strong>ظهرت أمس موجة الخسائر التي ضربت النتائج الفصليّة لشركات عالميّة مختلفة، ما يعدّ استمراراً للنمط القائم منذ اندلاع أزمة الائتمان. وقد تكون العديد من القطاعات قد وصلت إلى قعر مستنقع الركود مع إمكان الانتعاش في وقت لاحق من العام الجاري، غير أنّ عودة التوازن تتطلّب وقتاً وخصوصاً مع توالي الأزمات العالميّة مثل فيروس «إنفلونزا الخنازير»
قد تمثّل التداعيات القاسية لإنفلونزا الخنازير على القطاعات الاقتصاديّة في مختلف البلدان حول العالم، إذا تحوّل المرض إلى وباء خطير جداً، مأساةً جديدة تضاف إلى ما أنتجته الأزمة الماليّة العالمية على صعيد الجوانب الحقيقيّة من الاقتصاد العالمي، نظراً لأنّ الطلب لا يزال عند مستويات منخفضة وثقة المستثمرين تبقى هشّة، في ظلّ توقّعات بأنّ الاقتصاد العالمي سيتقلّص بنسبة 1.3 في المئة خلال العام الجاري.
والأوضاع السيّئة في ماليّة الشركات حول العالم، التي بدأت منذ منتصف العام الماضي تقريباً مع اتساع رقعة أزمة الاتئمان (Credit Crunch) أدّت إلى ضيق هوامش المناورة في ما يتعلّق بتسديد المستحقّات. أمّا النتائج السيّئة التي تحقّقت في الفصل الأوّل من العام الجاري في شركات كبرى حول العالم، فتشير إلى أنّ عودة الربحيّة قد تكون صعبة، بالحدّ الأدنى في عام 2009، مع استثناءات محدودة تشمل، للمفارقة، القطاع المالي حيث بدأت الأزمة أساساً.
وكشفت شركات عديدة عن النتائج الفصليّة التي يعتريها الكثير من الحبر الأحمر. ففي ألمانيا أعلنت شركة السيّارات الفخمة، «Daimler»، التي تنتج «Mercedes Benz»، خسارة صافية كبيرة بلغت 1.9 مليار دولار، مقارنة بربح بلغ نحو ملياري دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. فقد انخفضت المبيعات بنسبة 26 في المئة إلى 28.5 مليار دولار.
وجاءت هذه النتائج بعد تسجيل خسارة بلغت 2.29 مليار دولار في الفصل الأخير من العام الماضي. وهي قاسية وتفوق التوقّعات وتحثّ الشركة على رفع مستوى تطبيق «جميع الإجراءات المطلوبة» التي تحدّثت عنها في وقت سابق من الشهر الجاري، وتتضمّن خفض ساعات عمل 63 ألف موظّف من أصل 141 ألف موظّف، إذ بحسب الاتفاق مع نقابة العمّال يمنع إلغاء الوظائف كلياً حتّى عام 2011. وعمليّة إعادة هيكلة النفقات المطروحة تفترض توفير نحو 6 مليارات دولار من الأكلاف للعام الجاري.
وبالنسبة إلى عودة الانتعاش والربحيّة طبعاً، تقول الشركة، وفقاً لما تنقله وكالة «Associated Press»، إنّ نتائج أعمال «Mercedes» يفترض أن تصبح إيجابيّة في النصف الثاني من العام الجاري، بينما تبدو الأمور سوداويّة بالنسبّة إلى السيّارات الأخرى التي تنتجها كـ«Maybach» و«Smart» وشاحنات «Freightliner».
وفي قطاع السيّارات أيضاً، بلغت الخسائر التي تكلّفتها الشركة اليابانيّة «Honda»، خلال الفصل الأوّل من العام الجاري، 1.9 مليار دولار، بسبب تراجع المبيعات، فقد تراجعت العائدات بنسبة 41.6 في المئة على أساس سنوي. وكانت الشركة قد حقّقت ربحاً بلغ 260 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
ونتيجة لإجراءات خفض النفقات، وبينها إلغاء ثلاثة آلاف وظيفة، إضافة إلى المبيعات الثابتة للدراجات الناريّة، تتوقّع الشركة نتائج جيّدة خلال العام الجاري. هذا إذا لم يستعد الين موجته الصعوديّة وأذى قطاع الصادرات.
وبالعودة إلى ألمانيا فقد تأكّد كلياً أمس، أنّ قطر مهتمّة جداً بالحصول على حصّة في شركة صناعة السيّارات الرياضيّة الفاخرة، «Porsche». فقد نقلت التقارير الإعلاميّة عن رئيس الوزراء، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، قوله إنّ المحادثات جارية لصياغة الاتفاق مع الشركة الألمانيّة، التي تسعى إلى توفير نحو 3.2 مليارات دولار من التمويل لسداد مستحقّات خلال العام الجاري، بعدما كانت قد حصلت على 13 مليار دولار من مصارف عديدة. وهي بهذه الخطوة تريد إعادة هيكلة ماليّتها لتجنّب الاصطدام بحائط محدود إذا استمرّت النتائج سيّئة خلال الفصول المقبلة.
وفي ما يمكن اعتباره نتيجة حتميّة نظراً لتراجع سعر برميل النفط تراجعاً حاداً منذ العام الماضي، قالت الشركة النفطيّة البريطانيّة، «BP»، إنّ أرباحها الصافية خلال الفصل الأوّل من العام الجاري تراجعت بنسبة 62 في المئة، لتبلغ 2.3 مليار دولار. ووفقاً لما نقلته وكالة «Dow Jones Newswires» عن المدير التنفيذي للشركة، توني هايوارد، فإنّ «أسعار النفط يتوقّع أن تبقى منخفضة وزبائننا يواجهون ظروف عمل صعبة».
أمّا في مقابل الخسائر المحقّقة بالجملة في الصناعات المذكورة، فقد سجّل مصرف «Deutche Bank»، الأكبر في ألمانيا، أرباحاً قويّة مفاجئة خلال الربع الأوّل، بلغت 1.56 مليار دولار، بعدما كان قد تكبّد خسارة قيمتها 181 مليار دولار في الفصل السابق.
وهذه النتيجة الإيجابيّة هي الأخيرة بين سلسلة من النتائج المحقّقة في القطاع المالي، بعد تلك التي أعلنها المصرفان الأميركي «Goldman Sachs» والسويسري «Credit Suiss».
(الأخبار)


إنقاذ «Chrysler»

توصّلت وزارة الخزانة الأميركيّة إلى اتفاق مع 4 من الدائنين الكبار لشركة صناعة السيّارات المتعثّرة «Chrysler» التي تصارع للبقاء دون الإفلاس رغم المساعدات الكثيرة التي حصلت عليها في شكل أموال فدراليّة. ونقلت وكالة «Associated Press» عن مصدر مقرّب من المحادثات قوله إنّ المصارف ستلغي ديوناً قيمتها 6.9 مليارات دولار في مقابل الحصول على ملياري دولار نقداً عندما تقرّ الصفقة نهائياً. وعلى الوزارة أن تقنع 46 مقرضاً للشركة بتأجيل مستحقّات الديون، وإلّا فإنّ دعاوى الإفلاس تبقى قائمة لثالث مصنّع سيّارات أميركي.