strong>الصحف العبرية تتوقّع تكرار سيناريو تمّوزبدأت معالم الارتباك السياسي والعسكري بالظهور على صفحات الصحف الإسرائيلية، التي عكست تحليلاتها حال التخبط الذي تعيشه القيادة الإسرائيلية إزاء طبيعة الموقف الواجب اتخاذه من «استراتيجية الخروج» وشروطها وتوقيتها. وإذا كان من المتوقع انتقال وسائل الإعلام الإسرائيلية، بالاستناد إلى تجربة عدوان تموز 2006 على لبنان، من مهمة التحريض على المقاومة والتجند لخدمة أهداف العدوان إلى مهمة طرح الأسئلة والتشكيك بجدوى القرارات ووضوح الأهداف وقابليتها للتحقق، فإن المفاجأة جاءت من خلال سرعة هذا الانتقال وحدّته، بحيث يمكن إجمال واقع التعليقات الصحافية بالمثال القائل: «ذهبت السكرة وجاءت الفكرة»

مهدي السيّد
يمكن القول إن الاعتقاد السائد في إسرائيل هو أن الهجوم الجوي استنفد أهدافه، وأن الوقت لا يلعب لمصلحة إسرائيل، وأن «حماس» بدأت تصحو من صدمة العدوان الأولى لتنتقل إلى أخذ زمام المبادرة، في ظل التردد الكبير في الانتقال من مرحلة الجوّ إلى مرحلة البرّ نظراً للمخاطر الحقيقية التي تنطوي عليها هذه المرحلة.
وقد انعكست هذه الهواجس على صفحات الصحف العبرية أمس بأقلام كبار المعلقين الذين تجندوا لتأييد العدوان في الأيام الأولى. ومن هؤلاء مراسل الشؤون العسكرية لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، الذي أشار إلى حالة تصدّع في القيادة الإسرائيلية إزاء سير العدوان على غزة، لافتاً إلى أنه «بعد أربعة أيام على بدء الحرب، بدأت الشقوق الأولى تظهر في جدار الإجماع داخل القيادة الإسرائيلية على سيرها، حيث يدور خلاف في القيادة العليا حول مسألة ما إذا كان ينبغي محاولة إنهاء الحملة في أقرب وقت ممكن».
وبحسب هارئيل، «يغذي الخلاف النفور العميق بين معظم اللاعبين في القيادة الإسرائيلية، المنافسة الكامنة على أصوات المقترعين وكذا الكثير من الاضطراب في عملية اتخاذ القرارات، بالضبط من النوع الذي وعد بأن يختفي نهائياً بعد حرب لبنان الثانية وتقرير فينوغراد».
وأشار هارئيل إلى أن «أوجه الشبه مع القضية اللبنانية كثيرة، غير أن هذه المرة الجدال العلني أكبر». وأضاف أنه «استناداً إلى الأيام الأخيرة، تتضح بالتدريج عدة استنتاجات: من الصعب القتال في الشتاء، من الأفضل عدم الخروج إلى الحرب في ذروة حملة انتخابات، والسعي إلى وقف النار يبدو كفكرة أكثر فأكثر منطقية».
من جهته، علق المراسل السياسي لصحيفة «معاريف»، بن كسبيت، على التباين بين القادة الإسرائيليين، فقال إن «ما حصل في هذه الأثناء، هو أن حماس اقتنعت بأن إسرائيل على شفا الانكسار، الجيش الإسرائيلي يخاف الدخول البري، وقف النار في الطريق وفي الحال ستأتي أناشيد النصر الحماسية في المهرجان الجماهيري في غزة».
وتساءل كسبيت: «ما الذي حصل حقاً؟»، فأجاب إن «حالة الطقس تجعل من الصعب جداً استمرار النشاط الناجع لسلاح الجو، وكذا كل نشاط من أي نوع آخر. القيادة السياسية تتردد. كذلك يوجد تردد أيضاً، لشدة المفاجأة، في قيادة الجيش الإسرائيلي. فليسوا جميعاً متحمسين لعملية برية الآن».
وتطرق كسبيت إلى تردد رئيس الحكومة إيهود أولمرت وحساسيته من اقتراحات الخروج من المأزق، فربط موقفه بخشيته من «أن يفسر أحد ذلك كمحاولات جس نبض سلمية، الأمر الذي سيفسر في الفور في غزة كهزيمة. الأمر معقد هنا. كل شيء تظاهري، كل شيء يتعلق بالصورة، الوعي وصور النصر». وأضاف أنه «مع أن حماس تلقت ضربة قاسية، إلا أنه في هذه المرحلة كل العمل يراوح في المكان، إذ إن الائتمان في بنك الأهداف يفرغ، وحالة الطقس صعبة والمعضلة أيضاً».
وفي «معاريف» أيضاً، قال مراسل الشؤون العربية، جاكي حوجي، إنه «برغم دعوتنا الله أن تكون عملية الرصاص المصهور مختلفة، إلا أنها صيغة مصغرة من حرب لبنان الثانية. فهنالك تظاهرات النار نفسها والصلف الذي يكشف عن نفسه متأخراً جداً هو نفسه، ونفس استعمال القوة في المكان غير الصحيح. ربما كان (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله على حق مرة أخرى في خطبته هذا الأسبوع. فإذا لم يطرأ تغيير إبداعي، فستكون النتيجة هي نفسها أيضاً».
وأضاف حوجي: «يصر الجيش الإسرائيلي مرة أخرى على تصور الصدمة والرعب الذي لم تثبت جدواه بعد. نقول لمن نسي أن أهداف العملية كانت وقف إطلاق صواريخ القسام. كل ما تم إلى الآن هو تليين صلب وانتقامي، ولا أعتقد أنه سيقدم أهداف العملية. إن من يحارب مطلقي صواريخ القسام بتدمير أسرة وبيوت سكنية يخسر ثلاث مرات: فهو يطلق النار على هدف لا أهمية له، ويهدر مالاً كثيراً عبثاً ويصرف الانتباه عن الهدف الرئيسي».
وخاطب حوجي القادة الإسرائيليين قائلاً: «إذا كنتم تريدون في هذه الأثناء وقف صواريخ القسام حقاً، فوجهوا الضرب إلى نشطاء الذراع العسكرية. لا تهدروا الذخيرة على أفراد الشرطة. لا تدمروا المباني الفارغة وتقولوا لنا إن الجولة الأولى توجت بالنجاح. ولا تبيعونا أوهام صدمة حماس، فيما تقتل صواريخ الكاتيوشا إسرائيليين في عسقلان وأسدود. فأنتم تعلمون كما علمتم في لبنان بالضبط أن حزب الله لن يُقضى عليه، تعلمون اليوم أن إزالة تهديد صواريخ القسام تحتاج إلى توجه آخر».
وقال المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، إن «المناكفة البرية لم تبدأ بعد، وها هي المناكفة اللفظية تبدأ. أربعة أيام من الحالة المثالية في القيادة، وإذا بالأمر يثير لديهم السأم. فعلى ماذا يتنازعون؟ على بيضة لم تفقس بعد. على اقتراح لوقف نار ليس موجوداً على الإطلاق».
وفي «يديعوت أحرونوت»، دعا الروائي عاموس عوز إلى ضرورة وقف النار الآن، قائلاً إنه «ليس لإسرائيل ما تكسبه من استمرار الهجوم على غزة. سكان القطاع لن يثوروا على حكم حماس. لن يقوم في غزة نظام متعاطف مع إسرائيل. هجوم بري على القطاع من شأنه أن يؤدي إلى التورط وإلى الغرق في الوحل الغزاوي، الذي لا يبدو حياله الوحل اللبناني أكثر من بقعة ضحلة».


صواريخ «بئر السبع»... صينيّة!ونقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن نائب قائد قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي الجنرال أفراهام بن دافيد قوله: «نشهد توسعاً في إطلاق الصواريخ من غزة إلى مسافة 30ـــ40 كيلومتراً».
وأضاف أن الصواريخ التي أصابت مدرسة في بئر السبع أمس مصنوعة في الصين، وهي أثقل من صواريخ «القسام» المصنعة محلياً و«يمكنها إحداث أضرار أكبر». وقال إن هذه الصواريخ تتضمن حشوات معدنية يمكن أن تنتشر في دائرة شعاعها 100 متر من نقطة الانفجار.
وأعلن المسؤول الإسرائيلي إلغاء أكثر من 100 حدث في المدينة، بينها الاحتفالات برأس السنة الميلادية بسبب الوضع الأمني وسقوط الصواريخ على المدينة.
(يو بي آي)