في مقابل الهدوء الأمني شبه التام الذي ساد انتخابات المحافظات العراقية يوم السبت الماضي، كان لون الدم سمة يوم أمس. إذ قُتل أكثر من 18 عراقيّاً، معظمهم من المدنيين الأكراد في تفجير انتحاري في خانقين، قبل ساعات قليلة من إعلان النتائج الرسمية لعملية الاقتراع. نتائج لم تحمل مفاجآت، فجاءت لتؤكّد تتويج رئيس الوزراء، نوري المالكي، «ملكاً» جديداً في الخريطة السياسية لبلاد الرافدين.وبحسب نتائج تسعين في المئة من الأصوات، فقد حلّت لوائح المالكي، «دولة القانون». أولى في 9 محافظات عراقية، بينها بغداد والبصرة، مع معدّل 38 في المئة من أصوات الناخبين، الذين وصل عددهم إلى 7.5 ملايين عراقي، رغم خسارتها في عقر دارها كربلاء.
واللافت أنّ فارقاً شاسعاً يبعد صاحبة المرتبة الأولى، «دولة القانون»، عن قائمتي «الأحرار المستقلون» (التيار الصدري)، ولوائح الأحزاب المنضوية سابقاً في «جبهة التوافق العراقية»، التي حلّت في المرتبة الثانية بحصولها على 9 في المئة، متقدّمة بفارق بسيط على قائمة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، التي حلّت رابعة مع 8.6 في المئة. والخسارة الكبيرة للوائح «المجلس الأعلى»، عبّرت عنها حلولها ثانية في محافظات النجف والبصرة والديوانية وواسط والمثنى وبابل.
وبدأت تظهر ملامح خلاف علني بين التيار الصدري والسيد علي السيستاني، فقد ناشدت الهيئة الإعلامية لمكتب السيد مقتدى الصدر في النجف، المرجعية الدينية في بيان، «عدم الالتفاف على العملية الانتخابية والحفاظ على حياديتها التي أعلنتها قبل الانتخابات». وكشفت أنّ «بعض الجهات المتنفذة التي حققت فشلاً ذريعاً في انتخابات المحافظات (المقصود المجلس الأعلى)، بدأت تستخدم أسلوب الضغوط على المرجعيات الدينية والتهديد والوعيد بعدم تسليم المحافظات التي يسيطرون عليها للجهات التي ستخلفهم».
وفي محافظات العرب السنة، تصدرت اللائحة التي يدعمها زعيم جبهة الحوار الوطني، صالح المطلك، النتائج، حيث حلت أولى، تليها اللائحة التي يدعمها زعيم «مجالس الصحوة» العشائرية، أحمد أبو ريشة. وبالتالي، فإنّ الانتخابات وجّهت ضربة قاسية للحزب الإسلامي الذي كان يُعَدّ أكبر حزب سني عربي مشارك في العملية السياسية.
ومن أبرز النتائج المفاجئة، حلول قائمة المطلك أولى في الأنبار، حيث كانت التوقعات محصورة بفوز لائحة الحزب الإسلامي أو لائحة العشائر. ووصلت حدّة التوتر في الأيام الماضية، إلى حدّ تهديد العشائر باللجوء إلى العنف، وهو ما دفع باتخاذ إجراءات أمنية استثنائية في أرجاء المحافظة توخياً لاندلاع أعمال عنف. وتعليقاً على النتيجة، قال أبو ريشة: «لا مشكلة على الإطلاق إذا كان المطلك متقدماً علينا حالياً، ونحن على استعداد للتعاون معه».
وتندرج لوائح الأكراد، في مقدمة الخاسرين، إذ فازت قائمة «الحدباء» المعارضة لهيمنة الأكراد على محافظة نينوى، على حساب قائمة «نينوى المتآخية»، المكونة من الأكراد والعرب، التي حلت في المرتبة الثانية. كذلك، لم يتمكن الأكراد في ديالى، إلا من الحلول في المرتبة الثانية.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)