واشنطن ــ محمد سعيدشنّ الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش، في أول تعليق مباشر له على العدوان الإسرائيلي، هجوماً ضارياً على حركة «حماس»، واصفاً هجماتها الصاروخية على إسرائيل بأنها «عمل إرهابي». أما خليفته، باراك أوباما، فيلتزم الصمت، ملتهياً بمراسم تسلّمه السلطة في 20 كانون الثاني والأزمة الاقتصادية، في وقت شهدت فيه العديد من المدن الأميركية تظاهرات تدين العدوان.
وقال بوش، في خطابه الإذاعي الأسبوعي أول من أمس، إنه يراقب مع أعضاء مجلس الأمن القومي الوضع في الشرق الأوسط عن كثب، كذلك فإن وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، تنخرط بنشاط في عملية دبلوماسية، لكن يُستبعد أن تسافر إلى المنطقة في الوقت الحالي. وادعى بوش أن «حماس»، التي وصفها بـ«الإرهابية المدعومة من إيران وسوريا»، هي المسؤولة عن انطلاق هذه الهجمات، وأنها منذ انقلابها على السلطة في غزة وهي تستورد آلاف الأسلحة والصواريخ والمدافع. كما أنها «تواصل انتهاك وقف إطلاق النار».
وردّد بوش الادعاءات الإسرائيلية بأن «حماس» «تتخفى وسط السكان المدنيين»، معرباً عن أسفه لسقوط مدنيين فلسطينيين، وعن قلقه إزاء الوضع الإنساني الذي قال إنه «ازداد سوءاً منذ استيلاء حماس على السلطة، بعدما أنفقت الموارد على منصات إطلاق الصواريخ بدلاً من الطرق والمدارس، وأظهرت أنه لا نية لديها لخدمة الشعب الفلسطيني».
وأوضح بوش أن «واشنطن تقود المساعي الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار»، محذراً من أنه «لا سبيل لوقف إطلاق النار لا يتضمن وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل». ودعا إلى وضع آليات للمراقبة للتيقن من توقف تهريب الأسلحة، وإلى دعم القيادات الفلسطينية الشرعية التي «تعمل من أجل السلام».
وجاء خطاب بوش، وسط أنباء عن أن أوباما سيبحث الأربعاء المقبل مع بوش والرؤساء الأميركيين السابقين الثلاثة جيمي كارتر، وبوش الأب وبيل كلينتون الوضع في غزة وتداعياته في المنطقة إلى جانب الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة.
وأشارت مصادر أميركية إلى أن أوباما ابتعد بدرجة كبيرة خلال فترة الاحتفال بأعياد الميلاد عن متابعة تطورات الوضع، وبرّر مساعدوه ذلك برغبته في عدم التدخل خلال الفترة الباقية لولاية بوش، على عكس أحداث مومباي التي أنسته على ما يبدو «عدم التدخل»، إذ أدلى بتصريحات عقب تلك الهجمات في شهر كانون الأول الماضي.
وذكرت المصادر أن الرئيس المنتخب تلقّى بالفعل تقارير أمنية عن الأوضاع في غزة، وتحدث مع رايس وطواقم الأمن القومي والسياسة الخارجية والأمن الداخلي في إدارته المقبلة. كذلك أجرت رايس اتصالات بالمرشحة لمنصب وزيرة الخارجية في الحكومة الجديدة، هيلاري كلينتون.
وقالت المتحدثة باسم أوباما، بروك أندرسون، إن «الرئيس المنتخب يراقب عن كثب الأحداث العالمية، وبينها الوضع في غزة». وبررت صمت أوباما بالقول إنه «ليس هناك سوى رئيس واحد حالياً وننوي احترام هذا الأمر».
ورغم صمت أوباما، فإن زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، هاري ريد، كان صوته عالياً وواضحاً حين قال: «أدعم بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها ضدّ الهجمات بالصواريخ وقذائف الهاون التي تُطلق من غزة التي تسيطر عليها حماس».
في هذا الوقت، شهدت عشر مدن أميركية رئيسية تظاهرات شارك فيها الآلاف الذين عبروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني وتنديدهم بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. فقد انطلقت هذه التظاهرات في مدن بولايات كاليفورنيا وإلينوي وبنسلفانيا وأوهايو وميسوري، مطالبةً بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وبرفع الحصار.
وفي واشنطن، نظم تحالف «آنسر» اليساري المناهض للحرب تظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية وجارتها السفارة المصرية شارك فيها نحو 3 آلاف شخص، منددين بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مطالبين بفتح معبر رفح على الفور. وصبّ المتظاهرون أمام أسوار السفارة المصرية جام غضبهم على الرئيس المصري حسني مبارك، متهمين إياه بالمشاركة في تعزيز الحصار بسبب رفضه فتح معبر رفح. ونددوا بموقف بوش المؤيد للعدوان. ولم يوفّروا أوباما لصمته.
وقال نائب رئيس المجلس الوطني للعرب الأميركيين، منذر سليمان: «إن الصمت المريب الذي التزمه أوباما يثبت أن الديموقراطيين ليسوا أفضل حالاً من الجمهوريين». وأضاف: «من العار أن يظل هذا الرجل صامتا»، محذراً من أن هذا الصمت قلص حجمه كثيراً «كذلك يعني رضاه وتواطؤه مع سياسة جورج بوش تجاه الفلسطينيين القاضية بمواصلة الحصار والقتل».
وإلى جانب العرب، شارك بعض اليهود في المسيرة، ومنهم زول زولكوفيتش، عضو منظمة «يهود ضد الاحتلال» وأحد أعضاء حزب الخضر الأميركي، الذي شدد على أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب ينبغي أن تحاسب عليها، موضحاً أنه بوصفه يهودياً أميركياً يعلن أنه فلسطيني أيضاً.
أمّا الحاخام دوفيد فيلمان، عضو حركة «ناتوري كارتا»، الذي جاء من جنوب أفريقيا للمشاركة فى التظاهرات، فقال «إن اليهود أبرياء مما يفعله الإسرائيليون، وإن فلسطين للفلسطينيين، وليس هناك في التوراة ما يشير إلى أن فلسطين أرض يهودية». وأضاف أن «الصهاينة ملعونون وأنهم لا يمتون بصلة لليهود، وأنهم حفنة من السياسيين المحتالين الذين يشوِّهون الدين اليهودي الذي يحترم ويحب الإسلام والمسلمين».