تستند السياسة العامة التي توّجه المرحلة البرية من العدوان الإسرائيلي إلى قاعدة استخدام أكبر قدر ممكن من القوة والشدة في مقابل الحرص على أقل قدر ممكن من المخاطر، على أن تكون الأولوية معقودة للاعتبار الثاني
محمد بدير
أسهب المراسلون العسكريون في التعليق على الحملة البرية الإسرائيلية، التي شبّهها ناحوم برنيع، في «يديعوت أحرونوت»، «بدخول المرء في حمام بارد: التوقعات محدودة، المخاوف كبيرة».
وفي هذا المجال، تطرّق المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت»،أليكس فيشمان إلى مراحل الحملة البرية وشروطها وهدفها وتحدياتها، حيث ذكر أن الحملة البرية بدأت عمليّاً يوم الجمعة، عندما قصف سلاح الجو طرقاً، شوارع، جسوراً ومحاور لتصعيب الأمور على «حماس» في تعزيز قواتها من قاطع إلى قاطع. كما أن الغارات الجوية في مناطق مختلفة بمحاذاة الحدود، نفّذت من أجل تدمير أقصى حدّ من الأهداف المعروفة التي تنتمي إلى المنظومة الدفاعية لـ«حماس».
وتحدث فيشمان عن حملة برية تقوم على مراحل عديدة، مشيراً إلى أن ما يجري الآن هو المرحلة الأولى منها، وهي مرحلة محدودة في نطاقها، تشارك فيها وحدات نظامية فقط، وترمي إلى إدخال «حماس» في حالة صدمة، وجباية ثمن باهظ منها وتأسيس قاعدة للمرحلة التي تسيطر فيها قوات جيش الاحتلال على أجزاء واسعة من القطاع.
ويضيف فيشمان أن هذه المرحلة يفترض أن تتواصل أياماً عديدة، بحيث تجري إسرائيل في ختامها تقديراً للوضع لمعرفة ما إذا كانت «حماس» مستعدة لوقف إطلاق النار بشروط إسرائيلية أهمها: توقف إطلاق النار، الكف عن بناء قوتها (حماس) العسكرية، وقيام آلية دولية تقرر عقوبات إذا لم تلتزم «حماس» بهذه الشروط.
أما إذا لم تحقق المرحلة الأولى من الخطوة البرية هذه النتائج، ستضطر إسرائيل، بحسب فيشمان، إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطوة البرية، والتي «لا يرغب فيها أحد حقاً». وهذه المرحلة ستتضمن إدخال فرق احتياط وتوسيع الاحتلال لغزة.
وتجدر الإشارة إلى أن المرحلة الثانية تتطلب عدداً كبيراً من الجنود، وهو ما دفع المجلس الوزاري المصغّر إلى التصديق منذ الآن، كعِبْرة من عِبَر حرب لبنان الثانية، على تجنيد بضع عشرات الآلاف من رجال الاحتياط. وبحسب فيشمان، يدور الحديث عن تجنيد عدة فرق قتالية كي تكون جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية وعدم الوصول إلى وضع من المراوحة البرية مع قوات محدودة على الأرض انتظاراً لتجنيد الاحتياط للمعركة.
وفي اللحظة التي يتقرر فيها توسيع العملية، سيكون ممكناً تنفيذ ذلك من خلال قوات الاحتياط بعد أيام معدودة من مرحلة البدء وبتواصل. ومع ذلك، أشار فيشمان إلى أن «القيادة السياسية والقيادة العسكرية على حد سواء، تأملان ألا نضطر إلى الوصول إلى المرحلة الثانية».
ورأى فيشمان أن الهدف المركزي والوحيد للعملية البرية هو جباية ثمن باهظ من القوة العسكرية لـ«حماس»، «وسيقاس الإنجاز لا بمساحة الأرض التي سيحتلها الجيش الإسرائيلي، بل بعدد القتلى الذين سيقعون للعدو. فالسيطرة على مناطق إطلاق الصواريخ هي هدف فرعي، بحيث إن الفرضية يجب أن تكون إطلاق الصواريخ على إسرائيل سيستمر من عمق القطاع».
وتطرق فيشمان إلى التحديات التي تواجه «المخطط العسكري عندما يبني خطة برية من هذا النوع في قطاع غزة». التحدي الأول، برأيه، هو مرحلة الاقتحام. فبين الحدود الإسرائيلية والمنطقة الفلسطينية المأهولة هناك مجال يعتبره الفلسطينيون «مجال دفاع». هذا المجال أصبح في السنة الأخيرة هدفاً محصناً يتألف من كمائن مضادة للدبابات، قناصين، حفر ألغام، أنفاق مليئة بالمواد المتفجرة، منازل مفخخة وجملة العبوات الناسفة. في المرحلة الأولى، يفترض بالقوة الإسرائيلية أن تجتاز هذه المنطقة بحد أدنى من الإصابات. التحدي الثاني هو الصدام داخل المناطق المبنية والسكان المدنيين. هنا القرار اتخذ، بحسب فيشمان، وهو: «سلامة قواتنا قبل كل شيء».
بدوره، تطرق المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هرئل إلى هدف الحملة البرية، فقال إن «الهدف ليس مطاردة مطلقي الصواريخ في أمل عابث للعثور على آخر منصة وتدميرها، بل كسر روح المقاومة لدى حماس، بما يجبر المنظمة على الموافقة على تهدئة طويلة بشروط أكثر منطقية من ناحية إسرائيل».
ويضيف هرئل أن الجيش الإسرائيلي يقدّر أن الدخول سيؤدي إلى تآكل حقيقي في القوات النظامية لدى «حماس»، التي حتى الآن تضررت قليلاً. كما يسعى الجيش إلى أن يخلق لدى كبار مسؤولي «حماس» إحساساً حقيقياً بأن استمرار حكمهم في القطاع في خطر.