strong>كشف رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون أمس، عن أنّ قمّة زعماء مجموعة العشرين التي يستضيفها غداً ستقرّ «معايير دوليّة» لتحديد أجر العاملين في القطاع المصرفي. إجراء مطلوب بعدما ظهر مستوى الجشع المنتشر في مجتمع «العولمة الماليّة». لكنّ الخلافات تزداد في شأن مقرّرات القمّة المرتقبة لدرجة أنّ فرنسا تهدّد بالانسحاب منها!
يبدو أنّ قمّة مجموعة العشرين (G20) التي تستضيفها لندن غداً ستقرّ معايير جديدة للمكافآت التي يحصل عليها العاملون في القطاع المصرفي عامّة والمديرين خاصّة، بعدما تبيّن أنّ الأزمة الماليّة العالميّة نتجت من الجشع السائد في الأسواق الماليّة، إضافة طبعاً إلى فقدان الرقابة الحكوميّة. فقد قال رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون في خطاب ألقاه في كاتدرائيّة القديس بولس في العاصمة البريطانيّة أمس: «ستكتشفون في قمّة الـG20 الخميس أنّ اقتصادات العالم، للمرّة الأولى أبداً، ستقرّ معايير دوليّة لرواتب (ومكافآت) المصرفيّين»، مشدّداً على أنّ «من دون القوانين الشفّافة قد تتحوّل الأسواق الحرّة إلى عدوّ للمجتمعات الصالحة».
وقدّم السياسي «العمّالي» الذي قُدّرت جهوده في نشر الاستقرار النسبي في الأسواق الماليّة منذ انفجار أزمة الائتمان في الخريف الماضي، نقداً لاذعاً للسوق الحرّة وغياب الرقابة. وقال: «أضحت الأسواق الحرّة تُعبد كإله، غير أنّ ذلك الإله كان خاطئاً».
وأثارت المكافآت التي تقدّمها المصارف والمؤسّسات الماليّة الكبرى لمديريها سخطاً حكومياً وشعبياً كبيراً. فبعدما تبيّن أنّ المصرف الاستثماري «Merrill Lynch» قدّم مكافآت (Bonuses) لمديريه التنفيذيّين الكبار بلغت قيمتها 3.62 مليارات دولار في الفصل الأخير من العام الماضي، على الرغم من أوضاعه الماليّة الصعبة التي أدّت إلى استيلاء مصرف «Bank of America» عليه، منحت شركة التأمين الأكبر في العالم، «AIG»، مكافآت قيمتها 160 مليون دولار بعد حصولها على مساعدات حكوميّة بـ170 مليار دولار.
وتأتي تصريحات براون فيما تزداد الضغوط على زعماء البلدان المسؤولة عن أكثر من 85 في المئة من الناتج الداخلي العالمي، لنشر الاستقرار بين المستثمرين ومواجهة أزمة الركود التي تعدّ الأخطر منذ أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيّات القرن الماضي، وإن كان المحلّلون يستبعدون تحوّل المرحلة إلى كساد بسبب الإجراءات الحكوميّة المتخذة حتّى الآن.
ولكن حتّى تلك الإجراءات تقول الولايات المتّحدة إنّها غير كافية وتريد من أوروبا خطط تحفيز أكبر، بينما زعماء القارّة العجوز يريدون التركيز أساساً على الأسواق الماليّة وتعديل معايير الرقابة. وأطلقت باريس أمس تحذيراتها في هذا الإطار، إذ قالت وزير المال الفرنسيّة، كريستين لاغارد، إنّ فرنسا يمكن أن «تنسحب» من القمّة إذا لم يُوافَق على المسائل التي تتطلبها، وقالت إنّ «الرئيس نيكولا ساركوزي كان واضحاً في هذه المسألة وقال: إذا لم تكن المطلوبات موجودة، فإنّني لن أوقّع على البيان الختامي»، مشدّدةً على أنّ «الأزمة هي خطيرة لدرجة لا نستطيع عندها عقد قمّة للا شيء».
ووفقاً لما نقلته التقارير الإعلاميّة عن مصادر في الإيليزيه أوّل من أمس فإنّ «الخوف ليس من فشل القمّة، بل من نجاح خاطئ، أي اتفاق على تعابير جميلة، لكن لا تلزمنا بفعل شيء».
هذه التطوّرات والتصريحات تزامنت مع انطلاق رحلة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى القارّة العجوز حيث ستمثّل القمّة الحدث لاجتماعاته العالميّة الأولى. فهو يترك بلاده حيث انطلقت الأزمة أساساً بسبب فقاعة الرهون العقاريّة، ليحاول هو ورفاقه في نادي العشرين بلورة ترياق لـ«أزمة القرن الـ21 الاقتصاديّة» حتّى الآن.
وحضّر الرئيس الديموقراطي نفسه لجدول أعمال صاخب ومليء بالتحدّيات. فعلى هامش القمّة سيلتقي الرئيس الصيني هو جينتاو، للتباحث في مسألة النفوذ الاقتصادي للبلد الشيوعي والبلدان النامية عموماً، وخوف بكين من تراجع سعر صرف الدولار وطلبها المثير للجدل لإنشاء عملة كونيّة تعدّ عملة الاحتياطات التي يمكن الثقة بها.
من جهة أخرى، ترافقت الحضيرات للقمّة مع ازدياد التحذيرات من خطورة الأزمة، وخصوصاً على الصعيد الاجتماعي. فبعد تحذيرات رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، رافايل غوريّا، من خطورة الأزمة على أوضاع المهمّشين والعاطلين من العمل، قال نائب مدير صندوق النقد الدولي، جون ليبسكي، إنّ حوالى 20 مليون وظيفة قد تنقذ في بلدان الـ«G20» إذا اتفقت تلك البلدان على إنفاق 2 في المئة من ناتجها المحلّي الإجمالي على خطط التعافي الاقتصادي.
وجاءت تلك التصريحات خلال قمّة اجتماعيّة جمعت بلدان مجموعة الثماني (G8) مع 6 بلدان نامية هي الصين والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا ومصر. وشدّد فيها ليبسكي أيضاً على ضرورة الحفاظ على مستويات الإنفاق العام خلا العام المقبل.
(الأخبار)


أكلاف إنسانيّة

أظهرت الأرقام المنشورة في اليابان وألمانيا أمس ارتفاعاً ملحوظاً في معدّلات البطالة، ما يشير إلى الأكلاف الباهظة للأزمة على الصعيد الإنساني والاجتماعي. وفي البلد الآسيوي تعهّد رئيس الوزراء تارو آسو بإقرار رزمة تحفيز اقتصادي جديدة لمواجهة الركود. ورغم أنّه لم يكشف عن حجم الإنفاق الحكومي الجديد، إلّا أنّ التقديرات تفيد بأنّ الرزمة تهدف إلى توليد مليوني وظيفة. أمّا في ألمانيا حيث أكبر اقتصاد أوروبي، فقد ارتفع معدّل البطالة إلى 8.1 في المئة، ما يشير إلى ازدياد حجم الصعوبات في أكبر اقتصاد أوروبي يعتمد على الصادرات.