strong>الوفد العربي إلى نيويورك اليوم... ورئيس الجمعية العامة يرى سكوت الأمم المتحدة «تواطؤاً»لا قرار ولا بيان من مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في غزة، فالولايات المتحدة تقف سدّاً منيعاً أمام أي محاولة لإدانة إسرائيل، التي تعلن جهارة رفضها لأي قرار دولي قد يصدر، ما يعني أن زيارة الوفد العربي اليوم قد تكون فارغة من أي مضمون

نيويورك ــ نزار عبود
فشل مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، في الاتفاق على بيان رئاسي في شأن الأوضاع الميدانية في قطاع غزة، في وقت لا يزال فيه مشروع القرار العربي يراوح مكانه بانتظار وصول الوفد الوزاري العربي المقرّر اليوم إلى نيويورك لبدء اتصالات تمهّد لصدور قرار استبقته إسرائيل بالتأكيد أنها لن تلتزم به.
وما عجز المجتمع الدولي عن النطق به أصدره رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ميغيل ديسكوتو بروكمان، في بيان بعثه من نيكاراغوا، مطالباً بحماية أممية للشعب الفلسطيني. وشن هجوماً غاضباً على تصرفات نظام الاحتلال ووصف الغزو الإسرائيلي لغزّة بأنه «عدوان غاشم من دولة قوية للغاية على أراضٍ تحتلها خارج نطاق الشرعية». وأضاف «لقد آن الأوان أنه في حال عدم اتخاذ الأمم المتحدة قراراً صارماً أن توصم بأنها متواطئة حكماً».
وذكّر ديسكوتو أعضاء الأمم المتحدة بأن المنظمة ملزمة باحترام واجباتها المستقلة لحماية المدنيين الذين يواجهون الخرق الجماعي لحقوقهم الإنسانية بغضّ النظر عن الدولة التي ترتكب تلك الخروق. وناشدها السعي الحثيث إلى إدانة إسرائيل على الخروق الخطيرة فضلاً عن الخروج بعلاجات جديدة لتأمين الحماية للشعب الفلسطيني.
في هذا الوقت، كانت المجموعة العربية في الأمم المتحدة قد قدّمت إلى مجلس الأمن، بعد مشاورات طويلة، مشروع قرار يدعو إلى أربع نقاط تتلخّص في وقف العدوان على غزة، وإدانة إسرائيل المعتدية، وفتح المعابر بصورة دائمة، وتقديم المساعدات الإنسانية والتموينية للسكان. وطلبت المجموعة، عبر المندوب الليبي في المجلس جاد الله الطلحي، بعقد جلسة مفتوحة تنتهي بالتصويت على القرار أو بيان في أضعف الإيمان.
لكن الإسرائيليين وقفوا ضد أي مشروع قرار أو بيان رئاسي بدعم من الأميركيين، الذين أرادوا أن يحصروا المسائل في إطار القضية الإنسانية. وبعد ساعات من المشاورات المغلقة، اقترحت روسيا بياناً رئاسيّاً يلغي الإدانة لإسرائيل ويدعو إلى وقف النشاطات العسكرية من الطرفين وفتح المعابر بصورة دائمة. لكن الأميركيين رفضوا ذلك أيضاً وطالبوا بإصدار إدانة لـ«حماس» ونقل المساعدات والسماح بنقل الجرحى من دون فتح المعابر.
وبعد مشاورات طويلة، ووسط إصرار من المجموعات العربية والأوروبية وكتلة عدم الانحياز، فضلاً عن روسيا والصين، رضخت الولايات المتحدة وقبلت بأن يقرأ رئيس المجلس مندوب كرواتيا، نيفين يوريتسا، مجرد بيان صحافي لا يُضم إلى وثائق المجلس ولا يلزم أي طرف بشيء، ولا يذكر إسرائيل بالاسم، أو عدد الضحايا.
وينص البيان على أن «أعضاء مجلس الأمن الدولي يعربون عن القلق البالغ إزاء تصعيد الوضع في غزة». ويدعو إلى الوقف الفوري لأعمال العنف، ويطالب «الأطراف» بالوقف الفوري لكل العمليات العسكرية.
مندوب الولايات المتحدة، زلماي خليل زاد، قال بعد الجلسة إن «من المهم إيقاف حماس المسؤولة عن التصعيد للقصف الصاروخي». وأضاف «أود التأكد من معرفتكم لتسلسل الأحداث، الهجمات الصاروخية هي التي سبّبت هذا العنف».
مندوب روسيا، فيتالي تشوركين، الذي أدّى دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر، قال «أملنا وتوقّعاتنا أن هذه الورقة المتواضعة التي لا تعد وثيقة ستترك أثراً باحترام إعلان المجلس».
وقال دبلوماسي غربي لوكالة «فرانس برس» إن أعضاء مجلس الامن كانوا متّفقين على «الجوهر ولكن ليس على الشكل». وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تكن ترغب في التوصل إلى «شيء» رسمي. لذا انتهى الاجتماع بملخّص بسيط عرضه رئيس مجلس الأمن على الصحافيين.
وأسف المندوب الليبي، جاد الله الطلحي، للعجز في التوصل إلى اتفاق، محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية ذلك.
ومن المقرّر أن يزور وفد وزاري عربي، فضلاً عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس نيويورك، اليوم لدعم التوصل إلى اتفاق على القرار في الأمم المتحدة.
ولم تشأ مندوبة إسرائيل، غبريلا شاليف، التعهد باحترام البيان ووقف العمليات. وقالت «سنراقب في اليومين المقبلين إذا كانت حماس ستتوقف عن إطلاق الصواريخ ونقرر على ضوئ ذلك الخطوات التالية».
إلا أن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى قالت إن الدولة العبرية لا تعتزم الانصياع لقرار قد يصدر عن اجتماع مجلس الأمن. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن المصادر الإسرائيلية قولها إنه حتى لو اتخذ مجلس الأمن قراراً «ضد إسرائيل» بوقف حربها على غزة فإنه «لا ينبغي التخوف من ذلك، وبالتأكيد أن هذا الأمر لن يعيق مواصلة العملية البرية». وأضافت إنه «كانت هناك سوابق في الماضي مثل (القرار الذي اتخذه مجلس الأمن بوقف عملية) السور الواقي (في الضفة الغربية عام 2002)».
وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن القيادة السياسية في إسرائيل عبرت عن رضاها البالغ من عدم موافقة اجتماع مجلس الأمن على اقتراح ليبي بوقف العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
بدورها، وصفت حركة «حماس» عدم توصل مجلس الأمن الدولي إلى توافق بأنه «مهزلة». وقال المتحدث باسمها، فوزي برهوم، في بيان له، إن «ما جرى في مجلس الأمن مهزلة ويوضح مدى هيمنة أميركا والاحتلال الصهيوني على قراراته». وأضاف إن مجلس الأمن يؤكد «بذلك انحيازه للاحتلال ويعطي فرصة للاحتلال (الإسرائيلي) لاستكمال مجزرته في غزة».