سجال بين المندوبين الليبيّ والإسرائيليّ... وعباس يتوجّه إلى نيويورك الاثنيننيويورك ــ نزار عبود
حتى مساء أمس لم يكن معروفاً بالتحديد موعد وصول وزراء الخارجية العرب إلى نيويورك، وسط تأكيد أنه لن يكون قبل الاثنين المقبل. ولم يُعرف من هم الوزراء القادمون، بالرغم من الحديث عن تسعة، هم الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزراء خارجية كلّ من مصر والسعودية والأردن والمغرب وسوريا ولبنان والسودان وقطر، فضلاً عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وتقدّمت المجموعة العربية في الأمم المتحدة، ممثّلة بمصر كرئيسة للشهر الماضي وليبيا بصفتها عضواً في مجلس الأمن، بمشروع قرار يُدين العدوان على غزة، ويدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، ورفع الحصار وفتح المعابر، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، وتوفير حماية دولية للقطاع، والانتقال إلى التهدئة التامة، تمهيداً لإيجاد حل سلمي في إطار عملية السلام الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية على أساس الدولتين، وإبقاء المجلس متابعاً للقضية.
وأُدخلت الفقرة الأخيرة المتعلقة بمبدأ الدولتين لضمان تأييد المجموعة الأوروبية من أجل توفير تسعة أصوات في المجلس، لأن المجموعة العربية كانت تدرك أن الولايات المتحدة ستعارض مشروع القرار. وإذا لم تؤدّ المشاورات إلى تأييد تسع دول، فلن يكون هناك مجال لطرحه على التصويت.
لكن القرار في صيغته الراهنة يبقى غير مقبول من العديد من الكتل في مجلس الأمن، بسبب وصفه من قبل الأوروبيين والأميركيين والأمانة العامة بأنه «غير متوازن»، و«لا يضع المسؤولية في بدء المعارك على عاتق حماس».
وفي جلسة المشاورات المغلقة، رفض المندوب الأميركي زلماي خليل زاد فكرة مشاركة مصر في الحديث داخل المجلس لأسباب فنية تتعلق بكونها ليست عضواً فيه. وبعد جدل لساعة، اتُفق على مشاركة مندوبَي فلسطين وإسرائيل بصفتَيهما يمثّلان أطراف الصراع.
ولم يغب الأمين العام بان كي مون عن الاجتماع الطارئ، وسجّل موقفاً ساوى فيه بين الجلاد والضحية، فقال إنه «يُدين حماس بشكل لا لبس فيه لإطلاقها صواريخ على إسرائيل»، بينما دان العدوّ لاستخدام ردّ غير متكافئ.
ودعا بان إلى إيجاد حل للصراع والاحتلال وصولاً إلى إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، استناداً إلى قرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد والمبادرة العربية.
من جهته، حذر مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، من أن العنف الحالي سيدخل المنطقة بأسرها في دوامة كراهية وصراع لا حدّ له. وطالب بوقف العدوان فوراً. وأشار إلى أن «رفض إسرائيل نداءات العالم لوقف عدوانها يعدّ احتقاراً علنيّاً لمجلس الأمن».
وقالت مندوبة إسرائيل غابريلا شاليف إن الدولة العبرية «تقف في وجه الإرهاب الفلسطيني ـــــ الإيراني المرتبط بتنظيم القاعدة». وأضافت أن «حماس منظمة إرهابية مدعومة من إيران وجهات راديكالية أخرى في المنطقة، ومرتبطة بالقاعدة، ولا تعترف بإسرائيل، وتستخدم أهاليها دروعاً بشرية، كما لا تزال تحتفظ بالعريف جلعاد شاليط». ونفت محاصرة سكان غزة، وقالت إن إسرائيل سمحت بعبور 350 شاحنة إلى غزة. فردّ عليها المندوب الليبي، جاد الله الطلحي، بأن «الكل يعلم أن الفلسطينيين كانوا ملتزمين بالهدنة رغم خرقها من قبل الإسرائيليين لأكثر من 150 مرة»، كما قامت إسرائيل في الرابع من الشهر الماضي بالتوغل البري في القطاع من دون أي مسوّغ وقتلت 6 فلسطينيين، متسائلاً «كيف ستكون ردة فعل الفلسطينيين إزاء هذه الخروق؟». وأضاف أن السلطات الإسرائيلية فرضت حصاراً على غزة ومنعت وصول المساعدات الإنسانية عن أكثر من 750 ألف فلسطيني يعتمدون عليها، «وهو تجويع لهم، حيث تعتبر هذه الممارسات جريمة حرب وإبادة جماعية، استناداً إلى المواد 6ج و7ب و8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية».
وأشار مندوب جنوب أفريقيا دوميساني كومالو إلى خيبة أمل، لأن «حق الدفاع عن النفس لا يعطي إسرائيل السلطة لانتهاك حقوق الإنسان لمئات الآلاف من الفلسطينيين الخاضعين أساساً لاحتلال أجنبي». وقال إنه «لا يمكن أن تتوقع إسرائيل أن تنعم بالأمن في حال استمرارها بالعدوان». وأعرب عن دعم بلاده لمشروع القرار الليبي. وطالب مندوب روسيا فيتالي تشوركين بوقف إطلاق النار فوراً.
من جهة ثانية، نفت بريطانيا أن تكون قد أسهمت في عرقلة التصويت على مشروع قرار لوقف إطلاق النار. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن «رئيس الوزراء (غوردن براون) ووزير الخارجية (ديفيد ميليباند) طالبا علناً بوقف فوري لإطلاق النار». وأضاف «نجري اتصالات مع الولايات المتحدة وشركائنا في الاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، من بينها إسرائيل والسعودية ومصر والأردن، ونعمل في مجلس الأمن على إصدار قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وهدنة ثابتة».
ومن المرتقب أن يتوجّه عباس على رأس وفد عربي، غداً، إلى مجلس الأمن للمطالبة بإصدار قرار لوقف العدوان. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، خلال مؤتمر صحافي في رام الله، «قررت القيادة (الفلسطينية) الموافقة على سفر الرئيس أبو مازن على رأس الوفد العربي إلى نيويورك لمتابعة إصدار قرار في مجلس الأمن يؤدي إلى الوقف الفوري للعدوان ولإطلاق النار». وأضاف «لن نغادر مجلس الأمن ولا نيويورك قبل أن يصدر قرار بوقف العدوان ووقف إطلاق النار وتوقيت محدد لتنفيذ هذا الوقف».
إلى ذلك، دعا الرئيس السوري بشار الأسد مجلس الأمن الدولي للتحرك وإلزام إسرائيل بوقف «عدوانها» على قطاع غزة، وذلك من خلال اتصال هاتفي أجراه مع الأمين العام للأمم المتحدة.