حرص المسؤولون الإسرائيليون على خفض سقف التوقعات من العملية البرية خوفاً من الفشل في تحقيقها واكتفوا بتعابير عامة، كما اتسمت تصريحاتهم بإعداد الأرضية لكل النتائج، بما فيها تكبد خسائر فادحة في صفوف الجيش والإسرائيليين
علي حيدر
برّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، ايهود أولمرت، أمس، العملية البرية في قطاع غزة بالقول إنه «لم يكن أمام إسرائيل خيار آخر سوى شن عملية عسكرية برية في قطاع غزة بعدما فعلت الحكومة كل شيء قبل أن تتخذ قرارها».
وحرص أولمرت، لدى افتتاحه جلسة الحكومة في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، على تهيئة الرأي العام لإمكان سقوط قتلى في صفوف جيش الاحتلال، مخاطباً أمهات الجنود المشاركين في العملية البرية قائلاً «لقد فكرت فيكنّ كثيراً منذ بداية العملية، وبشكل أكبر كلّما اقترب موعد اتخاذ القرار». وأشار إلى أنه «بموازاة الحلبة العسكرية تجري حملة سياسية أيضاً»، مضيفاً إنه تحدث إلى العديد من الزعماء في العالم «واستعرضت أمامهم موقف إسرائيل وغاياتها وتباحثت معهم في الضرورات الحتمية التي دفعت إسرائيل إلى التوصل إلى نتيجة أنه لا مفر من تفعيل القوة من أجل تغيير الوضع».
بدوره، وصف وزير الدفاع، إيهود باراك، العملية البرية بأنها «لن تكون سهلة أو قصيرة»، مضيفاً «ستمر أيام ليست سهلة على سكان الجنوب. كما أن العملية العسكرية تنطوي أيضاً على مخاطر على حياة الجنود». وتابع أن القرار «اتخذ بعد دراسة كل البدائل جذرياً».
وأقر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، خلال اجتماع الحكومة، بأن قواته المتوغلة تواجه معارك شديدة مع المقاومين الفلسطينيين. وأضاف إن المؤسسة الأمنية تتوقع «انخفاض عدد الصواريخ التي تُطلق باتجاه إسرائيل». وحدد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، آفي بنياهو، أهداف العملية البرية بـ«السيطرة على مناطق إطلاق القذائف الصاروخية، وتوجيه ضربة قوية لحماس وتعزيز قوة الردع». لكنه رفض تحديد هدف العمليات بوقف إطلاق الصواريخ، وقال إن تجربة حرب لبنان تجعل من هذا الهدف غير عملي.
وفي السياق نفسه، رأى رئيس جهاز «الشاباك»، يوفال ديسكين، خلال اجتماع الحكومة، أن ثمة مؤشرات أولية إلى أن «حماس أخذت تليّن موقفها حيال وقف إطلاق نار في قطاع غزة».
أما وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، فقالت إن الأهداف المتوخاة من العملية «قد تحتاج إلى عدة حملات عسكرية»، وبالتالي قد تستغرق «وقتاً طويلاً لتحقيقها». وأكدت أن أحد أهداف العملية «توجيه ضربة للبنى التحتية» لـ«حماس»، وبعد ذلك «خلق واقع جديد لا يطلقون فيه النار على إسرائيل، إلى جانب وقف التهريب إلى قطاع غزة».
ودعت ليفني العالم العربي «الذي يواجه مشاكل داخلية إلى القيام بشيء». وتابعت أن «العالم العربي المعتدل يجب أن يدرك أن حماس هي أيضاً مشكلتهم».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» أن إسرائيل تتمتع بتطابق مصالح نادر مع قادة الدول العربية المعتدلة، مصر والأردن والسعودية وبعض دول الخليج، وأن هذه الدول تنقل إلى القيادة الإسرائيلية رسائل حادة لا تقل عن تصريحات السياسيين الإسرائيليين: «اضربوا حماس ولا تسمحوا لهنية (إسماعيل هنية) بالتحول إلى نصر الله الثاني». وأضافت الصحيفة إن أولمرت وباراك وليفني يسمعون كلاماً كهذا مع محادثيهم، وأن «حماس» «يجب أن تخرج مضروبة ومرضوضة بحيث لا ترفع رأسها لفترة طويلة».
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الولايات المتحدة تدير جهوداً دبلوماسية مكثّفة مع مصر والأردن والسعودية بهدف بلورة إيقاف نار مستقر وبعيد المدى. لكن مصادر سياسية إسرائيلية أكدت أنه حتى الآن لم تنضج الصيغة التي تلبي الشروط الإسرائيلية، وتقبل بها «حماس».
وتوقعت مصادر في القدس المحتلة أن يتضمن الاتفاق العناصر التالية «وقف إطلاق صواريخ القسام، وتنفيذ عمليات في مقابل وقف عمليات الجيش في غزة، ومكافحة تهريب الوسائل القتالية من مصر إلى القطاع وإمكان وضع قوات دولية على الجانب المصري من الحدود، ووضع قوات لمراقبة تنفيذ الاتفاق كله. وفتح دائم للمعابر في قطاع غزة وإدخال دائم للمساعدات الإنسانية، مع التأكيد على معبر رفح وفق اتفاق عام 2005، وعودة عدد من قوات الرئيس الفلسطيني إلى قطاع غزة، وربما إلى معبر رفح».