القاهرة ــ الأخبارأبقى الرئيس المصري حسني مبارك أمس على معزوفته في إلقاء تبعة إهدار الدم الفلسطيني على عاتق المقاومة، وفي توجيه الانتقادات الضمنية لسوريا وإيران وقطر. لكنه أرفقها هذه المرة بتحذيرات وجهها إلى إسرائيل من «التعرّض لسيادة مصر»، متوعداً إياها بـ«رد الصاع صاعين».
تهديد، وهو الأول من نوعه، ربما يكون نابعاً من المخاوف المصريّة من التفاهم الأمني الإسرائيلي ــــ الأميركي، الذي يثير غضب القاهرة، ولا سيما مع ما يتضمّنه من إمكان نشر مراقبين دوليين في سيناء. إجراء رفضه مبارك، الذي يحاول على ما يبدو احتواء غضب الشارع الذي خرج خلال العدوان على غزّة ثائراً في وجه سياسات النظام.
وأكد مبارك، في كلمة ألقاها خلال الاحتفال بعيد الشرطة، أنّ «مصر تعمل على تعزيز قوّاتها المسلحة بهدف تأمين السلام، الذي يظل التزاماً مصرياً ما دامت تلتزم به إسرائيل». وقال إنّ جيش مصر قادر على «ردّ الصاع صاعين»، في حال حدوث أي «عدوان» على أراضيها أو النيل من سيادتها. وأضاف أن جيش مصر لن ينجرف إلى «مغامرات غير محسوبة عواقبها»، أو إلى «خطوات تستفيد منها جهات إقليمية»، داعياً في الوقت نفسه إسرائيل إلى الابتعاد عن مصر وسيادتها على أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية، في أي اتفاقات دولية مع أي أطراف خارجية.
وجدّد مبارك عدم التزام بلاده بالاتفاق الأمني الأميركي ـــــ الإسرائيلي، الذي وقعته وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ونظيرتها الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، في شأن «منع تهريب الأسلحة» إلى قطاع غزة، مشدّداً على ضرورة ابتعاد أي ترتيبات أمنية إسرائيلية ـــــ دولية «عن أرض مصر وسمائها ومياهها الإقليمية». وقال إنّ هذا الاتفاق «لا يلزمنا بشيء». كما جدّد رفضه لأي وجود أجنبي على الحدود المصرية مع قطاع غزة. وتابع «نحن قادرون على حماية حدودنا ولن نقبل بوجود أجنبي عليها».
ووجه الرئيس المصري انتقادات مبطنة إلى كل من سوريا وإيران وقطر. وقال إنّ «البعض ممن يزايدون علينا لهم علاقات وثيقة بها (إسرائيل) وراء الأبواب المغلقة، والبعض الآخر لا يزال يسعى جاهداً للسلام معها». وأكّد أنّ «فلسطين كانت وستظل في قلب شعب مصر»، الذي «قدّم الكثير من التضحيات» من أجل القضية الفلسطينية. إلا أنّه شدّد على أنّ «الأولوية ستبقى لمصر أولاً وأبداً وفوق كل اعتبار، لحماية أمنها وللدفاع عن مصالح شعبها». وألقى مبارك ثقل بلاده السياسي إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مواجهة محاولة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، لإنشاء قيادة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية. كما تطرّق إلى جهود مصر لوقف عملية «الرصاص المصهور»، مشيراً إلى أنّ «المقاومة ليست شعارات تستخف بأرواح الأبرياء»، ومعتبراً أن «الأزمة كشفت محاولة استغلال العدوان، لفرض واقع جديد على الوضع الفلسطيني». وقال إن «الوضع العربي الراهن يغيّر المعادلة لمصلحة قوى إقليمية معروفة لخدمة مخططاتها، وكان الهدف سحب الشرعية من السلطة الوطنية ومنحها للفصائل، وتكريس انقسام الضفة الغربية عن غزة».