strong>غداة إعلان نتائج البحث الذي أعدته مؤسّسته «YouGov» بالتعاون مع «Bayt.com»، والذي أفاد بأنّ 75% من المهنيّين العاملين في الإمارات قلقون بشأن الاحتفاظ بوظائفهم، نفت حكومة البلد الخليجي وجود حركة هجرة ضخمة وأنّ عدد السكّان ينخفض بسبب الأزمة الاقتصاديّة، رغم أنّ 900 ألف نسمة فقط من سكّان البلاد البالغ 6.4 ملايين نسمة، «أصليّون»نفى وزير العمل الإماراتي، صقر غبيش، أمس، التقارير الأخيرة التي نشرتها المصارف ومؤسّسات الاستشارات الماليّة، القائلة إنّ عدد سكّان إمارة دبي سيتراجع بنسبة 17 في المئة خلال فترة العام المقبل. نفيٌ يحاول من خلاله البلد الخليجي طمأنة الأسواق وإبعاد هواجس تداعيات الأزمة الماليّة العالميّة عن طبيعته الديموغرافيّة ومكوّناته الوجوديّة.
ونقلت وكالة «France Press» عن غبيش تساؤله: «على ماذا مبنيّة تلك التقارير؟ أستطيع أن أتحدّى تلك التقديرات، ليس هناك أيّ احتمال في أن تكون صحيحة». مشيراً إلى أنّ وزارته أصدرت 662 ألف إجازة عمل خلال الفترة الممتدّة بين تشرين الأوّل وشباط الماضيين، وأنّ 405 آلاف إجازة قد ألغيت. وهذه الأرقام تظهر «ارتفاعاً لا انخفاضاً» في عدد العمّال الأجانب في الإمارات.
لكن رغم ذلك، تبقى الهواجس موجودة. فالسكّان الأصليّون لا يمثّلون سوى 14 في المئة من إجمالي عدد السكّان، وأي موجة هجرة معاكسة من الأجانب ستؤدّي إلى خلل في التركيبة الاجتماعيّة الاقتصاديّة لسببين أساسيّين.
السبب الأوّل، وهو البديهي، أنّ العمّال الأجانب يمثّلون أكثر من 85 في المئة من السكّان. والسبب الثاني الثاني هو أنّ تلك الهجرة ستكون نوعيّة، أي إنّها ستمسّ فئة محدّدة من العمّال، وعلى الأرجح فإنّ تلك الفئة تمثّل الفقراء والمهمّشين الذين تعمل غالبيّتهم في القطاعات التي شهدت فورة خلال السنوات الست الماضي، وتحديداً القطاع العقاري. فماذا سيفعل عمّال البناء الأجانب بعدما جمّدت في البلاد مشاريع عقاريّة تفوق قيمتها 350 مليار دولار، وخصوصاً أنّ تكبّل عمليّات التوظيف واعتماد سياسات توزيع حذرة، قد تلين في بعض الأحيان لتصبح فقط توظيفاً انتقائياً لا يناسب أبداً العمّال الساعين إلى مستوى عيش أرفع؟
هواجس هؤلاء العمّال أظهرتها دراسة أعدّتها مؤسّسة «YouGov» بالتعاون مع مؤسّسة التوظيف «Bayt.com»، ونشرتها أوّل من أمس. وأظهرت أنّ 3 من كل 4 مهنيّين يعملون في الإمارات يشعرون بالقلق بشأن الاحتفاظ بوظائفهم حيث تتوقع الأغلبية أن يواصل أرباب العمل، الدولة والقطاع الخاص، الاستغناء عن عمّالهم.
ويتضح أنّ العمّال أكثر قلقاً في شأن الأمان الوظيفي مقارنة بنظرائهم في دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان. وبحسب 57 في المئة ممّن شملهم الاستطلاع، فإنّ الشركات التي يعملون فيها خفضت عدد الوظائف بالفعل وذلك مقارنة مع 43 في المئة على المستوى الإقليمي. وتجاوزت 20 في المئة نسبة الذين قالوا إنّ عدد الذين استغنت عنهم شركاتهم تجاوز حاجز المئة عامل.
وفي إطار هذا الواقع الصعب في سوق العمل، أعرب 60 في المئة من العمّال المهنيّين عن استعدادهم لمغادرة البلد النفطي خلال 3 أشهر إذا فقدوا وظيفتهم، ما سيؤدّي إلى صدأ في حلقة أساسيّة فاعلة في عمليّة النهوض، وهو الإنفاق الاستهلاكي. فنموذج دبي على سبيل المثال نشأ خلال العقد الماضي على أساس فقاعة متطوّرة في قطاعات عديدة لا يمكن عكس مفاعيل انفجارها إلا من خلال فورة مشابهة لإعادة مستويات الطلب والأسعار إلى معدّلات مقبولة.
وبالحديث عن دبي، فإنّ موجة إلغاء الوظائف الإماراتيّة تركّزت فيها، ويحدث ذلك في ظلّ معاناة الشركات التي تملك أضخمها حكومة الإمارة، في سبيل توفير السيولة الضروريّة لتغطية مستحقّات القروض خلال العام الجاري، التي تقارب قيمتها 20 مليار دولار. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة أصدرت في شباط الماضي برنامج سندات بقيمة 20 مليار دولار، استثمر المصرف المركزي الإماراتي في النصف الاوّل منها، حيث اكتتب في سندات قيمتها 10 مليارات دولار.
ولا تزال دبي حالياً تبحث الموعد الأمثل لإصدار الجزء الثاني من السندات، فيما تتركّز المساعدات المقدّمة حالياً في قطاع العقارات، التي تملك الحكومة حصصاً كبيرة في العديد من شركاته. وفي هذا الصدد قالت الحكومة أمس، إنّها ستستمرّ بتأمين جميع «التزاماتها التعاقديّة».
وكان تقرير نشرته مجلّة «MEED» قد أفاد بأنّ المسؤولين في الإمارة قد يفضّلون منح الأولويّة للمتعاقدين الذين ترى الحكومة مشاريع مستقبليّة معهم، وأنّ المتعاقدين الآخرين يمكنهم الانتظار، وهو ما نفته الحكوة بالقول: «ليس لدى دبي أيّة نيّة في أيّ وقت للحدّ من عدد المتعاقدين المرخّص لهم بالعمل في الإمارة». لكن أوقات الأزمات تفترض إجراءات استثنائيّة، وهذه الإجراءات نفسها هي التي تقلق العمّال وتجعل التقارير التي تتطرّق إلى ديموغرافيّة البلاد دراماتيكيّة، وتدفع بوزير العمل إلى الردّ عليها.
(الأخبار)


ترجيحات قويّة

تشير الدراسة الإحصائيّة التي أجرتها مؤسّستا «YouGov» و«Bayt.com» إلى أنّ الإمارات والكويت وقطر والبحرين هي البلدان الأكثر قلقاًَ في شأن الوضع القائم في سوق العمل، وتتوقع هذه الدول أعلى معدلات الاستغناءات. أما بالنسبة إلى ترجيحات الانتعاش، فهي جاءت قويّة في الإمارات، حيث توقّع 70 في المئة من المهنيّين الذين استطلعت آراؤهم أن يحدث ذلك خلال عامين مقابل 57 في المئة على المستوى الإقليمي. وبحسب الإحصاء، فإنّ 39 في المئة ممن شملهم المسح من دول آسيوية و37 في المئة هم من دول شمال أفريقيا تكسب 1001 دولار على الأقل شهرياً.