قد لا تؤدي صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى تغيير في موازين القوى مع آلة الحرب الإسرائيلية، لكنها تنفع لخلق بعض توازن الرعب لثير بعض الراحة عند الغزاويينواصلت الفصائل الفلسطينية، أمس، قصف البلدات الإسرائيلية، مطلقة صواريخ من نوع «غراد»، وأخرى محلية الصنع سقطت في العمق الإسرائيلي، الأمر الذي فاجأ عدداً كبيراً من سكان جنوب فلسطين المحتلة، غير المدركين للمدى الذي يمكن أن تصل إليه الصواريخ التي تمتلكها المقاومة.
وأعلنت «كتائب القسام»، الذراع المسلحة لحركة «حماس»، أنها أطلقت ثلاثة صواريخ «غراد» روسية الصنع على بلدة بئر السبع الإسرائيلية، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن حدود غزة، موضحة أن القصف يأتي في إطار «الردّ على الهجمات الإسرائيلية».
من ناحيتها، أعلنت «سرايا القدس»، الذراع المسلحة لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، مسؤوليتها عن قصف بلدة سديروت بثلاثة صواريخ من طراز «قدس»، فيما تبنّت «ألوية الناصر صلاح الدين»، الذراع المسلحة لـ«لجان المقاومة الشعبية» قصف البلدة نفسها بصاروخين اثنين من طراز «ناصر 3».
وأكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن صاروخ «غراد» بعيد المدى سقط صباح أمس على منطقة بئر السبع في صحراء النقب على بعد عشرات الكيلومترات عن قطاع غزة، من دون أن يسبب خسائر أو إصابات. وسقط صاروخ آخر في نيتيفوت، على بعد نحو 12 كيلومتراً عن قطاع غزة، لكنه لم يؤدِّ إلى إصابات أيضاً.
أما منظمة نجمة داوود الإسرائيلية، فقد أعلنت أن أكثر من عشرين صاروخاً أُطلقت صباح أمس من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، حيث أدت إلى إصابة شخصين بجروح طفيفة.
وفي ظل هذه التطورات، لم يستطع الكثير من سكان جنوب فلسطين المحتلة أن يصدقوا أنهم الآن تحت مرمى النيران. وقال سائق سيارة أجرة في بئر السبع، يبلغ من العمر 40 عاماً: «ما زلنا في صدمة. لم أسمع طوال حياتي صفارة تشير إلى أقصى درجات التحذير في أشدود». وأضاف مواطن آخر: «إنه مثل أي يوم آخر حتى الآن، كنا نعتقد أن الإنذارات لن تسمع إلا في عسقلان وحدها أو إلى الجنوب منها».
وعلق المتحدث باسم بلدية المدينة، أمنون يوسف: «كنا نعتقد أننا في منأى» من تلك الصواريخ. وأضاف: «كنا نأمل ألّا تطاولنا الصواريخ، باعتبار أن قطاع غزة بعيد بما فيه الكفاية. واليوم، نواجه واقعاً جديداً».
داخل مبنى البلدية، يوزع ضباط في الدفاع المدني تعليماتهم على موظفيها المكلفين الرد على تساؤلات السكان الذين يمطرونهم بمكالماتهم الهاتفية. ووضع خط خاص في تصرف السكان الذين طلب منهم عدم التجول في الشوارع وعدم التجمع في أماكن عامة.
وعلق إسحق، الجزار الذي رفض كشف بقية هويته: «لست خائفاً من حماس، لكن لا زبائن لدي، لذا فضلت البقاء في المنزل». وفي سوق المدينة الرئيسية، أغلقت غالبية المتاجر أبوابها الحديدية في عز النهار، وهو أمر غير مسبوق في بئر السبع. وحدهم، بعض المتسكعين يجولون بين حوانيت قليلة إضافة إلى بدو من القرى المجاورة.
وفي عسقلان، التي تبعد 20 كليومتراً عن غزة، تمنح صفارة أقصى درجات التحذير السكان 30 ثانية للعثور على مخبأ. ورغم أن السكان أكثر اعتياداً على صفارات الإنذار لأنهم عايشوا زخات من الصواريخ في السابق، إلا أن نمط حياتهم تغير.
لكن التأثير ملموس أكثر في التجمعات الإسرائيلية السكانية الحدودية الصغيرة، التي يمكن سكانها أن يروا غزة من الفناء الخلفي لمنازلهم. ويستمر التحذير في هذه التجمعات عشر ثوانٍ فقط. وإذا أطلق الفلسطينيون قذائف هاون على ارتفاع منخفض، فإن هذه القذائف قد لا ترصدها أجهزة الرادار الإسرائيلية على الإطلاق.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)