strong>استطاعات الولايات المتّحدة من خلال خفض سعر صرف الدولار أمام العملات القوية، وتحديداً اليورو، رفع نسبة صادراتها منذ بداية الأزمة المالية في صيف عام 2007، وبالتالي تحفيز النمو، ولكن مع استمرار الحذر في الأسواق وهروب المستثمرين من المخاطر يعود سعر العملة الخضراء إلى الارتفاع. ارتفاع يتوقع محلّلو «MERRILL LYNCH» أنّه مستمرّ لحين... عودة التفاؤل!
في بداية العام الجاري توقّع المحلّلون استمرار انخفاض سعر اليورو أمام الدولار إلى حوالى 1,2 بعد 6 أشهر، وهي توقعات كانت مبنية على حقيقة في الأسواق المالية مفادها أنّ المستثمرين يهربون من الأصول الخطرة ويوظفون بالدولار، وخصوصاً في ظلّ البيانات الاقتصاديّة السيّئة الصادرة من منطقة اليورو، ما يفترض خفض الفوائد على العملة الموحدة في القارة العجوز.
وحالياً يتوقّع المحلّلون الاقتصاديون في مصرف «MERRILL LYNCH» أن تبلغ نسبة الحساب الجاري من الناتج المحلّي الإجمالي الأميركي 1،7 في المئة. فالمعايير التي يستخدمونها لتقويم العملات تعطي تقديرات لأوضاع الحساب الجاري التي يمكن أن تستمر في مستوى تدفق الرساميل الصافية الطويلة الأجل المتوافقة نسبياً مع المعطيات السكانية.
وعلى هذا الأساس، يقدّر المحلّلون عجزاً في الحساب الجاري الأميركي بنسبة 2،2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لذلك، فإن الأرجحيّة هي لانخفاض كمية الدولارات التي يوفرها المستوردون الأميركيون في سوق القطع، إلى ما دون ما يلزم العالم من العملة الخضراء. وبموازاة الصفقات الإضافية والطلب الاحترازي على الدولار، يمكن أن يؤدي هذا إلى «أزمة» دولار مهمة في سوق القطع كلما تقدمنا في العام. وهذا مرجح خاصة إذا استمر النفور من المجازفة مسيطراً على اختيارات الحقيبة الاستثمارية التابعة للمستثمرين الأميركيين والدوليين.
ووراء انحراف المحفظة الدورية صوب الرغبة في ضمانة المردود على رأس المال الذي توفره سندات الخزينة الأميركية القصيرة الأجل، ينشأ الطلب على الدولار كنتيجة مباشرة لعملية تصفية الحالة المدينة، وبالتالي يفنّد المحلّلون مصادر الطلب على الدولار «في عالم يتحاشى المخاطرة ويعمل على إعادة التوازن» كما يأتي:
1ـــــ إنّ تردّي أوضاع التجارة الخارجية وتدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج دفع مصارف مركزية في الأسواق النامية إلى بدء التدخل لدعم عملاتها المحلية. وهذا أدى إلى تناقص في أرصدة العملات الأجنبية وعملية عكسية لنمط النمو الذي كان سائداً قبل صيف عام 2008، وهذا يتّسم بتجميع الاحتياطي، وبالتالي إمداد الدولار في عملية التنويع في سوق عملات الدول الصناعية العشر الكبرى.
2ـــــ إنّ تصفية الديون في القطاع المصرفي ترجّح إحداث طلب مهم على الدولار. وتواجه المصارف الأوروبية تمويل فجوات هامة بالجملة، كثير منها حصل تمويلها قبل صيف 2007، وهي الآن بالفعل مقفلة أمام الإصدارات المصرفية. لذلك تحتاج المصارف إلى زيادة الودائع أو خفض الموجودات لتخفيف اعتمادها على التمويل من المصارف المركزية. وملابسات خفض القطاع المصرفي للموجودات على نطاق واسع هو نمو سلبي للائتمان. فالحكومات لن تشجع مصارفها المحلية على الوقوف في وجه تسهيل الائتمان داخلياً.
من جهة أخرى، يضيف تقرير المحلّلين، فإنّ المعطيات التي يوفرها بنك التسويات الدولية توحي بأنّ الإقراض بالدولار إلى القطاع المصرفي الخاص يبلغ نحو 600 مليار دولار. ويفترض أن تكون هذه الموجودات بالدولار قد جرى تمويلها بمطلوبات مقومة بالدولار. وبيع هذه الموجودات سيحقق خسائر بالعملة الأجنبية.
كذلك فإنّ عمليات التشطيب أو تحقيق الخسائر من شأنها خفض قيمة الموجودات إلى ما تحت المطلوبات بالدولار. وهذا يترك البنك صاحب العلاقة أن يكون دون المطلوب من الدولار في ميزانيته. وعدم التوازن هذا يُرجّح أن يزول قبل أن تولّد آثار إعادة التقويم تقلباً في بيانات الأرباح والخسائر. وعملية الخروج من الدين يُرتقب أن تخلق طلباً مهماً على الدولار في الأشهر المقبلة.
ويقول المحلّلون إنّ الملامح الرئيسيّة لرؤيتهم هي معاكسة للاعتقاد العام. فإذا استمرّت المؤشّرات السلبيّة في الاقتصاد الأميركي وترسّخت، باتت عملية إعادة التوازن قوية، وفي الوقت ذاته، تقلصت الفجوة في الحساب الجاري الأميركي وربح الدولار الدعم المطلوب.
وحتى يُصحّح الخلل في الحساب الجاري، يظل الدولار معرّضاً لهزات من الذين يرغبون بالمجازفة التي يحدثها التفاؤل بالمستقبل الاقتصادي. فالتيسير الكمي أصبح واقعاً، وحدود التحفيز المالي باتت معروفة. ويبدو أن المفاجآت السلبية الممكنة من هذا المصدر هي الآن محدودة. لا شك بأن الوصمة التي تقترن بالتيسير الكمي وغيرها من الإجراءات السياسية الجذرية راحت تتلاشى. هذه السياسات تبنّتها على نطاق واسع البلدان الصناعيّة العشر الكبرى. لكن فقط عندما تصبح هذه السياسات في حيّز التنفيذ وينتعش الاقتصاد، يصبح الدولار معرّضاً للخطر، وهذا على الأرجح سيحصل في عام 2010.
(الأخبار)


ترجيحات

انخفض سعر صرف اليورو أمام الدولار إلى 1,266 في نهاية التداول في الأسواق يوم الجمعة الماضي. فالمعطيات السيّئة من منطقة اليورو، وخصوصاً تلك المتعلّقة بالناتج الصناعي، تثير قلق المستثمرين من التوظيف في العملة الأوروبيّة الموحّدة. ومن المرجّح أن يخفض المصرف المركزي الأوروبي سعر الفائدة الأساسيّة (التي تشمل البلدان الـ16 المنتمية إلى منطقة اليورو) في اجتماعه المقرّر في وقت لاحق من الشهر الجاري. وهذه الترجيحات تفيد باستمرار خفض المراهنة على اليورو والتوجّه بطبيعة الحال إلى الدولار والين.