Strong>فيما تواجه البلدان المصنّعة في العالم الركود، تزداد أهميّة التدخل الحكومي إذ سيكون الإنفاق الاستثماري العام في عام 2009 «حاسماً» لتجنّب الركود الحاد، بحسب تقرير «آفاق العام 2009» الذي أعدّته مؤسّسة «Merrill Lynch». ومن جهة أخرى يمكن أن توفّر الأصول ذات الخطر المنخفض للمستثمرين الأفراد أفضل الفرص للحصول على أعلى عائدات
يرى رئيس الاستثمار في الشعبة العالمية لإدارة الثروة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في مؤسّسة الاستشارات الماليّة «Merrill Lynch»، غاري دوغن، إنّه يمكن للمستثمرين الأفراد إيجاد قيمة في مقاربة حذرة إزاء تخصيص الأصول. فالاستثمار المختار من سندات الشركات ذات الدرجة الأولى يمكن أن يوفّر مداخيل جذابة. أمّا الديون العالية المردود وديون الأسواق الناشئة، فيُرجح أن تبقى عديمة الجاذبية حيث تكمن مخاطر التعرّض لإعادة التقويم القوية للاقتصادات النامية، فيما الاقتصادات المتقدمة تواجه الركود. ويمكن أن ينظر المستثمرون إلى الأسهم الخاصة، التي أعطت مردودات قوية في فترتي الهبوط في أزمتي 1991 و2001، على أساس انتهازي. فبعض استراتيجيات صناديق التحوّط تستحق أن تُستخدم، ولكن يجب التعامل مع صناديق التحوّط بحذر.

دور الحكومات

على صعيد آخر، يُتوقع أن تقوم الحكومات بدور محوري في معالجة الأزمة الاقتصادية، مستخدمة خفض الضرائب والإنفاق العام لتحفيز النمو. ويجب علىها أن توازن بين العمل على التنمية من خلال الإنفاق العام واللجوء إلى الاستدانة المفرطة. وبحسب دوغن، فإنّ عام 2009 «سيكون حاسماً للاقتصادات العالمية، إذ سيؤدي التدخل الحكومي دوراً مصيرياً في تحديد ما إذا كنا سنواجه هبوطاً قصيراً وحاداً نسبياً، يمكن أن ينتهي في الأشهر الـ12 المقبلة، أو ركوداً طويلاً وبطيئاً كالذي واجهته اليابان في التسعينيات».
وقد يتوجب على الحكومات أن تفكر برزمات مالية تكلّف ما بين 2 في المئة و5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة في إطلاق اقتصاداتها ورفع الثقة الضعيفة لدى المتسهلكين ورجال الأعمال. وفي هذا الصدد يقول دوغن الذي كتب تقرير «آفاق العام 2009»، «سينظر المستثمرون في سندات حكومة الولايات المتحدة الطويلة الأمد كمقياس مهم للتقدم في الانتعاش العالمي. فارتفاع مردودها سيكون دليلاً على أن الحكومات قد بالغت في الإنفاق».
غير أنّ تجاوب الحكومات في سياستها العالمية إزاء الأزمة قد يكون ذا دلالة حاسمة على طول مدة الهبوط وشدّته و«سيتوجب على صانعي السياسة أن يقدموا رزماً مالية فعالة من أجل تنشيط الاقتصادات. فبذور الانتعاش يمكن أن تُزرع في 2009، ولكن إذا فشلت في أن تنبت يمكن أن تواجه ركوداً يمتد إلى سنوات عديدة».
وهنا يرى التقرير أنّه «بالإضافة إلى خفض معدلات الفائدة و(زيادة) الإنفاق الحكومي، سيحتاج المستثمرون إلى الإحساس بأنّ وظائفهم في أمان لكي يشعروا بثقة لدى إنفاق أموالهم»، وخصوصاً أنّ أزمة الائتمان تحوّلت إلى أزمة ثقة في جدوى الاستثمارات في ظلّ تراجع الطلب ودخول معظم اقتصادات العالم المتقدّم في ركود.
وبالإضافة إلى استمرار مستويات الاقتراض العالية وحصول مزيد من الإنذارات حول الأرباح، يمكن أن يبرز الانكماش كموضوع محوري في عام 2009، وخطره وفقاً لدوغن «هو أكبر مما توقعه كثيرون من الناس، وتداعياته ستكون ذات أضرار كبيرة. وسيتوجب على السياسة النقدية أن تبقى نشيطة ومتجددة لتقاوم الخطر».
من جهة أخرى، يرجح أن يسيطر التنزيل بالأرباح على الفصل الأول من العام الجاري، ولكن ارتداداً صعودياً في أسواق الأسهم العالمية محتمل الحدوث في النصف الأول، حيث يمكن أن تكون الأسهم الاستهلاكية والدورية هي المنتفعة. حول هذه النقطة يقول دوغن «قد تكون الأسهم، كفئة أصول، أفضل أداءً في عام 2009 إلا إذا أصبح خطر الانكماش واقعاً. ونعتقد أنّه سيتمّ تجنب الانكماش».
ويضيف دوغن أنّ «الإجراءات الحكومية لتحفيز النمو الاقتصادي وخفض معدلات الفائدة من قِبَل المصرف المركزي يمكن أن تطلق ارتفاعاً في أسواق الأسهم العالمية في النصف الأوّل من عام 2009. ويجب أن يبقى المستثمرون حذرين. وعليهم أن يكونوا مستعدين لجني الأرباح». وفيما أسواق السلع قد تعود إلى نشاطها في النصف الأول من العام، يرجح أن يستمر الارتفاع لمدة قصيرة في غياب الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة. والمعادن الثمينة، بقيادة الذهب، يمكن أن تنعم بردة ارتفاعية أطول عمراً حيث يستفيد الذهب من ضعف الدولار في النصف الثاني من العام.
وأخيراً، وفيما تستمرّ التقلّبات الحادّة في أسعار صرف عملات البلدان الصناعيّة الكبرى، يعتقد دوغن، أنّه إذا عاد الدولار إلى قيمته العادلة، من المتوقع أن يبقى الجنيه الاسترليني تحت الضغط إزاء الدولار في النصف الأول من عام 2009 وسط المخاوف من ركود متمادٍ في المملكة المتحدة. لكن الجنيه يمكن أن ينتعش في النصف الثاني.
(الأخبار)


حرب العملات

وفقاً لتقرير «آفاق العام 2009»، يمكن أن تواجه عملات الأسواق الناشئة كروسيا والبرازيل وأفريقيا الجنوبية ضغطاً إضافياً بسبب حساسيّتها إزاء أسعار السلع. ويقول غاري دوغن إنّ «احتمال هجوم على عملات الأسواق الناشئة يبقى أمراً مقلقاً. فمن المتوقع أن تكون الأسواق الناشئة أدنى أداءً حتى في حالات الانتعاش من جراء الهموم المتعلقة بمستقبل النمو المطرد، كالتضخم وشحّ الائتمان». وإذ تتجه معدلات الفائدة في بعض الاقتصادات إلى الصفر، فإنّ عودة ثقة المستهلكين ستكون حيوية من أجل إطلاق شرارة النموّ الاقتصادي».