رأى الأمين العام لـ«حزب الله»، السيّد حسن نصر الله، أن «بعض الناس يهمهم أن تبرز المأساة في ما يحصل في غزة»، لكنه أضاف إنه رغم أهميّة إبرازها «يجب أن نرى الجوانب الأخرى أيضاً، فكبار المحلّلين والخبراء الإسرائيليّين يرون أنه بعدما انتهى اليوم السابع من العدوان، انتهى الزمن الذي كانت فيه إسرائيل تنهي حروباً بستة أيام». وتابع «اليوم إسرائيل تقتل الناس في غزة دون أن تحقق أيّاً من أهدافها، فلو كان الذي يدافع عن غزة فقط جيش نظامي، لانتهت المعركة منذ اليوم الأول، وهذا ما سوف نناقشه لاحقاً في ما خص الاستراتيجية الدفاعية، فما يحصل الآن في غزة سببه أن الذي يدافع هو المقاومة، أهل وشعب وكل غزة، والعدو لا يستطيع تحقيق شيء».وفي الكلمة التي ألقاها في الليلة الخامسة من المجالس العاشورائية في مجمع سيد الشهداء في الرويس في الضاحية الجنوبيّة، واصل نصر الله حملته على «التواطؤ العربي مع الصهاينة»، فأشار إلى فشل النظام العربي إذ «عقدوا اجتماع وزراء الخارجية العرب وأقصى ما وصل إليه هو تأليف وفد لزيارة مجلس الأمن يوم الاثنين، لماذا ليس في وقت سابق؟
وأوضح الأمين العام لـ«حزب الله» «قلت في الليلة الأولى إن هناك أموراً أقولها لم أكن أقولها في حرب تموز 2006، يومها لم نكن نريد شيئاًَ من الحكام العرب، ولم نكن نراهن عليهم، وكل ما كنا نريده أن يفكّوا عنا». وتساءل لماذا يبقى اجتماع مجلس الأمن ليوم الاثنين؟ وأجاب «لكي يأخذ الإسرائيلي وقته، فقمة إسلامية أصبحت من المستحيلات، والقمة العربية هم عاجزون عن جمعها، فقد أعطوا فرصة لأولمرت وإسرائيل ليوم الاثنين لكي يكمل قضاءه على الفلسطينيين في غزة».
وأكمل نصر الله قائلاً إن «على الإسرائيليين الانتهاء من حربهم قبل الاثنين، وإلّا فسيحرجون العرب، وهذا لا يعني أن هؤلاء لن يُمدّدوا لهم أياماً وأسابيع كما مدّدوا في حرب تموز 2006». وتساءل «لماذا يمنع العرب التظاهرات؟ إذا كان الموقف الرسمي المصري يعبّر عن الشعب المصري فلماذا يتولى رجال الشرطة منع التظاهرات؟» وأضاف «هؤلاء الحكام لا يطيقون حتى أن يتحملوا صراخ بضعة آلاف، هؤلاء لا يدركون ماذا يفعلون وهذا عاقبته الذل والضياع والتشتّت والذعر، وما نراه في غزة حتى اليوم هو الصمود».
ورأى نصر الله أن «الخيار الوحيد الباقي بالنسبة إلى إسرائيل هو الحرب البرية، ولكنّ هناك تردّداً في اعتماد هذا الخيار، وهذا سببه نجاح المقاومة في حرب تموز 2006. وقال «اليوم استعانوا بذاكرة الأيام الأولى لحرب تموز حين دمّرت دباباتهم، وصحيح أن هنالك مشهداً دامياً في غزة ولكن هناك مشهد الإرباك الإسرائيلي وصمود المقاومة، هذه المقاومة لن تكون إلا منتصرة، والمراهنون على العكس ستفشل رهاناتهم، نحن أمام منطق جديد يترسخ بفعل هذا الثبات، يجب أن نكون من أهل هذا الكلام، هنالك جوانب أخرى لهذا الموضوع سنتركها ليوم غد (اليوم)».
كما تحدّث نصر الله، في كلمته التي سيطر عليها الطابع الديني، عن دخول العامل الإيماني على المعركة فلا يبقى مجال للهزيمة، «لأن المجاهد إذا استشهد فقد فاز، وإذا لم يستشهد ينتصر، اليوم، هذه المقاومة الصابرة المعتقدة بالله هي التي تقاتل بغزة، ولذلك ينتظر العالم كله نتائج القصف»، مضيفاً «الصهاينة لم يفهموا عامل الإيمان، وهذا ما لم يفهمه بعض الحكّام العرب المتواطئين مع الصهاينة، ولم يفهمه الصهاينة أيضاً، ومن يعتبر أنه يمكن مسح المقاومة عن الوجود هو خاطئ ولا يفهم أن الصراع الذي دام عقدين دخل في مرحلة جديدة حافزها هو التوكّل على الله»، متابعاً «هذا الإيمان جعل المقاومة في لبنان تستمر وتصمد، وجعل شعبنا يتحمل، ولكن كيف يمكنهم أن يفسّروا صمود الناس وتمسكهم بالمقاومة بعد تهجير أكثر من مليون إنسان، ثم يعودون مفتخرين بالمقاومة؟ أين يجدون نموذجاً كهذا في الدنيا؟ إذاً هذا هو العامل الإيماني».