محمد بديركلّف الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، رسمياً أمس، رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، مهمة تأليف الحكومة المقبلة، واضعاً حدّاً لدوّامة السّجالات التي دخلتها الحلبة السياسية في إسرائيل جرّاء النتائج الملتبسة للانتخابات الأخيرة. وكان لافتاً تخصيص رئيس الحكومة المكلّف كلمته الأولى لـ«خطورة إيران»، متجاهلاً غيرها من الملفات الخارجية التي ستواجه حكومته. وسبق كتاب التكليف محاولة فاشلة من بيريز لإقناع كل من نتنياهو وزعيمة حزب «كديما»، تسيبي ليفني، بتأليف حكومة وحدة وطنية، تلقّفها الأول بالتشديد على تفهّمه للحاجة إلى ذلك، وأجهضتها الأخيرة باستبعادها الانضمام إلى حكومة «من دون رؤية سياسية». وفور تبلّغه بوقوع الاختيار عليه لرئاسة الحكومة، ألقى نتنياهو خطاباً بدا واضحاً أنه توسّل فيه إبراز المخاطر التي تواجه إسرائيل من أجل وضع كلّ من حزبي «كديما» و«العمل» أمام استحقاق ضرورة المشاركة في الحكومة التي سيؤلّفها.
وقال رئيس الحكومة المكلف إن «إسرائيل تجتاز مرحلة مصيرية وعليها مواجهة تحديات هائلة». وأضاف أن «إيران تسعى إلى امتلاك السلاح النووي وتشكّل التهديد الأكبر لوجودنا منذ حرب الاستقلال. وإن أذرع الإرهاب الإيرانية تحيط بنا من الشمال والجنوب»، في إشارة إلى حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وتطرق نتنياهو إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية في إسرائيل، لينتقل إلى دعوة «أعضاء كل الأحزاب، من سمّاني ومن لم يسمّني، إلى طرح الخلافات جانباً ووضع مصلحة الدولة في بؤرة الاهتمام». وإذ أعلن أنه سيسعى إلى تأليف «أوسع حكومة وحدة وطنية ممكنة»، وجّه نداءه إلى كلّ من ليفني ورئيس حزب «العمل»، إيهود باراك، لـ«شبك الأيادي»، معلناً أنهما سيكونان أول من يلتقيهما في إطار بناء الائتلاف الحكومي. وأضاف «لدينا أساليب مختلفة، لكننا نريد العمل معاً لما فيه خير الدولة».
ولم تنتظر ليفني دعوة نتنياهو لتعلن موقفاً سلبياً منها، إذ استبقت خطابه بالتشديد على أن الحكومة التي ستتألف «بلا رؤية سياسية، ومثل هذه الحكومة لا قيمة لها ولا أستطيع أن أكون غطاءً لفقدان النهج فيها». ولا يبدو أن موقف ليفني يوصد الأبواب كلياً أمام احتمال مشاركة «كديما» في الحكم، وخصوصاً في ظل مؤشرات تدل على وجود تيار قوي، يقوده كل من شاؤول موفاز وداليا إيتسيك، يرى في الانضمام إلى الائتلاف الحكومي ضرورة للحزب.
وكانت تقارير صحافية إسرائيلية قد أشارت إلى أن نتنياهو يدرس تقديم عرض مغرٍ لـ«كديما» لاستدراجه إلى المشاركة في الحكومة. ويتضمن هذا العرض منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة وحقيبتي الدفاع والخارجية وربما عدداً مساوياً من الحقائب التي سيأخذها «الليكود»، الأمر الذي يجعل الحزبين في مكانة موازية.
وبحسب القانون الإسرائيلي، فإن أمام نتنياهو مهلة 28 يوماً اعتباراً من تاريخ تكليفه للحصول على موافقة الكنيست على تشكيلته الحكومية المقبلة، ويمكن تمديد هذه المهلة مرة واحدة لأربعة عشر يوماً إضافياً.