ربى أبو عمويتكاثر الموت من أجل صورة. تتسابق الصحف على نشر أبشعها همجيةًً. موتٌ من دون حرمة. يُقصف الأطفال أمام الكاميرات، يصرخون، تخرج أحشاؤهم من جلودهم الطرية، ينظرون إلى الدمار من حولهم، نظرة الوداع والشبع من حياة لم تهبهم أدنى درجات الطفولة، يموتون... والكاميرات تسجّل وتسجّل وتسجّل.
الكل رأى لمى، بكى العالم. طفلة بالكاد تعرف الله، وربما لا تريد أن تكون شهيدة، وأن ترفعها الأيادي أمام كاميرات الكوكب، فتنتقل إلى مكانها الجديد مجردة من خصوصية الموت، بينما ينتظر أطفال آخرون عطلة نهاية الأسبوع للذهاب إلى «البارك» وإلى مطعم «ماكدونالدز».
على التاريخ أن يحفظ مجازر قرنه الحادي والعشرين. ينبغي له أن يظهر كيف ينتهي صغير إلى تراب كان يتمنى أن يلهو به عند شاطئ غزة.
حين يُطلب من طفل فلسطيني أن يرسم أي شكل يحبه على ورقة بيضاء، يسارع إلى تلوين البياض بالأحمر. يرسم نفسه ميتاً، والثقوب تكسو وجهه. إلّا أن الأبشع من الموت هو أن تعتاده.
بات من السخف أن ينادي أحدهم الدول العربية لتنقذ غزة. فحساباتها تفوق دولاً بطولها وعرضها. فكيف إذا كانوا مجرد مليون ونصف المليون بشري؟ ربما انصبّت أصابع اللوم في عيني الرئيس المصري حسني مبارك حتى فقأتهما، فلم تريا لمى وهيا وحنان وأحمد... لا بد أنهم يحتفظون بورقة أخرى، تدوّن حلماً بعيداً عن الدماء. يخافون إعلانها خشية أن يخذلهم حاكم الملايين.
النقمة على مصر أو الأردن أو أي دولة عربية هي كاللعب بالوقت الضائع. تظاهرات الشعوب هي أيضاً جزءٌ من هذا الوقت، رغم أنها تؤرّق سلاطين الصحارى، فيضطرون إلى القمع، ثم ينقلبون ضد منظمات حقوق الإنسان التي تسجّل انتهاكاتهم. وقد لا يسمح أيضاً للصحافيين المنتقدين بأن يطأوا أرض هذه الدول مجدداً.
ربما كان أطفال غزة سيرسمون وجه الرئيس المصري لو أنه اتخذ قراراً بفتح معبر رفح أمامهم، بدلاً من تركهم يدمنون منظر الدماء. إلّا أنّ الحسابات الإقليمية تؤيّد قتل الأبرياء. فماذا يفعل رئيس؟