منذ ترشّح باراك أوباما إلى الرئاسة الأميركية، لازمته عبارة «أنوي سحب قوّاتنا من العراق، بمسؤولية، لكن بأسرع وقت ممكن». وبعد انتخابه، بقي الرجل أسير رؤيتين للجداول الزمنية لهذا الانسحاب. الأولى تمسّك بها كل من قائد المنطقة الوسطى الجنرال ديفيد بيترايوس وقائد قوات الاحتلال في العراق ريمون أوديرنو، وترى أنّ الخطّة الآمنة تقضي بانسحاب في غضون 23 شهراً. والثانية، تبنّاها كل من وزير الدفاع روبرت غيتس، وقائد الأركان المشتركة مايكل مولن، وتفضّل انسحاباً خلال 19 شهراً. أما أوباما نفسه، فكان ينوي انسحاباً يمتدّ على 16 شهراً، التزاماً بشعاره الانتخابي.وحسم أوباما قراره أمس مفضلاً مهلة الـ 19 شهراً، ومعلناً أنّ انسحاب قواته المقاتلة سينجز في 31 آب 2010، مع الإبقاء على ما بين 35 و50 ألف جندي، لممارسة مهام «غير قتالية».
وفي خطاب ألقاه في قاعدة «كامب ليجون» التابعة لمشاة البحرية في ولاية نورث كارولاينا، قال أوباما: «مهمتنا القتالية ستنتهي في 31 آب 2010. وفي هذه المرحلة ستتولى القوات الباقية مهمة محدودة في ثلاثة مجالات: التدريب وتجهيز القوات العراقية وحماية الموظفين الأميركيين في العراق والعمليات المحددة الهدف». وبرّر الانسحاب بـ«التحسّن الأمني الكبير، وبتخفيف الضغط عن قواتنا المقاتلة في أفغانستان». والقوات الباقية من المقرر أن تنسحب بدورها في نهاية 2011.
ولم يحدّد الرئيس، في خطابه، أي مواعيد ثابتة لمراحل الانسحاب، على اعتبار أنّ أعداداً كبيرة من جنوده، الذين خسروا أحد زملائهم في هجوم مسلح في بغداد أمس، لن يعودوا قبل الانتخابات التشريعية العراقية، المقررة في كانون الأول المقبل. وفيما شدّد على الالتزام بموعد الاتفاقية الأميركية ــ العراقية لإنهاء الوجود الأميركي في بلاد الرافدين، في نهاية 2011، فقد ترك القرارات الميدانية في تبطيء أو تسريع الانسحاب، «مرنة» بيد جنرالات حربه، تبعاً لتحسّن الظروف الأمنية والميدانية.
وأشار أوباما إلى أن قرار سحب الجنود لا يعني بأي شكل «الانسحاب من مصالحنا في المنطقة، وننوي الاستعاضة عن وجودنا العسكري، بمساعٍ دبلوماسية نشطة»، تشمل سوريا وإيران. وقال: «ونحن نسير إلى الأمام، سنتّبع نهجاً مبدئياً ومستداماً مع كل بلدان المنطقة، بما فيها إيران وسوريا».
في المقابل، كشف العضو الجمهوري في مجلس النواب الأميركي، جون ماكهيو، أنّ أوباما أخبره أنه سيعيد النظر في خطته المتعلقة بسحب قواته «إذا ما ارتفعت وتيرة العنف مجدداً». وقال ماكهيو، لوكالة «أسوشييتد برس»، إنّ «الرئيس أكّد لي وجود خطة بديلة، أطلق عليها اسم الخطة بي» لمواجهة هذا الاحتمال.
وكان رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، قد استبق خطاب أوباما أول من أمس، بالإعراب عن استعداد الجيش العراقي لملء الفراغ الذي قد يتركه الانسحاب الأميركي، وتخصيص 8 مليارات دولار من موازنة حكومته لدعم القوات المسلحة.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)