الشباب الديموقراطي يبتدع مسرحاً طارئاً لأجل غزّة
راجانا حميّة
كانت حبّات المطر تسقط بقوّةٍ فوق رؤوس «الرفاق» المبعثرين على جنبات الأرصفة المحاذية لبيت الأمم المتّحدة في ساحة رياض الصلح، فيما هم مشغولون بتركيب جهاز الصوت، تحضيراً لـ«مسرح غزّة» الذي نظّمه، أول من أمس، اتّحاد الشباب الديموقراطي اللبناني وقطاع الطلّاب والشباب في الحزب الشيوعي اللبناني. في حينها، كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساءً. تأخّر الشباب بعض الشيء في تحضير أدوات المسرح البسيطة التي لم تكن لتتعدّى «شادر» يقي الرفاق القلائل من زخّات مطرٍ لم تستكن طيلة السهرة، وبعض المقاعد الخشبيّة لشخصيّات الصف الأوّل «V.I.P»، فما كان من رئيس المجلس الوطني في الاتّحاد عربي العنداري سوى استغلال فترة العمل لتعريف الموجودين بالعرض المونودرامي المفاجئ «الذي تدور أحداثه في بيت والد الشهيد محمد الدرة، فيقارن بين ما جرى مع ابنه وما يجري اليوم على أرض القطاع». السابعة مساءً، كان كلّ شيءٍ جاهزاً. الصوت ورفاق الاتّحاد والحزب وبعض الزوّار الغرباء الذين افترشوا أرض الساحة الصغيرة ما بين درج حديقة جبران وجدار مبنى الإسكوا.. وبعض رجال القوى الأمنيّة. كلّهم كانوا هناك، باستثناء صاحب المسرح قاسم اسطمبولي، الذي كان لا يزال في غرفة الكواليس المكشوفة على كلّ شيء، يسترجع وصديقته سيناريو مسرحيّته «قوم يابا» التي كتبها صباح اليوم الثاني من المجزرة في قطاع غزّة.
يخرج الممثّل من غرفته بالكوفيّة والثياب السوداء ويتمدّد فوق المسرح ـــ الرصيف، فيعلو التصفيق ممزوجاً بموسيقى هادئة لحظاتٍ قليلة، ليعود بعدها الصمت. يستفيق أبو محمّد من «غيبوبته» المؤقّتة، ويبدأ حكايته. كانت حكاية فلسطينيّة كلّنا يعرف تفاصيلها، ولكن في حضرة المجزرة كان كلّ شيءٍ مقبولاً. تكلّم كثيراً عن الحروب التي مرّت على فلسطين: 1948 و67 وأكتوبر والليطاني وغيرها الكثير. كان كلّ شيءٍ عادياً، إلى أن بدأ الحوار مع «محمّد في صندوقه الخشبي». تأثّر الحاضرون، بكى البعض، فيما أبو محمّد يتحضّر للمشهد الثاني بهدوء. مشهد حصار غزّة. يبكون، فيما هو يبتسم، متوجّهاً بالكلام إلى محمّد «قوم يابا، فتحوا المعابر وشالوا الحواجز وهدموا الجدار وحرروا القدس». ثم يقفز وسط الحاضرين، صارخاً «كلّه بفضل العرب يابا، تفو يا عريس عليهم»، ويبدأ زفّة لا يعرفها إلا الفلسطينيون «يا عريس كتّر ملبّس وان بدّك فدائية بنلبس». يسكت ويعاود صراخه بصوتٍ يكاد يخنقه البكاء «يا إسرائيليّة راح محمّد وكلهم، ما عاش في غيري بالمخيم، بكفي طخطخة»، ثمّ يستدرك قائلاً «بس الحق ما بيموت، غزّة حترجع والله».. ويتراجع إلى الخلف. فيعلو التصفيق مجدّداً ممزوجاً بصوتٍ موسيقي آخر «صحّي قلوب الناس، صحّي فيها النخوة واصرخ بكل احساس إنو العرب إخوة».

«سفينة الكرامة» في بيروت بعد صور:
نشكر السلطات اللبنانية من دون استثناء


بعد نهارهم الطويل في صور أوّل من أمس، حطّ ناشطو «سفينة الكرامة» التي تعرضت لها بارجة حربية إسرائيلية قبل وصولها إلى غزّة، الرحال أمس في بيروت، حيث بدأوا زياراتهم الرسميّة، فكانت وجهتهم الأولى إلى قصر بعبدا لشكر رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان على «سرعة تجاوبه مع اتصال الناشطين وعدم تردده لحظة واحدة في إعطاء التعليمات للأجهزة المعنية باصطحاب السفينة وإنقاذها. من جهته، هنأ الرئيس سليمان الطاقم «لأن الاسرائيليين ضربوهم ما يعني أنّهم يقومون بعمل إنساني»، مبدياً «اسفه الشديد لاسلوب تعامل اسرائيل مع الفلسطينيين والاستعمال المفرط للعنف الذي ترتكبه في حق الاطفال والنساء على مرأى من العالم كلّه». كذلك دعا سليمان الفلسطينيين إلى أن «يتوحدوا ليتمكنوا من التصدي لهذه الهجمات. بدوره، شكر رئيس الوفد الزميل في فضائية «الجزيرة» غسان بن جدو «رئيس الجمهوريّة والقوى القوى العسكرية والأمنية التي قادت السفينة إلى صور، حيث تمّ تقديم الاسعافات اللازمة والضرورية المباشرة». أما الزيارة الثانية فكانت لوزير الداخلية والبلديات زياد بارود، الذي أكّد «أن لا أحد يمكنه اعتراض الكرامة، اذ تنتهي دائماً بأن تسلك مساراتها من جديد». كذلك زار الوفد قائد الجيش العماد جان قهوجي لشكره على ما قام به لتأمين سلامة الركّاب.