حدثٌ جلل أصاب حركة «حماس» أول من أمس، حين اغتالت القوات الإسرائيلية أحد أبرز قادتها، نزار ريان، وعائلته. حققت إسرائيل ضربة قوية، فيما بدت الحركة الإسلامية أكثر شراسة في إصرارها على الردّ بالقوة نفسها
غزة ــ الأخبار
اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أول من أمس، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، نزار ريان، وزوجاته الأربع وأبنائه الأحد عشر، في غارة جوية استهدفت منزله في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.
وأطلقت طائرات حربية من طراز «إف 16» أطناناً من المتفجرات على منزل ريان، المكوّن من أربع طبقات، وتقطنه زوجاته الأربع وهن: هيام ونوال وإيمان وشيرين، وجميع أبنائه (غسان، وعبد القادر، وعبد الرحمن، وأسامة، وأسعد)، وبناته (آية، ومريم، وزينب، وعائشة، وريم، وحليمة)، ما أدى إلى استشهادهم على الفور، وتحوّل أجسادهم إلى أشلاء ممزقة.
وكان ريان قد فقد ابنه إبراهيم، الذي استشهد خلال تنفيذه عملية قتل خلالها ستة مستوطنين في اقتحام مستوطنة إسرائيلية، قبل سنوات من الانسحاب الإسرائيلي من القطاع في أيلول 2005.
وحولت الصواريخ الإسرائيلية منزل ريان ومحيطه السكني إلى كومة من الحجارة اختلطت بدماء الشهداء وأشلائهم. وبينما كانت سيارات الإطفاء تحاول إخماد حريق شب في المنزل، ومنزلين مجاورين، كانت الطائرات الإسرائيلية تنفذ مزيداً من الغارات الجوية مستهدفةً مدرسة تابعة لـ«حماس» ومنزلاً آخر في جباليا.
ويعدّ ريان أرفع مسؤول في «حماس» تغتاله قوات الاحتلال منذ بداية عملية «الرصاص المصهور» في القطاع قبل سبعة أيام، بل ومنذ عملية اغتيال قائد الحركة عبد العزيز الرنتيسي في 17 نيسان عام 2004، الذي خلف مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، الذي كان قد اغتيل أيضاً في 22 آذار من العام نفسه.
وقالت مصادر في «حماس»، لـ«الأخبار»، إن «ريان لم يستمع إلى تعليمات صدرت من قيادة الحركة بإخلاء المنزل، والاختفاء عن الأنظار أسوة بقادة الحركة الآخرين، وفضّل البقاء إلى جانب زوجاته وأطفاله».
وينسب إليه سكان غزة فضل المبادرة إلى تشكيل «دروع بشرية» لحماية المنازل المهددة بالقصف، وتشجيع أصحابها على عدم الإخلاء رغم تهديدات القصف الإسرائيلية. ويتمتع ريان بشعبية واسعة في أوساط عناصر «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لـ «حماس»، بعدما دأب على مشاركتهم الرباط على الحدود، والتصدي لعمليات التوغل والاجتياح المتكررة في شمال القطاع منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000.
وولد ريان في 6 آذار عام 1959، في مخيم جباليا للاجئين، الذي لجأت إليه أسرته من قرية نعليا قضاء عسقلان، إبان النكبة عام 1948. ويحمل درجة الدكتوراه في الحديث الشريف، ويرأس قسم الحديث النبوي الشريف في كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية في غزة.
ويعمل ريان منذ سنوات طويلة، إماماً وخطيباً متطوعاً في مسجد الخلفاء الراشدين، الذي تعرض للقصف والتدمير بعد وقت قصير من اغتياله. اعتقل مرات عديدة من جانب قوات الاحتلال، ومن أجهزة الأمن الفلسطينية، قبل سيطرة «حماس» على القطاع في منتصف حزيران عام 2007.
ونعت «حماس» «القائد المجاهد والعالم الدكتور ريان»، قائلة «ليعلم هذا العدو الجبان أن القتل لا يجلب إلا القتل والدمار لا يجلب إلا الدمار، وأنه سيعض أصابع الندم جراء جرائمه ضد شعبنا». وأضافت، في بيان تلاه القيادي إسماعيل رضوان عبر فضائية «الأقصى» المحلية التابعة للحركة في غزة، «بعد هذه الجريمة النكراء، أصبحت كل الخيارات مفتوحة أمام المقاومة للجم هذا العدوان، بما في ذلك العمليات الاستشهادية وضرب المصالح الصهيونية في كل مكان».
وشارك آلاف من عناصر ونشطاء «حماس»، إضافة إلى عدد من نوابها، في مسيرة تشييع ريان وأفراد عائلته، أمس، وسط حال من الغضب والحزن الشديدين. وطالب المشيعون «كتائب القسام» بسرعة الرد على جريمة اغتيال «القائد ريان» وأفراد عائلته. وبدا واضحاً تنامي دعوات عناصر «حماس» إلى العودة لأسلوب العمليات الاستشهادية، الذي تخلت عنه الحركة منذ بضعة أعوام.
وانطلقت الجنازة من ساحة كبيرة أمام مسجد الخلفاء الذي يبعد عن منزل ريان مئات الأمتار، رغم تحليق الطيران الحربي وقيامه بغارات وهمية، إضافة إلى شن غارة وسماع دوي انفجار كبير على مقربة من الجنازة.
إلى ذلك، قال الناطق باسم «حماس»، فوزي برهوم، إن «هذه الحرب الضروس على غزة لن تزيد أهلها إلا ثباتاً وصموداً والتفافاً حول حماة المشروع الوطني الفلسطيني، وإن تاريخ غزة مع أعدائها حافل بهزائمهم أمام صمود أهلها».
وعلّق رائد، وهو كادر محلي في «حماس» في جباليا، وصديق لريان، «رحل الشيخ ريان وهذا ما كان يتمناه، أن تمزق صواريخ العدو جسده الطاهر». وأضاف بلهجة غاضبة «على إسرائيل أن تستعد للرد على مجازرها. حضروا أكفانكم، كتائب القسام ستلاحقكم في كل مكان من فلسطين ودم ريان لن يذهب هدراً».