بدا حوار المصالحة الفلسطينية أوّلى ضحايا الربط الإسرائيلي بين صفقتي التهدئة وإطلاق الأسرى. فبعد قرار الحكومة الإسرائيلية، سارعت القاهرة إلى إعلان تأجيل الحوار الذي كان مقرراً الاثنين المقبل، ولا سيما أنها كانت تصرّ على أن حوار «فتح» و«حماس» وباقي الفصائل سيأتي بعد اتفاق الهدنة في قطاع غزّة، باعتباره مقدمة لبدء جهود إعادة الإعمار والاتفاق على الجهة الموكلة القيام بها.وفي ظل غياب التهدئة في قطاع غزة، لا مجال لإعادة الإعمار، وبالتالي من غير المستبعد أن يشمل التأجيل أيضاً مؤتمر المانحين المقرّر عقده في الثاني من آذار المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وبعد ساعات من مصادقة الحكومة الإسرائيلية على ربط اتفاقي التهدئة وإطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكوميّة المصريّة عن «مسؤول مصري» قوله إن الحوار الفلسطيني أُجّل إلى فترة وجيزه لمزيد من المشاورات.
وكانت الأجواء الحوارية قد انطلقت في القاهرة بلقاءات بين وفدي «حماس» و«فتح». غير أنها كشفت عن صراعات داخل أجنحة «فتح»، لكل منها رؤيته لمسار المصالحة المرتقبة.
وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الأخبار» أنه بعد الأجواء الإيجابية التي عكسها رئيس الكتلة البرلمانية لحركة «فتح»، عزام الأحمد، أوفد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أحمد قريع (أبو العلاء)، الذي كانت له وجهة نظر مغايرة.
وأشارت المصادر إلى أن الأحمد «يعكس ميوله الشخصية وتمنياته أكثر من واقع الحال في العلاقة مع حماس والحوار الوطني وما يمكن أن ينتج منه في الأيام المقبلة». وأضافت إنه «أظهر مرونة بشأن تأليف الحكومة الفلسطينية التي ستكون ثمرة المصالحة الوطنية، وأبدى موافقة على تأليف حكومة سياسية لا ينتمي أعضاؤها إلى الصف الأول».
في المقابل، يريد أبو العلاء، ومعه المتحدث باسم «فتح» أحمد عبد الرحمن، «تأليف حكومة تلتزم ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها (الإسرائيلية والدولية) حتى لا يُعاد فرض الحصار على الشعب الفلسطيني».
وذكرت المصادر أن «البيان المشترك الذي صدر يوم 13 شباط الجاري عقب اجتماعات القاهرة، والذي تضمّن ثلاث نقاط أساسية تتعلق بإنهاء ملف الاعتقالات السياسية ووقف الحملات الإعلامية بين الطرفين لتهيئة الأجواء لحوار القاهرة لم يسهم في تغيير موقف أبو مازن تجاه الحوار مع «حماس»، وهو دعا المقربين منه إلى عدم الاستعجال في الوصول إلى استنتاجات متسرعة بشأن الأجواء الداخلية للحركة الإسلاميّة، إذ يعتقد أنه لا يوجد أي تغيير جوهري في موقف حماس، وأن التغيير ليس سوى في الشكل، وأن البيان لا يؤسس لاتفاق ينهي قضايا الخلاف بين الجانبين، وأنه لا يعني أكثر من كسر للجليد في العلاقة بين الطرفين».
وتشير هذه المصادر إلى تمايز في الموقف داخل وفد «فتح» الذي شارك في اجتماعات القاهرة، إذ خلافاً لأبو العلاء وأحمد عبد الرحمن ونبيل عمرو، الذين لا يراهنون على أي اتفاق سريع مع «حماس»، أعرب عزام الأحمد عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق.
(الأخبار)