليار دولار.
ويقدّر التقرير أن تتحمّل المصارف نحو ثلثي الشطوبات المذكورة، وذلك على الرغم من أنّ المصارف جمعت منذ بداية الأزمة نحو 900 مليار دولار على شكل رساميل جديدة، فهذا الرقم تغطّي عليه بهوامش واسعة الخسارة البالغة 2.8 تريليون دولار نتيجة الأوراق الائتمانيّة. ويوضح اقتصاديّو الصندوق أنّ المصارف تعاطت حتّى الآن مع ثلث تلك الشطوبات أي نحو تريليون دولار.
وعموماً فإنّ إعادة رسملة النظام المصرفي في الولايات المتّحدة تحتاج إلى 275 مليار دولار، فيما يرتفع هذا الرقم إلى 600 مليار دولار في أوروبا، وللعودة إلى المستويات التي سجّلت في منتصف تسعينيّات القرن الماضي، فإنّ المبلغ المطلوب في الولايات المتّحدة يصبح 500 مليار دولار وذلك المطلوب أوروبياً 1.2 تريليون دولار.
وفي تفنيد لـ«الإشارات الأوليّة إلى الاستقرار» يقول التقرير إنّ الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لتحفيز القطاع المالي (حركة الإقراض) «كانت تمهيديّة لمواجهة الأزمة»، غير أنّ «تلك السياسات اصطدمت بنقص الموارد المطلوبة»، لذا فإنّ «التدابير الفعّالة والحازمة لا تزال مطلوبة إلى جانب التنسيق الدولي لجعل التطوّر مستداماً، ولإعادة ثقة المستهلكين بالمؤسّسات الماليّة وتطبيع الأوضاع في الأسواق».
كما يشير التقرير إلى تفاوت مستويات الاستجابة لتحدّيات الأزمة بين البلدان المختلفة، وعلى سبيل المثال يقدّر أنّ المصارف في الولايات المتّحدة شطبت أوراقاً ماليّة قيمتها 510 مليارات دولار في نهاية عام 2008، في مقابل شطوبات قيمتها 550 مليار دولار في عامَي 2009 و2010. أمّا في أوروبا، فإنّ المبلغ في نهاية العام الماضي كان 154 مليار دولار فقط، ويتوقّع شطوبات إضافيّة بـ750 مليار دولار في العامين الجاري والمقبل. ويبدو وضع المصارف البريطانيّة أفضل، حيث شطبت 110 مليارات دولار العام الماضي، وتواجه حالياً شطوبات قيمتها 200 مليار دولار.
وبحسب الصندوق، فإنّ الأزمة الماليّة العالميّة «يُتوقّع أن تكون عميقة وطويلة». وأضاف إنّ مؤشّر الاستقرار المالي تدهور أكثر منذ تشرين الأوّل الماضي، وخصوصاً في الأسواق النامية في أوروبا، حيث تواجه المصارف مزيداً من عمليّات الشطب للأصول، وقد تكون بحاجة إلى اكتتابات جديدة في أسهمها في ظلّ حاجة الشركات إلى إعادة تمويل الديون.
فتدهور الائتمان يؤثّر كثيراً في أسواق أوروبا الشرقيّة، ومنذ بدء الأزمة طلبت هنغاريا وصربيا ورومانيا وإيسلندا وأوكرانيا وبيلاروسيا ولاتفيا قروضاً من صندوق النقد الدولي، الذي قدّم حتّى الآن قروضاً بـ55 مليار دولار لمساعدة البلدان المتعثّرة مالياً أو حتّى على شفير الإفلاس لعدم تمكّنها من تأمين المستلزمات المترتّبة على قروضها.
وفي قمّة مجموعة الدول العشرين الكبرى، التي استضافتها لندن في الثاني من الشهر الجاري، رصد تريليون دولار للصندوق بهدف رفع مستوى إمكاناته لدعم المحتاجين مالياً.
من جهة أخرى، فإنّ تقلّص النشاط الاقتصادي حول العالم يزيد من الضغوط على ميزانيّات المصارف، مع استمرار النمط التنازلي في تقويم الأصول، ما يهدّد سلامة مستوى الرسملة، ويعوق تعافي سوق الائتمان. وهنا يفيد التقرير أنّ «الأزمة توسّعت لتشمل العائلات (المستهلكين) والشركات والنظام المصرفي في البلدان النامية والمتقدّمة على حدّ سواء». كما تتعرّض المؤسّسات الماليّة الأخرى مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين لانكشاف أكبر على الأزمة الائتمانيّة.
(الأخبار)


تكبّل أميركي

حذّر وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايثنر، من أنّ صعوبة تحديد قيمة الأصول المسمّمة الموجودة في محافظ المصارف لا تزال تقيّد قدرتها على الإقراض والاقتراض. وقال غايثنر في تصريحات سيدليها أمام لجنة الكونغرس المكلّفة مراقبة عمليّة إنقاذ القطاع المصرفي إنّ تلك الأصول المسمّمة «تكبّل» النظام المالي، وتجعله يحتقن، وتصعّب عمليّة عودة الحركة الائتمانيّة إلى طبيعتها. وأعرب عن أمله في نجاح خطّته الماليّة التي تعتمد على الشراكة مع القطاع الخاص، والتي تبلغ قيمتها الأساسيّة 500 مليار دولار مع إمكان توسّعها إلى تريليون دولار.