Strong>ترفع الأزمة الاقتصاديّة العالميّة أهميّة دور الدولة في إنعاش القطاعات المختلفة من خلال الإنفاق. وإن كانت الاستثمارات الحكوميّة تصبو أساساً لتحقيق أهداف اجتماعيّة، إلّا أنّها تطرح أيضاً حافزاً للمستثمرين. ويمكن هؤلاء، وفقاً لـ«Merrill Lynch»، التركيز حالياً على أسهم شركات الأسلحة، وخصوصاً الأميركيّة
في وسط الأزمة الاقتصاديّة القائمة وموجة الركود التي تضرب الاقتصادات العالميّة، أعدّت لجنة الأبحاث الاستثمارية في مصرف «Merrill Lynch» التابع لـ«Bank of America»، تقريراً تشرح فيه أهميّة دور الدولة في إنعاش الاقتصادات حول العالم، وتحديداً في ظلّ رزم التحفيز الاقتصادي والمالي الضخمة، ودعوات المؤسّسات الماليّة والاقتصاديّة الدوليّة إلى رفع مستوى الإنفاق العام.
فالناتج المحلّي بالصيغة التقليديّة يساوي مجموع الاستهلاك والاستثمار والإنفاق الحكومي وصافي التعامل التجاري مع الخارج، وبما أنّ الاستهلاك يشهد تدهوراً والاستثمار يتراجع بصورة خطيرة وتهبط الصادرات الصافية من جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي، يصبح «دور الحكومة» أكثر أهميّة.
ويركّز التقرير هنا على الاقتصاد الأميركي، حيث أعدّت إدارة الرئيس باراك أوباما خطّة تحفيز تزيد قيمتها على 800 مليار دولار وتهدف إلى خلق الوظائف من خلال زيادة الاستثمارات ومشاريع البنى التحتيّة. فالقطاع المالي لا يزال مختلّاً، وبالتالي فإنّ المستثمرين ينظرون إلى «العامل الحكومي» على أنّه مخلّص الاقتصاد في هذه المرحلة.
وبما أنّ التدخّل الحكومي هو المصدر الأساسي للنموّ، فإنّ الحقائب الاستثماريّة تحتاج إلى أن تعكس الأدوار التي ستقوم بها الحكومة نسبياً في الاستهلاك والاستثمار والتصدير الصافي الناتجة من ذلك، وعلى المستثمرين أن يكونوا متيقّظين إلى المواضيع الاستثمارية الممكنة التي ستنجم عن الدور الحكومي. وعلى الرغم من الركود، يبقى الاستهلاك يمثّل تقريباً ثلثي الاقتصاد الأميركي، وعليه يقول التقرير إنّه «إذا اتبعنا نماذج السنوات العشر الأخيرة نستبعد أن نحصد أرباحاً في هذه البيئة الجديدة... ونشعر بأنّ على المستثمرين أن يعترفوا بإمكان حصول تحوّل هام نحو الحكومة كمحرّك لنمو الاقتصاد ويموضعون حقائبهم على أساس ذلك».
وعموماً تركّز مخططات الإنفاق الحكومي على الفوائد الاجتماعية لا على المنافع الخاصة. وهذا يشمل الإنفاق على التربية والعناية الصحية والطرق وبناء الجسور وغيرها من البرامج. واللافت هو أنّ التقرير يرى أنّ الاستثمار في أسهم شركات الأسلحة «موضوع أساسي للاستثمار في عام 2009».
ورغم أنّ الاستثمار في هذا القطاع يعدّ عملاً «لا يتّسم بالمسؤولية الاجتماعيّة»، إلا أنّ التقرير يشدّد على أهميّته، ويقول إنّ «الإنفاق على الدفاع كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ليس عالياً رغم الحروب في الشرق الأوسط، وأنّ الإنفاق على الدفاع قد يؤدّي إلى مضاعف مرتفع معقول اقتصادياً».
ويلفت إلى نقطة أساسيّة هنا وهي أنّه «بعكس الاعتقاد الشعبي السائد، فإنّ أسهم (شركات) الدفاع تميل إلى أداء أفضل في ظل الإدارات الديموقراطية منها في ظل الإدارات الجمهورية».
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنّ موازنة العام الجاري في الولايات المتّحدة، التي تتوقّع ارتفاع العجز إلى مستوى قياسي يزيد عن 1.1 ترليون دولار، تفترض أنّ الإنفاق العسكري يبلغ 805 مليارات دولار، وهي الحصّة الأكبر بين حصص البنود الإنفاقيّة الأخرى، وتمثّل 5.75 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي (على اعتبار أنّه يساوي 14 ترليون دولار).
ويبدو الإنفاق على التسلّح في جميع أصقاع الأرض إلى ارتفاع أيضاً. فقد وصلت قيمة صادرات الأسلحة الروسيّة في العام الماضي، إلى مستوى قياسي بلغ 8.35 مليارات دولار، وفقاً للأرقام التي عرضها الرئيس الروسي، ديميتري ميدفيديف أوّل من أمس.
وبالنسبة للقطاعات الأخرى التي يمكن أن يؤثّر عليها الإنفاق الحكومي، يشير المحلّل المختصّ في شؤون البنى التحتيّة في «Merrill Lynch»، أندرو أوبن، إلى أنّه فيما يمكن أن تستفيد شركات الهندسة والإنشاءات من برامج الإنفاق على البنية التحتية، لكنّها قد تتضرر من التقليص الهام في الإنفاق الرأسمالي في مجالات الطاقة والسلع. فالتدهور المريع الذي حصل بالسلع حمل شركات عديدة تعمل في الطاقة والسلع على تقليص برامجها السابقة.
ويقول إنّ «استراتيجية أفضل للاستثمار في البنية التحتية هي شراء أسهم في شركات البنية التحتية ذات الرأسمال الصغير والمتوسط، حيث المبيعات والأرباح ترتبط مباشرة بالمياه وبنية الطرق».
ويختم التقرير بالتشديد على أنّه «يصعب علينا الحصول على عائدات مستمرة لحملة الأسهم. ونعتقد أنّه يجب أن نبتعد عن الأسهم العادية في القطاع المالي وفي حالات عديدة عن الأسهم التفضيليّة ونبقى على ذلك الموقف حتى تبدأ الشركات في هذا القطاع بالنمو».
(الأخبار)


قلق طويل الأمد

يقول استراتيجيو الدخل الثابت في «Merrill Lynch» إنّ «الخطر المخيّم على الائتمان في سوق الدخل الثابت قد تحسّن، غير أنّ هذا لا يعني أنّ حالة ائتمان الشركات راحت تتحسّن على نطاق واسع». ويوضحون أنّ «هناك إجماعاً قوياً على أنّ الازدياد في دور الحكومة سيحمل معدّلات الفائدة الطويلة الأجل على الارتفاع، وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى التضخم»، ويعربون عن تفهّمهم لقلق من هذا النوع في فترة تمتد من 3 إلى 10 سنوات، ولكن «يصعب علينا قبول هذه الحجج في المدى القصير. فالمؤشرات العامّة لا تزال في اتجاه متدهور».